كبحت الجائحة في المغرب بلورة مشاريع أريد من ورائها دخول الشباب عالم الأعمال، خصوصاً في ظل معاناة هذه الفئة، من البطالة في الأعوام الأخيرة، علماً أنّ من يقترحون مشاريع يجدون صعوبة في الحصول على التمويل المصرفي. لم يعطِ برنامج تمويل المشاريع الصغيرة التي تستهدف الشباب، النتائج المرجوة، إذ تجلى أنّه تأثر بتوجيه الدولة جهودها لخطة إنعاش الاقتصاد، غير أنّه بدا أنّ مشاريع قدمت من الشباب المستهدف لم تحظ بالتمويل المضمون من الدولة.
وكان المغرب أطلق في العام الماضي برنامج "انطلاقة"، إذ جرى التزام توفير تمويل بحوالي 800 مليون دولار لشركات تستهدف توفير 27 ألف فرصة عمل سنوياً. وتخطط الدولة عبر ذلك البرنامج لإتاحة تمويل مضمون لفائدة الشباب من حاملي الشهادات والعاملين لحسابهم والشركات الصغيرة جداً والشركات المصدرة.
ويتوخى البرنامج إتاحة تمويل مضمون من قبل صندوق الضمان المركزي، يصل إلى 120 ألف دولار بمعدل فائدة يصل إلى 2 في المائة في المدن و1.75 في المائة في الأرياف.
وأحدثت الدولة بهدف تمويل انطلاقة "صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية" إذ خصصت له 600 مليون دولار، بمساهمة من السلطات العمومية والقطاع الخاص، في الوقت نفسه التزم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بضخ 200 مليون دولار.
ويتجلى من بيانات المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، أنه إذا كان المعدل الوطني للبطالة في حدود 11.8 في المائة، فإنه يرتفع وسط الأشخاص الحاصلين على شهادات ذات مستوى عال إلى 23.5 في المائة.
وتشير بيانات البنك المركزي، إلى أن أكثر من 33 في المائة من المشاريع التي سعى أصحابها إلى الحصول على تمويل لم يستجب لها. وجرى الانكباب قبل أسبوع على دراسة أسباب الصعوبات التي يجدها بعض الشباب في الحصول على قروض، في اجتماع جمع محافظ البنك المركزي والرؤساء التنفيذيين للمصارف.
وتجلى، حسب محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، أنّ مشاريع يقترحها شباب تجد صعوبات في الحصول على تمويل المصارف، ما يفضي إلى عدم الاستجابة، داعياً في الوقت نفسه إلى العمل على مرافقة أصحاب المشاريع حتى يتمكنون من الإحاطة بتكوين ملفات استثمار قابلة للتمويل.
ويراد إعطاء دفعة قوية لتمويل مشاريع الشباب بعد ما تعثرت بفعل الجائحة، والظرفية المهتمة بتنظيم الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة الجديدة، حيث يتوخى البنك المركزي وضع سياسة لمواكبة أولئك الشباب في إعداد مشاريعهم حتى تصبح قابلة للتمويل.
ويعتبر الخبير في القطاع المصرفي، مصطفى ملغو، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ المواكبة في إعداد المشاريع من أجل تمويلها لا يكفي بهدف إنجاح مثل هذه البرامج، بل يفترض في الدولة أن تعمد إلى تبني مقتضيات تسمح لأولئك الشباب الحصول على طلبيات، مؤكدين على ضرورة أن تكون المشاريع خالقة للقيمة.
ويتصور ملغو أنه إذا كانت المصارف تبني بطبيعتها بعض التشدد في التعاطي مع طلبات القروض، خصوصاً في الظروف الحالية المتخمة بارتفاع الديون المتعثرة، إلّا أنّه بالنسبة لمشاريع الشباب، يجب السعي قبل منح التمويل إلى القيام بدراسة جدوى لها حتى تتوفر لها شروط النجاح.