تجاوز المبلغ الذي أقرضته المؤسسات المالية الأميركية لما اصطلح على تسميته بنوك الظل، مثل شركات التكنولوجيا المالية ومجموعات الائتمان الخاصة، تريليون دولار، الأمر الذي دفع الجهات التنظيمية للتحذير من تسبب تنامي العلاقات بين المقرضين التقليديين وغير التقليديين في تراكم مخاطر نظامية، مما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على النظام المالي برمته.
وأفاد مجلس الاحتياط الفيدرالي، يوم الجمعة، بأن البنوك الأميركية تجاوزت عتبة الـ13 خانة (تريليون دولار) في القروض التي قدمتها للشركات المالية التي لا تقبل الودائع، وغيرها من بنوك الظل، في نهاية يناير/كانون الثاني.
وارتفع رصيد هذه القروض بنسبة 12% العام الماضي، ما جعله واحداً من أسرع الأعمال المصرفية نمواً، في وقتٍ كان معدل نمو إجمالي القروض بطيئاً، إذ لم يتجاوز 2%.
وازداد في السنوات الأخيرة نشاط تمويل الشركات الأميركية، بجميع أنواعها، لعملائها، من خلال إصدار بطاقات ائتمان خاصة بها، يمكن للعملاء الشراء باستخدامها، مع السماح لهم بسداد المبلغ المستخدم على دفعات شهرية، بعد تحميلهم فوائد على المبالغ غير المسددة.
وسعدت صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة، كما المقرضون المباشرون وغيرهم بالفكرة، فقاموا جميعاً بمدّ الشركات المُقرِضة بالسيولة اللازمة، وهو ما اعتبرته الجهات التنظيمية في الاقتصاد الأكبر في العالم توسيعاً للمخاطر. وفي كثير من الأحيان كانت البنوك التقليدية ترفض إقراض عملاء التجزئة بصورة مباشرة، بينما كان هؤلاء بعيدين عن رادار صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة.
بنوك الظل تثير قلق المراقبين
وفي أكثر من مناسبة أشارت الجهات التنظيمية إلى أن الارتفاع السريع في القروض المقدمة إلى بنوك الظل يثير القلق، وذلك بسبب قلة المعلومات أو الرقابة فيما يتعلق بالمخاطر التي تتعرض لها هذه الشركات بإقراض تلك النوعية من العملاء.
ولم يقتصر الأمر على السوق الأميركية، حيث أشار المنظمون في الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلى تخطيطهم لـ"التعمق في دراسة العلاقات بين المقرضين التقليديين وبنوك الظل". أيضاً صرح مايكل هسو، القائم بأعمال رئيس مكتب مراقب العملة، وهو أحد أكبر الجهات المنظمة لعمل البنوك في الولايات المتحدة، لصحيفة "فاينانشال تايمز" بأنه يعتقد أن المقرضين الذين يخضعون لرقابة تنظيمية ميسرة يدفعون البنوك إلى تقديم قروض أقل جودة وأكثر خطورة.
وقال هسو: "نحن بحاجة إلى إيجاد حل للسباق نحو القاع، وأعتقد أن جزءا من الطريق لحل هذه المشكلة هو إيلاء الاهتمام الواجب لتلك المؤسسات غير المصرفية".
وفي الآونة الأخيرة، سعى عدد من البنوك إلى إقامة علاقات أوثق مع المقرضين غير المصرفيين. والشهر الماضي، قالت "سيتي غروب" إنها تتعاون مع مدير استثمار بديل خارجي، لومين آركس، لتوفير "حلول رافعة مالية مبتكرة" لصندوق القروض التابع لها بقيمة ملياري دولار.
وكانت سيتي أيضاً سباقة في تقديم قرض بقيمة 310 ملايين دولار لشركة "صنبيت Sunbit"، وهي شركة تعمل بنظام الشراء الآن والدفع لاحقاً، وتتخصص في تقديم خدمات ورش تصليح السيارات ومكاتب طب الأسنان.
والعام الماضي، وقع بنك "ويلز فارغو" صفقة لإقراض المليارات لصندوق ائتماني جديد، تديره شركة "سنتربريدج"، وهي شركة أسهم خاصة، تدير أصولاً قيمتها نحو 40 مليار دولار. وقادت الشركة عمليات الاستحواذ على سلسلة المطاعم "بي.إف. تشانغ"، ومزود تكنولوجيا الأعمال "كمبيوتر ساينسز Computer Sciences Inc".
وفي عام 2010، عندما طُلب من البنوك لأول مرة أن تُحصي إقراضها للمؤسسات غير المصرفية، بلغ إجمالي القروض ما يزيد قليلاً عن 50 مليار دولار للقطاع المصرفي بأكمله. ولدى بنك "جيه بي مورغان" وحده الآن ضعف هذا المبلغ في شكل قروض لبنوك الظل.
وعلى مستوى القطاع المصرفي الأميركي، يشكل تمويل بنوك الظل الآن أكثر من 6% من إجمالي القروض المقدمة، ما يجعلها أعلى من قروض السيارات التي لم تتجاوز نسبة 5%، وأقل بقليل من استخدامات بطاقات الائتمان، التي تجاوزت تريليون دولار لأول مرة العام الماضي، ولا تتجاوز نسبتها إلى إجمالي القروض 7%.
وأواخر العام الماضي، ومع التوسع في إجراءات الرقابة على البنوك، في أعقاب الأزمة المالية الخاطفة التي ضربت عدداً من البنوك الإقليمية، اقترحت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع مطالبة البنوك بالكشف عن مزيد من البيانات حول أنواع بنوك الظل التي تقرضها.