"الثعلب العجوز" وارن بافيت يرسم خارطة الطريق للمستثمرين

24 نوفمبر 2022
وارن بافيت ومشتريات جديدة في الربع الثالث من 2022 (Getty)
+ الخط -

ينتظر المستثمرون في مشارق الأرض ومغاربها أربع مناسبات كل عام، يعلن فيها المستثمر والملياردير الأميركي الشهير وارن بافيت عن الأسهم التي اشتراها في الربع السابق، ليسارع أغلبهم بركوب قطاره، ثقة منهم في اختيارات "الثعلب العجوز"، وأملاً في أن يصيبهم جزء من حظه وثروته ونجاحه.

والأسبوع الماضي، تناقلت وكالات الأنباء خبراً يفيد بقيام الرجل البالغ من العمر 92 عاماً، من خلال شركة بيركشاير هاثاواي، التي يجلس على كرسي رئاسة مجلس إدارتها ورئاستها التنفيذية، بشراء كمية ليست قليلة من شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات، خلال الربع الثالث من العام، زاد بها ما في حوزته من الشركة الرائدة، في واحدة من أهم الصناعات خلال السنوات الأخيرة.

وبقيمة تصل إلى 4.1 مليارات دولار، أصبحت الشركة تمثل عاشر أكبر مساهمة للرجل الذي تتجاوز ثروته حالياً مائة مليار دولار، في دلالة على أهميتها المتزايدة، بعدما قررت الولايات المتحدة عدم الاعتماد على الصين في تصنيع هذه الرقائق الاستراتيجية.

واستغرب كثيرون رهان بافيت، الذي يعد سادس أغنى رجل في العالم، على قطاع الرقائق، وهو المعروف بقلة استثماراته في قطاع التكنولوجيا، حيث لا توجد في محفظته منها سوى ست شركات، من أصل 48 شركة وصندوقين متداولين في البورصة.

وبخلاف استثماره في مُصنّع الحواسب الآلية والهواتف الذكية "آبل"، وتبلغ نسبته 42% من إجمالي قيمة المحفظة، ركز بافيت استثماراته الأخيرة في قطاع الطاقة، بشراء كميات كبيرة من أسهم شركتي شيفرون وأوكسيدنتال، في عامٍ ارتفعت فيه أسهم القطاع بنسبة تجاوزت 60%.

ووفقاً للتقرير ربع السنوي للشركة، كانت بيركشاير هاثاواي مشترياً صافياً للأسهم خلال الربع الثالث، أي أنها اشترت أكثر مما باعت، بمبلغ 3.6 مليارات دولار، وهو ما يعني أن بافيت طمع أكثر مما خاف من تحذيرات المحللين، الذين ينتظر أغلبهم ركوداً قد يأتي على الأخضر واليابس من الأسهم الأميركية.

أيضاً اشترى بافيت خلال الربع المنتهي كمية قليلة من أسهم شركة معدات بناء المنازل لويزيانا باسيفيك، بقيمة قلت في نهاية الربع قليلاً عن 300 مليون دولار، ومن شركة جيفري فاينانشيال المالية ما كانت قيمته 12.8 مليون دولار. وغالباً يقوم باستثمار هذه المبالغ "الزهيدة" نائباه في إدارة محفظة الشركة تيد ويشلر وتود كومبز.

كما استثمر بافيت بالإضافة إلى شركتي الطاقة، في حصص أقل كثيراً في شركات سيلانيز (كيماويات)، وباراماونت غلوبال (إعلام)، وآر أتش (أثاث منزلي).

وعلى الجانب الآخر، وخلال الربع نفسه، خفف بافيت مما في جعبته من أسهم يو اس بنكورب وبنك أوف نيويورك ميلون (بنوك)، وجنرال موتورز (صناعة سيارات)، وكروجر (مبيعات تجزئة)، وأكتيفيجن بليزارد (ألعاب الفيديو)، وستور كابيتال (عقارات).

وأظهر وارن بافيت قدرات تجارية قوية منذ نعومة أظافره، حيث أسس شركة بافيت في السادسة والعشرين من عمره، وبعدها بتسع سنوات استحوذ على شركة القطن بيركشاير هاثاواي، وأطلق اسمها على شركته لمدة تجاوزت نصف قرن.

ركز بافيت على نمو الشركة باستثماراته في وسائل الإعلام والتأمين والطاقة والصناعات الغذائية والمشروبات، حتى أصبح واحدًا من أغنى الرجال في العالم وزادت تبرعاته الخيرية بصورة واضحة.

وُلد بافيت عام 1930 في أوماها بولاية نبراسكا، وكان والده سمسارًا في البورصة، ثم عضواً في الكونغرس الأميركي، وبقيت والدته ربة منزل.

كان بافيت هو الثاني من بين ثلاثة أطفال والذكر الوحيد، وأظهر موهبته في الأمور المالية والتجارية في وقت مبكر من طفولته، وقال أصدقاء أهله ومعارفهم إن الصبي الصغير كان معجزة في الرياضيات، يمكنه جمع وطرح أعمدة كبيرة من الأرقام في رأسه، وهي موهبة أظهرها للأعين أخيراً، وفي سن متأخرة.

في الثالثة عشرة من العمر، كانت لدى بافيت شركة صغيرة، يدير من خلالها أعماله الخاصة، ويعد أوراقاً تحليلية لبعض الاستثمارت، ويبيع ورقة معلومات خاصة بسباق الخيل. وفي العام نفسه، قدم بافيت أول إقرار ضريبي، واضعاً دراجته ضمن الحسومات التي تنتقص من الوعاء الضريبي، بقيمة 35 دولاراً.

وفي عام 1942، تم انتخاب والد بافيت في مجلس النواب الأميركي، وانتقلت عائلته إلى فريدريكسبيرغ، فيرجينيا، لتكون أقرب إلى منصب عضو الكونغرس الجديد، فالتحق بافيت بمدرسة وودرو ويلسون الثانوية في واشنطن العاصمة، حيث واصل التخطيط لطرق جديدة لكسب المال.

خلال فترة دراسته الثانوية، اشترى هو وصديقه ماكينة قذف الكرة الصغيرة، الموجودة حالياً في مدينة الملاهي، ووضعاها في محلات الحلاقة في عدة مواقع، قبل أن يقوما ببيعها لاحقاً مقابل 1200 دولار، بأسعار الأربعينيات، وخلال الحرب العالمية الثانية. 

لم يقم نجاح بافيت على ذكائه وأفكاره فقط، حيث دعم قدراته بتعليم جيد، فالتحق بجامعة بنسلفانيا في السادسة عشرة لدراسة إدارة الأعمال. مكث بها مدة عامين، قبل أن ينتقل إلى جامعة نبراسكا لإنهاء شهادته، وتخرج منها في العشرين، وحصل على ما يقرب من عشرة آلاف دولار من أعمال جانبية خلال فترة الدراسة.

وفي عام 1951، حصل بافيت على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة كولومبيا، حيث درس تحت إشراف الاقتصادي بنيامين غراهام، ثم واصل بعد ذلك تعليمه في معهد نيويورك للتمويل، أحد أهم روافد عمالقة وول ستريت.

المساهمون