أعلنت فروع نقابية تتبع كبرى النقابات العمالية الموالية للسلطة في الجزائر، بشكل مفاجىء، رفضها نص قانونين أحالتهما الحكومة إلى البرلمان ويتعلقان بممارسة الحق النقابي وإنشاء النقابات المهنية، وقانون ممارسة الحق في الإضراب والنزاعات المهنية، وذلك بعد أقل من أسبوع من دعوة تكتل موسع من النقابات المستقلة الحكومة لسحب مسودتي القانونين من التداول في البرلمان.
يتزايد رفض النقابات العمالية مسودات القوانين الجديدة المنظمة للعمل النقابي في الجزائر، ويمثل موقف عدد من الأفرع النقابية، التي تتبع الاتحاد العام للعمال الجزائريين (الموالي للسلطة)، تحولا كبيرا في هذا السياق.
وأعلنت نقابة الاتحاد في كبرى مصانع الحديد في الجزائر، في منطقة الحجار بعنابة شرقي، في بيان صدر مساء الخميس، عن "التنديد واستنكار ما جاء في مشروعي القانونين المذكورين، بدون اشراك القاعدة العمالية أو ممثليها الشرعيين في مناقشة المسودة المراد تمريرها"، ودانت تضمين المسودات مواد تجهض حق الإضراب، وقالت إن "بعض مواد القوانين الجديدة تتناقض مع الدستور".
وفي نفس السياق، أعلن الاتحاد العمالي لولاية بجداية شرقي الجزائر (يتبع نفس المنظمة) "التنديد بمضامين مشروعي قانون ممارسة الحق النقابي وقانون الوقاية من النزاعات الجماعية للعمل، اللذين تم إعدادهما من طرف وزارة العمل وتمت المصادقة عليهما من طرف مجلس الوزراء بصفة أحادية دون اللجوء إلى العمال وممثليهم".
واعتبر البيان أن "مثل هذه القوانين والممارسات الأحادية ستعود بنا حتما إلى عهد الاستبداد، ويحذر من المآلات السلبية التي ستؤول على النشاط النقابي بصفة عامة والعامل بصفة خاصة"، مطالبا السلطات باعادة صياغتها بالتشاور مع ممثلي العمال و"ضرورة استنفار القواعد النقابية للدفاع عن مكتسبات العمال".
وجاءت هذه المواقف بعد إحالة الحكومة الجزائرية إلى البرلمان مسودة قانون بممارسة الإضراب يتضمن حظر بدء أي إضراب عمالي قبل استنفاد وسائل الحوار والمصالحة والتحكيم، ويفرض وجود إشعار مسبق من قبل النقابات قبل 5 أيام على الأقل، ويتطلب وجوبا عقد جمعية عامة للعمال تقر الإضراب.
ويهدد القانون النقابات التي تنفذ إضرابات لا تحترم هذه الإجراءات القانونية بالحل والشطب من النشاط، كما يمنع القانون العمال المضربين والنقابات من احتلال أماكن العمل أو المؤسسات، كما يتيح للسلطات منعا مؤقتا للإضراب واللجوء إلى فرض التسخير القسري للعمال والموظفين والمستخدمين في بعض القطاعات وفي ظروف معينة.
كذلك، أحالت الحكومة مسودة قانون ممارسة الحق النقابي، الذي يفرض اشتراطات محددة للسماح بانشاء النقابات والاعتراف بتمثيلها في حال حصلت على 30% من انخراط العمال في قطاعها، ويسمح للسلطات بحل النقابات، عبر الطرق القضائية، في حال ممارستها نشاطا ذا طابع سياسي، أو في حال التهديد بالعنف أو التحريض أو ممارسة إضراب غير قانوني أو ارتكاب مخالفات من شأنها الاضرار بالأمن العام.
ويمنع النشطاء النقابيين من الجمع بين النشاط النقابي والنشاط السياسي، ويحظر القانون الجديد على النقابات تلقي أو قبول هبات مالية من جهات سياسية.
وتأتي هذه المواقف النقابية لاحقة لبيان مشترك وقعته 13 نقابة مهنية في قطاعات التعليم والصحة والشؤون الدينية والضرائب والتكوين المهني في 13 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت فيه رفضها الكامل لمسودات قانوني ممارسة الحق النقابي وممارسة الإضراب.
واعتبرت أنها قوانين "تخالف قوانين الجمهورية والاتفاقيات الدولية، وتتضمن مساسا بالمكاسب النقابية، ووضع شروط تعجيزية تخص الحق في الإضراب، وضعف حماية ممارسة الحق النقابي"، وانتقدت هذه النقابات لجوء الحكومة إلى الصياغة المنفردة لهذه القوانين من دون إشراك النقابات بصفتها شريكا اجتماعيا.