تراجعت صادرات الجزائر من الطاقة، ما يهدد بمزيد من المعاناة المالية لعضو أوبك وتكرار محتمل للمظاهرات الجماهيرية في الشوارع، وفقاً لتقرير وكالة "بلومبيرغ" الأميركية اليوم.
ويشير التقرير إلى أن الدولة الواقعة في شمال أفريقيا تكافح من أجل استمرار شحنات النفط والغاز، شريان الحياة للاقتصاد، مع سنوات من سوء الإدارة ونقص الاستثمار.
ويلفت إلى أن انخفاض الصادرات حاد للغاية، لدرجة أن الجزائر قد تتوقف عن أن تكون مصدرا للنفط الخام في غضون عقد، وفقا لشريف بلميهوب الوزير المنتدب المكلف بالاستشراف، الذي صرح للإذاعة الحكومية الشهر الماضي أن "الجزائر لم تعد دولة نفطية"، وأنها "قد لا تتمكن من تصدير برميل نفط واحد في العام 2025.
وارتفع سعر خام برنت القياسي فوق 60 دولارا للبرميل يوم الاثنين للمرة الأولى منذ أكثر من عام، لكن الأسعار لا تزال أقل من نصف ما تحتاجه الجزائر لموازنة ميزانيتها، وفقا لصندوق النقد الدولي. وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن التعادل المالي المطلوب في الجزائر، والبالغ 135 دولاراً للبرميل، أعلى من أي منتج نفطي آخر في العالم العربي.
وقال جليل حرشاوي من "المبادرة العالمية" ومقرها جنيف، وهي منظمة غير حكومية، لوكالة "بلومبيرغ" إنه: "لأول مرة منذ حوالي عقدين، يتعين على الجزائر العاصمة أن تتخذ قرارات مؤلمة سياسياً من أجل العثور على الدولارات".
وتراجعت صادرات البلاد من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال بنحو 30% في عام 2020، وفقاً لبيانات تتبع السفن من بلومبيرغ. واستمر الاتجاه ذاته هذا العام. تراجعت مبيعات النفط في الخارج إلى 290 ألف برميل فقط يومياً الشهر الماضي، أي أقل بنسبة 36 في المائة عما كانت عليه في ديسمبر/ كانون الأول، وأقل رقم منذ 2017 على الأقل.
واتفقت الجزائر وأعضاء آخرون في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على خفض الإنتاج العام الماضي مع انتشار الوباء ووقف الطائرات وإغلاق المصانع. ومع ذلك، بينما انتهكت غالبية دول أوبك حصصها، فشلت الجزائر في الغالب في الوصول إلى سقفها. ارتفع إنتاج النفط الإجمالي بشكل طفيف في يناير/ كانون الثاني، لكنه لا يزال بالقرب من أدنى مستوى منذ 2002.
مع ضعف إنتاجها، قد تفوت الجزائر الانتعاش الأخير في النفط الخام. ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من 50% منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني بفضل انتشار لقاحات Covid-19 وزيادة الطلب في الصين.
ويشهد الغاز أيضاً انخفاضاً مشابهاً، حيث انخفض إنتاج البلاد في عام 2019 إلى أدنى مستوى له منذ عقد على الأقل، وفقاً لمنتدى الدول المصدرة للغاز. في الوقت نفسه، تحرق الجزائر المزيد من الوقود في محطات الطاقة المحلية مع ارتفاع عدد سكانها، ما يترك مجالاً أقل للتصدير.
أمر رئيس الوزراء عبد العزيز جراد بخفض الإنفاق لتحقيق الاستقرار المالي للبلاد. لكن حكومته قلقة من خفض الدعم على الطاقة والغذاء.
وقال بيل فارين برايس، مدير شركة أبحاث الطاقة إنفيروس لوكالة "بلومبيرغ": "الجزائر لديها واحدة من أكبر ميزانيات الرفاهية للفرد مقارنة بنظرائها في أوبك. الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي سيكون ضرورياً إذا أردنا تجنب الاحتجاجات الجماهيرية".
وأكدت شركة الطاقة الحكومية سوناطراك أنها تهدف إلى زيادة صادرات الغاز بنحو 25% هذا العام، حتى مع خفض الإنفاق. وأعاقت التغييرات الإدارية المتكررة جهود الشركة سابقاً لزيادة إنتاج الطاقة. كان لديها أربعة رؤساء تنفيذيين في العامين الماضيين و12 منذ عام 2010.
وشرح فارين برايس: "التغييرات المستمرة في قيادات سوناطراك لم تجعل من السهل إدارة القطاع. هناك الكثير من الضغوط."
وألمحت الجزائر إلى السماح بمزيد من الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة. لكنها لا تزال واحدة من أكثر اقتصادات أفريقيا انغلاقاً، والسياسيون مترددون في السماح للشركات الدولية بممارسة المزيد من السيطرة على موارد البلاد.
كما أن الحكومة قلقة أيضاً بشأن استغلال صندوق النقد الدولي أو مستثمري السندات العالميين للحصول على أموال يمكن أن تستثمرها في حقول النفط والغاز.
وقال حرشاوي من المبادرة العالمية: "في الوقت الحالي، من المرجح أن تأتي هذه الأموال من الخارج. وهذا يثير السؤال المؤلم حول السيادة الاقتصادية".