- الخلافات بين الجانبين تزداد بسبب تأخر تنفيذ الاتفاقات ومماطلة في التعامل مع السفير الإيراني، ما أدى إلى وقف إيران توريد النفط الخام إلى سورية كإجراء أولي.
- توقف توريد النفط من إيران يسبب تفاقم المعاناة المعيشية، مع توقف تزويد المحروقات لوسائل النقل وارتفاع أسعار البنزين، مما يزيد الضغوط المعيشية على السوريين.
بدأ توتر العلاقات بين طهران ونظام الأسد ينعكس مزيداً من المعاناة المعيشية للسوريين وسط تفاقم أزمة المحروقات واستفحال الغلاء. فقد كشف مصدر مطلع من دمشق لـ"العربي الجديد"، عما سمّاه "زيادة القلق الإيراني والتوتر بالعلاقات مع النظام السوري" بعد خروج نشطاء محسوبين على نظام بشار الأسد على وسائل إعلام إماراتية ودعوتهم لخروج "الاحتلال الفارسي"، على حد وصفهم، من سورية، محملين إيران مسؤولية زيادة الفقر ونقص المعروض السلعي.
ويضيف المصدر المطلع، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن القلق الإيراني تزايد خلال الأسبوع الماضي، بعد "تلكؤ وزراء بحكومة الأسد" عن تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع إيران، و"مماطلة الوزراء لسفير طهران بدمشق حسين أكبري بذرائع العقوبات الدولية وحاجة سورية لأموال مباشرة" لأن المشروعات الإيرانية، بحسب المصادر، لن تدفع أموالاً للخزينة السورية بل ستستوفي الديون المتراكمة منذ عام 2013 والمقدرة بنحو 50 مليار دولار، وسورية بأمس الحاجة لسيولة لتمويل الأجور وبعض المستوردات.
وتشير المصادر إلى أن "الخلاف" تنامى بعد لقاءات وزيارات قام بها أخيراً السفير أكبري الذي عينته بلاده سفيراً مفوضاً فوق العادة بسورية، مع وزراء بحكومة الأسد، الاقتصاد سامر خليل والصناعة عبد القادر جوخدار ورئيس هيئة تخطيط الدولة فادي الخليل، والتي لم تثمر، بحسب المصادر، "أي دفع أو تحريك للاتفاقات الموقعة أو المشاريع التي وعد بها نظام الأسد طهران" والموزعة، بحسب المصادر، على قطاعات الكهرباء والفوسفات والصناعة والزراعة. وهذا الأمر دفع إيران لوقف توريد النفط الخام إلى سورية "15 يوماً كمرحلة أولى ريثما ترد حكومة الأسد على المطالب الإيرانية" وتحضر جدول لقاءات للسفير أكبري في دمشق مع غرف الصناعة والتجارة ووزراء بحكومة الأسد، لضمان دفع تنفيذ المشاريع، كما كشفت المصادر الخاصة لـ"العربي الجديد".
ويصف المحلل عبد الناصر الجاسم ما يجري بسورية بـ"تكويعة نظام الأسد التي أخافت إيران"، واصفاً تراجع توريد النفط الخام إلى مصفاتي بانياس وحمص السوريتين بأنه "أول الغيث مع تنامي تمادي نظام الأسد بالهجوم على الوجود الإيراني ومماطلته بتنفيذ الاتفاقات وإطلاق المشاريع، فربما نرى تطوراً بتوتر العلاقات ليصل لصدامات بعد تملّك إيران مفاصل حكومية وعسكرية عدة بسورية" إلى جانب ارتفاع نبرة المطالبة بالديون التي تلوّح بها طهران والبالغة نحو 50 مليار دولار. ويضيف الجاسم أن دخول دولة الإمارات على الخط، ووعودها باستثمارات بقطاعي الطاقة والصناعة بسورية، بعد تعطيل استثمارها بالكهرباء خلال الشهر الماضي، زاد التوتر بين نظام الأسد وإيران، متوقعاً أن ملامح توجه نظام الأسد الجديد سيحسم خلال القمة العربية بالبحرين أو بعدها "بناء على الأدوار الجديدة بكامل المنطقة" والتي تتفق على ضرورة تقليص التمدد الإيراني.
وانعكس التوتر ووقف توريد إيران النفط على السوق السورية مفاقماً المعاناة المعيشية لأبناء البلد، حسبما يؤكد العامل السابق بشركة محروقات دمشق محمد تللو، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، كاشفاً أن لجنة المحروقات الفرعية بدمشق أوقفت تزويد سيارات السرفيس وباصات النقل الداخلي الخاصة بالمحروقات، اليوم الجمعة، وباصات مبيت الموظفين، يومي الجمعة والسبت، والسماح لباصات النقل الداخلي العامة فقط بالتزود بالمحروقات وخدمة المواطنين. ويضيف تللو أن الأزمة الراهنة دفعت وزارة النفط والثروة المعدنية إلى تخفيض مخصصات المحافظات من المحروقات وتأخير إرسال رسائل البنزين المدعوم لأصحاب السيارات، الأمر الذي زاد الطلب بالسوق الهامشية (التهريب)، ما أوصل سعر ليتر البنزين إلى 16 ألف ليرة سورية. (الدولار في دمشق اليوم = 14750 ليرة).
وحول احتمال رفع أسعار المحروقات بعد تمهيد تخفيض المخصصات ونتيجة قلة التوريد الإيراني، رجح العامل السابق بشركة المحروقات رفع الأسعار، ما يعني بالتالي أن المعاناة المعيشية في طريقها إلى التفاقم أكثر، مبيناً أن وزارة التجارة الداخلية بحكومة الأسد تعدل أسعار المحروقات بشكل دوري بناء على تبدل السعر العالمي وزيادة تكاليف الاستيراد. وكانت حكومة الأسد قد رفعت، قبل يومين، أسعار المشتقات النفطية والفيول لتصبح الأسعار كالتالي: مازوت الحر 12426 - بنزين 95 أوكتان أصبح 14870، بنزين 90 أصبح 12000 ليرة للتر الواحد، في حين ارتفع سعر مبيع طن الفيول 300 ألف ليرة ليتجاوز سعره تسعة ملايين ليرة.