الحرب الشاملة تنذر باشتعال أسعار النفط... ومخاطر على "دول الطوق"

13 اغسطس 2024
متجر في بيروت حيث بات الدولار عملة تسعير المنتجات في معظم المتاجر، 1 مارس 2023 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصاعد التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على أسعار النفط**: التوترات بين إيران وحزب الله والحوثيين من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، قد ترفع أسعار النفط إلى 200 دولار للبرميل، مما يؤثر على اقتصادات الدول المستوردة مثل الأردن ومصر ولبنان.

- **تأثير الحرب المحتملة على الاقتصاد الأردني**: الأردن، الذي يستورد كامل احتياجاته النفطية، سيواجه عبئاً كبيراً مع ارتفاع أسعار النفط، مما يزيد من عجز الموازنة العامة ويؤثر على المستهلكين والقطاعات الاقتصادية.

- **التداعيات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان ومصر**: لبنان يعاني من انهيار اقتصادي ومخزون غذائي محدود، بينما مصر ستتأثر مواردها الحيوية مثل قناة السويس والسياحة وتحويلات المغتربين، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.

تتصاعد المخاطر الاقتصادية في العديد من الدول العربية، لا سيما المحيطة بفلسطين المحتلة، التي كانت تُعرف في الماضي بـ"دول الطوق"، مع احتمال وقوع حرب شاملة في المنطقة، وسط التصعيد الحاصل بين إيران وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين في اليمن من جانب، والولايات المتحدة وإسرائيل على الجانب الآخر.

وتدق طبول الحرب بلا هوادة منذ اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في طهران، إسماعيل هنية، والقيادي في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، نهاية يوليو/تموز الماضي. ومن غير الواضح كيف ومتى سيحدث رد إيران وحزب الله تحديداً، لكن تحركات عسكرية أميركية واستعدادات إسرائيلية تشير إلى أنه بات وشيكاً، وسط تهديدات من واشنطن بتدمير اقتصاد إيران.

وتوقع خبراء في قطاع الطاقة أن تشهد أسعار النفط الخام عالمياً ارتفاعات قياسية غير مسبوقة مع تصاعد الأخطار الجيوسياسية في المنطقة، لتصل إلى 200 دولار للبرميل، فيما كان البنك الدولي قد حذر بعد أيام قليلة من عملية "طوفان الأقصى" وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من وصول أسعار الخام إلى 150 دولاراً للبرميل إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط. وهذه الأسعار وحدها كفيلة بتوجيه ضربات معيشية للعديد من دول المنطقة، لا سيما الأردن ومصر ولبنان التي ستواجه بالأساس ارتدادات مباشرة لاتساع نطاق الحرب.

وفي الأردن تتزايد المخاوف من انفلات أسعار النفط الذي يقفز بأسعار السلع الأساسية والخدمات، والحال أشد وطأة في مصر التي تعاني بالأساس من جموح التضخم وسط تغول الدولار واعتماد البلاد على الاستيراد، إذ تهدد الحرب بتضرر موارد حيوية من قناة السويس والسياحة والتصدير وتحويلات المغتربين، لا سيما إذا طاولت شظايا الحرب دول الخليج العربي.

وواصلت أسعار النفط، أمس الاثنين، الارتفاع للجلسة الخامسة على التوالي، وحافظت على المكاسب التي حققتها الأسبوع الماضي مع انحسار المخاوف من الركود في الولايات المتحدة، واستفادة أسعار الخام من التوتر الجيوسياسي في الشرق الأوسط. ولامست العقود الآجلة لخام برنت 80 دولاراً للبرميل، كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى نحو 77.2 دولاراً للبرميل. وأنهى خام برنت، الأسبوع الماضي، مرتفعاً بأكثر من 3.5% على مدار الأسبوع، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي أكثر من 4%.

ويرى خبراء اقتصاد أن الأردن سيكون من أكثر البلدان تأثراً بأي ارتفاعات أخرى على أسعار النفط الخام، كونه يستورد كامل احتياجاته من الخارج، وتحديداً من السعودية وكميات قليلة جداً من العراق لعدم وجود إنتاج محلي. وتتراوح الفاتورة النفطية للأردن بين 4.2 و5 مليارات دولار سنوياً، تبعاً للمتغيرات التي تطرأ على الأسعار عالمياً. وتشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الأردني الذي يعاني من ارتفاع عجز الموازنة العامة إلى أكثر من ملياري دولار.

وقال الخبير الاقتصادي الأردني هاشم عقل، لـ"العربي الجديد"، إن زيادة التوترات ودخول المنطقة في حالة الحرب الشاملة قد يؤديان إلى إغلاق مضيق هرمز، ممر الخليج العربي لصادرات بترولية تصل إلى 20 مليون برميل يومياً، وصعود الأسعار إلى أرقام غير مسبوقة قد تتجاوز 200 دولار للبرميل.

وأشار عقل إلى أن واردات الأردن من النفط الخام والمشتقات النفطية في حال صدقت الترجيحات بوقوع حرب شاملة ستشهد ارتفاعات قياسية كبيرة جداً، ما سينعكس على أسعار مختلف أصناف المحروقات لكافة الاستخدامات، وبالتالي زيادة الأعباء على المستهلكين والقطاعات الاقتصادية، ما يرفع أسعار السلع ويرتد على مستويات المعيشة.

ولفت الخبير في قطاع الطاقة والعضو السابق في لجنة الطاقة البرلمانية، موسى هنطش، إلى أن ارتفاع أسعار النفط بمستويات عالية حسب السيناريوهات المتداولة بشأن احتمالات الحرب الشاملة، ستكون له آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي بشكل عام وربما تدفعه للركود.

وأضاف هنطش لـ"العربي الجديد" أن تبعات ذلك على الاقتصاد الأردني وتداعياته ستكون كبيرة، وستحدث أثراً بنسبة أكبر من البلدان الأخرى، باعتبار الأردن مستورداً لكافة احتياجاته النفطية لعدم وجود إنتاج محلي باستثناء كميات قليلة من الغاز الطبيعي.

وقال إن هذا يدعو مجدداً لتأكيد أهمية تسريع تنفيذ مشاريع الطاقة، وإعادة الاستكشافات النفطية في عدة مناطق داخل الأردن، والعمل على استغلال المخزون الكبير من الصخر الزيتي، ذلك أن أسعار النفط المرتفعة تجعل من هذا المشروع مجدياً اقتصادياً وتنموياً.

ويبدو الترقب المعيشي في لبنان أشد حدة، إذ قال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، يوم السبت الماضي، إن "لبنان يحوي مخزوناً غذائياً يكفيه لمدة ثلاثة أشهر فقط"، محذراً من تداعيات اندلاع حرب شاملة بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي. وأضاف سلام أن "لبنان يمر بمرحلة صعبة من دون أي تحضيرات أو استعدادات لتحمل الحرب، والدولة اللبنانية انهارت وفقدت سيولتها وعملتها وإمكاناتها المصرفية". ويحذر مراقبون من أنه في حال توقفت الموانئ والمطارات، قد تتوقف بعض الدول عن تلقي الإمدادات الأساسية، مما يؤدي لنقص حاد في الغذاء والدواء والمحروقات.

وفي مصر، أشار محللون إلى أن اتساع نطاق الحرب سيرتد بصورة أكثر حدة على الاقتصاد المصري الذي يعاني بالأساس من تداعيات سياسات حكومية خاطئة على مدار أعوام ماضية أدخلته في دوامة الاستدانة، وانهيار سعر العملة الوطنية، وموجات متلاحقة من التضخم أنهكت القوة الشرائية لمعظم المواطنين.

وكشفت دراسة حديثة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن مصر تشهد تداعيات في مختلف المجالات وضغوطاً اجتماعية واقتصادية نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة. وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، أليساندرو فراكاسيتي: "تختبر الحرب قدرة مصر على الصمود والتعامل مع هذه الأوقات المضطربة، وخاصة التحديات المرتبطة بالصدمات الخارجية". وأشارت الدراسة إلى تضرر السياحة وقناة السويس وهي من بين عوائد حيوية للاقتصاد.

المساهمون