استحدثت الجزائر رسميا صندوقا خاصا بالأموال والأملاك المصادرة أو المسترجعة في إطار قضايا مكافحة الفساد، وذلك بهدف إطلاق عملية استرجاع الأموال المنهوبة في عهد الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، بعد جدلٍ شغل الشارع الجزائري حول مصير العملية التي تشهد تأخرا بالرغم من تواصل محاكمة رجال الأعمال ووزراء بوتفليقة منذ 2019.
وحسب القرار الذي وقعه رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمان، واطلع عليه "العربي الجديد"، فإن "الصندوق سيكون تابعا للخزينة العمومية الجزائرية، تحت حساب خاص رقمه 152-302، ويكون الآمر بالصرف للصندوق الوزير المكلف بالمالية".
ووفق الوثيقة نفسها، فإن إيرادات صندوق الأموال والأملاك المصادرة ستكون من الأموال المصادرة بناء على أحكام قضائية نهائية، والأموال المسترجعة من الخارج، ومن ناتج بيع الأملاك المصادرة أو المسترجعة.
وكانت وزارة العدل الجزائرية قد كشفت، في مايو/أيار المنصرم، عن الحصيلة النهائية لعمليات المصادرة النهائية للأموال التي جرت منذ بدء عملية ملاحقة رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال والمقدرات العامة، والتي بلغت، بحسب الوزارة، ما يعادل 850 مليون دولار أميركي.
هذا إضافة إلى حجز 4766 مركبة وست سفن و301 قطعة من القطع الأرضية و119 شقة سكنية و27 محلا تجاريا، فيما تبقى مجموعة هامة من قضايا الفساد بانتظار الحكم النهائي للمحكمة العليا، قبل أن تصبح عمليات المصادرة نافذة. كما تتطلع الجزائر إلى استعادة مبالغ مالية مهربة في الخارج، وأخرى توجد في حسابات لرجال أعمال ومسؤولين في بنوك أجنبية.
وتجد السلطات الجزائرية صعوبات كبيرة في استرجاع الأموال والأملاك المنهوبة، بسبب تعقيدات قضائية والفترة الزمنية الطويلة التي تتطلبها عمليات الاسترداد من جهة، ومن جهة ثانية لكون الجزائر، وعلى غرار بقية الدول، اصطدمت بصعوبات قانونية وقضائية وعوائق كبيرة في ما يخص محاولتها معرفة مكان أموال عامة وتحويلات مالية كبيرة تم تحويلها من قبل مسؤولين ورجال أعمال من الجزائر إلى الخارج.
ومنذ انتخابه رئيسا للبلاد، وضع الرئيس عبد المجيد تبون مسألة استرجاع الأموال والأملاك المنهوبة، والأموال المهربة إلى الخارج، على رأس أولوياته، وكان قد تعهد في أكثر من مرة بأنه سيسترجع هذه الأموال، وقال في حوار تلفزيوني: "التزامنا لا يزال قائماً وعزيمتنا أيضاً، الأملاك والأموال المنهوبة المسترجعة داخل الجزائر لا تمثل شيئاً مقارنة بما تم تهريبه وإخفاؤه في الخارج، وسيأتي يوم سيبوح فيه هؤلاء بالمال الذي يخفونه، لأن ذلك في صالحهم".
ورأى أن "الأزمة الوبائية عطّلت ظرفياً تحرك المصالح الجزائرية المختصة للتحري واسترجاع هذه الأموال، لكن وجدنا تجاوباً لدى دول أوروبية للتعاون في مجال الأموال المهربة إلى الخارج لاسترجاعها، وكذلك الممتلكات".
كما اقترحت حكومة أيمن بن عبد الرحمان في مخطط عمل حكومتها الذي صادق عليه البرلمان الأسبوع الماضي، وضع آلية لإجراء تسويات ودية لاسترجاع أموال وأملاك منهوبة أو محولة إلى الخارج، تحت الضغط الذي خلّفه النقاش السياسي الذي دار أخيرا حول فكرة التسوية والمصالحة الاقتصادية والمالية، إذ كانت أحزاب سياسية ممثلة في الحكومة والبرلمان قد اقترحت وضع هذه الآلية، للاستفادة من استرجاع الأموال وتوظيفها للصالح العام.