الحوثيون يعطلون تجارة إسرائيل... ويؤرقون دولاً أخرى

17 ديسمبر 2023
خمس شركات شحن عالمية من بينها ميرسك علّقت عملياتها في البحر الأحمر (Getty)
+ الخط -

بينما تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة المحاصر، وفي غياب شبه كامل للدعم العربي، هدّد الحوثيون في اليمن دولة الاحتلال، عبر استهداف السفن المتجهة إليها في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بغض النظر عن جنسيتها.

وحذر الحوثيون جميع شركات الشحن العالمية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية. والأسبوع الماضي، قال الجيش الأميركي إن ثلاث سفن تجارية تعرضت لهجوم في المياه الدولية في جنوب البحر الأحمر. وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على سفينتين إسرائيليتين في المنطقة.

وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، قالت إسرائيل إنّ الحوثيين استولوا على سفينة شحن مملوكة لبريطانيا وتديرها اليابان في جنوب البحر الأحمر.

والأسبوع الماضي، استهدف الحوثيون سفن شحن نرويجية ودنماركية، وغيرها، كانت في طريقها إلى الموانئ الإسرائيلية، ما أجبر تلك السفن على تغيير مسارها، للدوران حول رأس الرجاء الصالح، للوصول إلى غايتها في سلام. وعلقت عدة شركات شحن كبرى رحلاتها في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي يتوقع أن يسبب لها خسائر كبيرة، تضاف بالتأكيد إلى إطالة زمن رحلاتها.

الحوثيون لم يؤثروا فقط على إسرائيل بل أكثر من ذلك

ويعد البحر الأحمر طريقاً بالغ الأهمية لأغلب دول العالم، حيث تمر فيه تقريباً كل حركة البضائع المتجهة من الشرق نحو البحر الأبيض المتوسط ​​وأوروبا. وبدلاً من الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط ​​عبر الطريق القصير الذي يمر بالبحر الأحمر وقناة السويس، ستدور السفن القادمة من شرق آسيا حول القارة الأفريقية بأكملها، وتدخل البحر الأبيض المتوسط ​​عبر مضيق جبل طارق.

وإذا كانت هذه السفن تنوي التوجه إلى الموانئ الإسرائيلية، فيتعين عليها أن تسلك هذا الطريق الطويل، قبل أن تواصل مسيرتها باتجاه الموانئ الأوروبية.

وفي محاولة لاستنفار الدول الكبرى للتعامل مع التهديد اليمني للسفن المتعاملة مع دولة الاحتلال، نشرت القناة 12 الإسرائيلية، اليوم الأحد، تقريراً قالت فيه إن تهديدات الحوثيين ستعطل السفن والبضائع المتجهة لأوروبا، مشيرة إلى أن السفينة التي كان من المفترض أن تصل إلى إسرائيل من الشرق في حوالي 20 يومًا، لن تصل الآن إلا بعد 40 يومًا، ومن هناك سيتم تمديد وقت الإبحار إلى أوروبا بمقدار 10 أيام أخرى في المتوسط.

وزعمت القناة العبرية أن شركات الشحن الدولية المتشككة في ذلك اعتبرت في بداية الأمر أن تهديدات الحوثيين بمهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل هي مشكلة إسرائيلية محلية، إلا أن نظرة تلك الشركات تغيرت بعد تعرض سفن غير متجهة لإسرائيل لهجمات، على حد زعم القناة.

وأعلنت شركة الشحن OOCL من هونغ كونغ أنها لن تقوم بعد الآن بتسليم الشحنات إلى إسرائيل، على أمل أن يمنحها ذلك الحماية من الحوثيين لحركة سفنها بالقرب من سواحل اليمن، الأمر الذي زاد من المخاوف الإسرائيلية من سلوك شركات شحن أخرى نفس المسلك.

وحتى صباح اليوم، أعلنت خمس شركات شحن عالمية، من أكبر اللاعبين في مجال النقل البحري، تعليق الإبحار في البحر الأحمر، ومن بينها شركات MSC وهاباغ لويد وميرسك. 

أي بضائع تنقل عن طريق البحر الأحمر؟

ويتم نقل كل شيء تقريبًا عن طريق السفن هذه الأيام، وذلك لأن البضائع الطائرة عادة ما تكون أكثر تكلفة وتعقيدًا بالنسبة للمنتجات الثقيلة، أو تلك التي يفضل نقلها بكميات كبيرة. ونتيجة لذلك، يتم نقل الغالبية العظمى من المنتجات عن طريق البحر.

وتشمل هذه المنتجات المواد الخام، ومكونات الإنتاج، والمركبات، وقطع الغيار، والمنتجات الكهربائية بأنواعها من الثلاجات إلى المحامص الصغيرة، وحتى منتجات الملابس والأحذية. وتعتمد الواردات إلى إسرائيل بالكامل على الحركة البحرية، ويأتي حوالي 30% منها من الشرق عبر البحر الأحمر.

وبحسب تقديرات القناة العبرية، فمن المتوقع في هذه المرحلة تأخير تسليم البضائع للموانئ الإسرائيلية بنحو ستة أسابيع، وربما أكثر من ذلك. وسيؤدي التأخير في وصول المنتجات إلى انخفاض المعروض منها، وهو ما سيتم ترجمته على الأرجح في صورة ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. وتوقعت القناة ألا يقتصر ذلك على البضائع المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.

وحالياً تفرض شركات الشحن أسعارًا أعلى بنسبة 50% لنقل الحاويات مقارنة بالفترة التي سبقت تهديدات الحوثيين.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إنه من المتوقع على المدى القريب أن يكون لمشكلة نقل البضائع من الشرق تأثير خاص على قطاع الملابس، موضحة أن ذلك مرجعه أن مخزون الملابس يتم شراؤه مقدماً لموسم معين، ومن تتأخر بضائعه قد يرفع سعرها، وإلا فسيجد نفسه مضطراً للبيع بخسارة.

وتوقعت القناة أيضًا ارتفاع الأسعار في مجال المنتجات الكهربائية، خاصة الكبيرة منها مثل الثلاجات، نظرًا لأن الكميات التي يمكن نقلها منها في حاوية محدودة، وبالتالي سيتم تحميل التكاليف الزائدة على كل حاوية.

وأوضح تقرير القناة العبرية أن إسرائيل تعتبر دولة جزيرة، ونادراً ما تتلقى البضائع عن طريق البر من جيرانها، وبالتالي لن يكون لديها أي بدائل لاستيراد المنتجات عن طريق البحر، على عكس الدول الأوروبية، التي يمكنها استيراد بعض البضائع عن طريق البر.

ولا يعد الشحن الجوي في الوقت الحالي بديلاً مأموناً، حتى مع قبول ارتفاع التكلفة، بسبب توقف وصول معظم شركات الطيران إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب. وتوقفت رحلات الشحن بشكل شبه كامل، والتي كانت تقتصر على المنتجات صغيرة الحجم، حيث لا يمكن نقل المنتجات الكهربائية والسيارات وقطع الغيار وكذلك الملابس بكميات تجارية عن طريق الجو.

المساهمون