الحرب تضرب التكنولوجيا الإسرائيلية... الاستثمار في الشركات يهوي 55%

05 يونيو 2024
متخصصون في التكنولوجيا يدخلون الروبوتات في شركة تسويق في تل أبيب،11 يناير 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثيرات الحرب على غزة تسببت في تراجع كبير بصناعة التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، مع انخفاض الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة 55% وجمع رأس المال بنسبة 70% في 2023، وتخوف الشركات من تأثير ذلك على سمعة إسرائيل.
- نقل الشركات الناشئة أنشطتها وملكيتها الفكرية خارج إسرائيل بسبب الأزمة، مع تقدير ربع صناديق رأس المال أن أكثر من 30% من الشركات في محفظتهم الاستثمارية قد نقلت أو ستنقل نشاطًا كبيرًا للخارج.
- قطاع التكنولوجيا الفائقة يظل ركيزة للاقتصاد الإسرائيلي رغم الأزمة، مساهمًا بـ20% من الناتج المحلي و53% من الصادرات. هيئة الابتكار توصي بخطة استثمار حكومية والاستثمار في التعليم التكنولوجي لتعزيز القطاع.

رسم تقرير إسرائيلي صورة قاتمة لمستقبل صناعة التكنولوجيا الفائقة بالغة الأهمية في ظل عدم الاستقرار في إسرائيل، مشيراً إلى سيطرة الخوف على الشركات بشأن المستقبل في ظل التداعيات التي سبّبتها الحرب المستمرة على قطاع غزة، والتي تدنو من شهرها التاسع، فقد تراجع مؤشر النشاط التجاري إلى مستويات 2018، وهوى الاستثمار في الشركات الناشئة بنسبة 55% في 2023 وحده.

وأظهر التقرير الصادر عن هيئة الابتكار الإسرائيلية الممولة من الحكومة، أن الحرب سبّبت تباطؤ الأنشطة التجارية، أو التأخير في تطوير المنتجات، أو خفض التكاليف، أو الفشل في تحقيق الأهداف، وذلك من خلال الاستطلاعات التي أجرتها الهيئة بين 500 شركة للتكنولوجيا المتقدمة. وأشار التقرير إلى انخفاض جمع رأس المال لصناديق الاستثمار العاملة في القطاع في إسرائيل بنسبة 70% العام الماضي مقارنة بالأعوام الممتدة بين 2018 و2022، لافتا إلى أن الشركات تخشى من الإضرار بسمعة إسرائيل وسط استمرار الحرب، وكذلك نقص الكفاءات في ظل بقاء نحو 8% من إجمالي القوى العاملة في الشركات في صفوف جنود الاحتياط بالجيش.

وبحسب الاستطلاعات التي أجرتها الهيئة، فإن الضرر الذي لحق بالشركات الناشئة ملحوظ بشكل خاص، حيث أعربت 40% من تلك الشركات عن خوف متزايد من المستقبل وتتوقع من الآن فصاعداً جولات جمع استثمارات بقيمة أقل. وأفاد معظمهم بأنهم خفضوا خطط توظيف القوى العاملة للعام المقبل 2025.

ووفقاً لمعدي التقرير، فإن عدم الاستقرار في إسرائيل له تأثير سلبي على الطريقة التي ينظر بها إلى الشركات الناشئة الإسرائيلية في العالم، بما في ذلك بين المستثمرين، وقد سبّب بالفعل إخراج الأنشطة والملكية الفكرية من إسرائيل. ويقدر ما يقرب من ربع صناديق رأس المال العاملة في إسرائيل أن أكثر من 30% من الشركات في محفظتها الاستثمارية قد نقلت نشاطاً كبيراً إلى الخارج في العام الماضي، أو ستنقله قريباً، وقد قامت شركة واحدة على الأقل بذلك بالفعل، لأن المؤشرات السلبية للعمل في إسرائيل ستزداد سوءاً في العام المقبل.

وتأتي المؤشرات السلبية الكبيرة في قطاع التكنولوجيا الفائقة، في الوقت الذي يمثل القطاع أهمية بالغة للاقتصاد الإسرائيلي، حيث استحوذ القطاع في عام 2023 على نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل و53% من الصادرات بما قيمته 73.5 مليار دولار، وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلي عن تقرير هيئة الابتكار. وعلى مدى العقد الماضي، تضاعفت صادرات إسرائيل من التكنولوجيا وكان النمو مدفوعاً في الغالب بالتوسع في خدمات البرمجيات.

خلال فترات الأزمات في الماضي القريب، كانت التكنولوجيا الفائقة بمثابة "ممتص للصدمات الاقتصادية" للاقتصاد وبرزت مساهمتها في النمو، على سبيل المثال، خلال وباء كورونا وأثناء تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا التي بدأت في فبراير/ شباط 2022، إلا أن الوضع الحالي الناجم عن تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة يحمل أخطاراً عميقة للقطاع. فأي ضرر يلحق بالصناعة يؤثر مباشرة على النشاط الاقتصادي ونمو إسرائيل.

وبسبب العلاقات الدولية لشركات التكنولوجيا الفائقة (المستثمرون، الشركات المتعددة الجنسيات، العملاء، العلاقات البحثية والأكاديمية) فهي حساسة بشكل خاص لحالة علاقات إسرائيل الخارجية ومكانتها في العالم. ووفق هيئة الابتكار فإن الضرر الذي لحق بسمعة إسرائيل بسبب الحرب يعرض مستقبل التكنولوجيا المتقدمة للخطر، لافتاً إلى أن خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل (من وكالتي موديز وستاندر آند بورز العالميتين) يعبر بالفعل عن مخاوف المستثمرين الأجانب. وبما أن التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية تعتمد اعتماداً كبيراً على الاستثمارات الأجنبية، قد تتضرر بشدة في أوقات الأزمات مثل الأزمة الحالية.

9200 شركة للتكنولوجيا الفائقة

وأشار تقرير هيئة الابتكار إلى أن هناك ما يقرب من 9200 شركة للتكنولوجيا الفائقة تعمل في إسرائيل، منها 600 شركة جديدة تأسست في عام 2023، وهو رقم منخفض مقارنة بالسنوات السابقة. وتوظف الصناعة حوالي 400 ألف عامل، يشكلون 12% من إجمالي العاملين في إسرائيل، بزيادة قدرها 2.6% مقارنة بعام 2022، حيث انضم خلال العام الماضي حوالي 10 آلاف عامل وعاملة وهي زيادة منخفضة نسبياً مقارنة بالماضي. وهناك أيضا 515 مركز تطوير لشركات متعددة الجنسيات توظف ما يقرب من 90 ألف شخص.

ومع اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترك نحو 28 ألف عامل في مجال التكنولوجيا الفائقة وظائفهم للانضمام إلى الجيش بصفة جنود احتياط، 60% منهم من عمال البحث والتطوير. وكما هو متوقع، كلما ارتفعت نسبة موظفي الشركة الذين يخدمون في الاحتياط، زاد الضرر الذي لحق بها. وفي يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2024، تم بالفعل تخفيض عدد فنيي التكنولوجيا المتقدمة في صفوف جنود الاحتياط إلى أقل من 12 ألف شخص، أي حوالي 3% من جميع العاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل. وبلغ متوسط راتب موظف التكنولوجيا العالية في عام 2023 حوالي 30 ألف شيكل (حوالي 8 آلاف دولار)، أي 2.7 ضعف متوسط الراتب في قطاعات الاقتصاد. والقطاع مسؤول عن توسع الطبقة الوسطى وزيادة القوة الشرائية في الاقتصاد. ومن ثم هو من القطاعات التي بنت عليها إسرائيل تقدمها الاقتصادي.

أضرار بسبب خفض التصنيف الائتماني وسط استمرار الحرب

ومن أجل التغلب على المخاوف ومخاطر الأضرار التي تلحق بالصناعة، خاصة بسبب اعتمادها على الاستثمارات الأجنبية، أوصت هيئة الابتكار بوضع خطة استثمار حكومية متعددة السنوات في مجال التكنولوجيا المتقدمة. وفي رأيها، سيرسل خلق التزام حكومي إشارة إيجابية إلى السوق. وفي الوقت نفسه توصي الهيئة بالاستثمار في التعليم التكنولوجي الجيد لجميع الفئات السكانية. ويحذر الخبراء من أن استمرار نمو العمالة في هذه الصناعة بمعدل يتجاوز معدل النمو الطبيعي للسكان (حوالي 2% سنوياً) أمر بالغ الأهمية للتكنولوجيا الفائقة لمواصلة إحداث تأثير إيجابي على الاقتصاد الإسرائيلي.

وقال رئيس هيئة الابتكار ألون ستوبل، إن ميزانية الحكومة المخصصة للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل منخفضة نسبياً مقارنة بدول أخرى، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من الاستثمارات من مصادر أجنبية، لذلك يجب تعزيز قطاع التكنولوجيا الفائقة من خلال إضافات الميزانية من مصادر متنوعة، وكذلك الحكومية. وينشط في إسرائيل 843 صندوقاً لرأس المال الاستثماري، منها 537 صندوقاً أجنبياً و306 صناديق إسرائيلية.

وتجتذب إسرائيل معظم استثماراتها في مجال التكنولوجيا من الخارج. وفي عامي 2021 و2022، جاء ما يقرب من 80% من رأس المال الاستثماري في الشركات الناشئة المحلية ذات التقنية العالية من مصادر أجنبية. وخلال الأشهر التي سبقت اندلاع الحرب وحتى أسابيع من القتال، استحوذت شركات التكنولوجيا العالمية وكذلك اللاعبون المحليون، على مجموعة من الشركات الناشئة في مجال الأمن السيبراني التي أسستها إسرائيل، سعياً إلى تلبية الاحتياجات الأمنية سريعة النمو للشركات.

وبحسب الرئيس التنفيذي للهيئة درور بين، فإن "الأضرار التي لحقت بإسرائيل وسط الحرب، والتي انعكست بالفعل في خفض التصنيف الائتماني، قد تؤدي إلى انخفاض الاستثمارات وتدفقات رأس المال.. وفي صناعة تعتمد على رأس المال الأجنبي لنموها المستمر، يعد هذا تهديداً كبيراً، ومن واجبنا ضمان عدم حدوث سيناريو نقص التمويل". وقال إن تكنولوجيا الإنترنت والتكنولوجيا المالية ما زالتا أكثر القطاعات جذباً للمستثمرين، لكن تكنولوجيا المناخ تمثل واحدة من كل ست شركات ناشئة جديدة، إذ يسعى رواد الأعمال إلى حل التحديات التي تواجه كوكباً "يصبح أكثر دفئاً وحل مشكلات توفير الغذاء والماء وخدمات الرعاية الصحية الجيدة في عصر شيخوخة السكان".

المساهمون