بعد سنوات طويلة من الممارسات غير المشروعة لبعض شركات التمويل في الأردن وما نتج عنها من عمليات احتيال على المواطنين وإقراضهم بأسعار فائدة مرتفعة جداً تتجاوز 11 في المائة، حسمت الحكومة الجدل، من خلال إخضاع تلك الشركات إلى رقابة البنك المركزي لتنظيم أعمالها ومعالجة الاختلالات في سوق التمويل وحماية المقترضين.
وبدأت الحكومة اعتباراً من نهاية الشهر الماضي بتطبيق نظام خاص لشركات التمويل، يشترط حصولها على التراخيص اللازمة من البنك المركزي، وعدم القيام بأعمال تنطوي على نصب واحتيال على المقترضين، ووقف المبالغة في أسعار الفائدة.
وقال مراقب عام الشركات وائل العرموطي لـ"العربي الجديد"، إن صدور النظام وتطبيقه وضعا حدا لممارسات ونشاطات غير مشروعة تقوم بها بعض الشركات التي تخالف الغايات التي رخصت من أجلها وتقوم بعمليات التمويل.
وأضاف أن دائرة مراقبة الشركات الحكومية لم تكن تمنح غاية التمويل لتلك الشركات، وإنما كانت الأخيرة بعد حصولها على الترخيص، تزاول النشاط التمويلي، وبالتالي جاء هذا القرار ليسد الفراغ التشريعي عبر تحديد الجهة التي تتولى عمليات الترخيص والرقابة على أعمال الشركات.
الحد من صيرفة الظل
ويؤدي شمول هذه الشركات بالقطاع المالي الرسمي إلى الحد من صيرفة الظل مع توفير القواعد التنظيمية لإيجاد بيئة تنافسية عادلة تكفل النمو الكفؤ والمسؤول لهذه الشركات.
ويعمل النظام، وفق نص إقراره، على تلبية الاحتياجات التمويلية للأفراد وكذلك للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لخلق المزيد من فرص العمل، كما ينعكس إيجاباً على العملاء من حيث عدم تعرضهم إلى الاستغلال وضمان الشفافية والعدالة في التعامل معهم.
ويعرَّف نشاط التمويل بحسب ما جاء في النظام، على أنه النشاط الذي ينطوي على منح الائتمان المباشر ويشمل التمويل الأصغر والتأجير التمويلي والتخصيم والتمويل العقاري وإعادة تمويل الرهن العقاري والتمويل الجماعي القائم على الإقراض وتلك التي تتم منها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأشار الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد"، إلى انتشار الشركات التي تُعنى بالتمويل في الأردن خلال السنوات الماضية في ظل غياب الرقابة عليها من قبل الجهات المختصة، وبالأخص عدم وجود مرجعية منوطة بها متابعة النشاطات غير المشروعة، ما ألحق ضررا كبيرا بالمواطنين الذين كانون مضطرين للاقتراض تحت أي ظروف ومهما كانت أسعار الفائدة.
وأضاف عايش أن بعض تلك الشركات تخالف غايات التأسيس حيث لا يوجد في عقودها وتراخيصها ما يسمح لها بنشاط التمويل والقيام بأعمال البنوك، في الوقت الذي لم يكن القانون يحدد الجهة أو المرجعية الرقابية المختصة للإشراف عليها. وقال إن تلك الشركات كانت أقرب الى البنوك في عمليات التمويل، بل أنها بالغت في احتساب الفوائد والرسوم على المقترضين، وبعض تلك الشركات قامت بعمليات احتيال على الأفراد والادعاء بقيامهم بدور الوسطاء مع البنوك للحصول على التمويل لأغراض مختلفة.
الرقابة على التمويل
وبحسب الخبير عايش، فإن إخضاع كافة الشركات التي تعمل في مجال التمويل لرقابة البنك المركزي، وإتاحة المجال لها لتصويب أعمالها سيعالج هذا الخلل، ولا سيما أن البنك المركزي معروف بصرامته ورقابته على الجهاز المصرفي وشركات الصرافة وكل الجهات الخاصة.
وحدد النظام شروط ومتطلبات الترخيص، بما في ذلك الحد الأدنى لرأس المال لكل نشاط تمويلي بما يتناسب مع نموذج عمل الشركة التي تمارس هذا النشاط وبما يضمن الاستدامة والاستمرارية لها. كما تضمن النظام متطلبات ومعايير الملاءمة الواجب توافرها في الأعضاء المؤسسين وأعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العليا، لضمان وجود إدارات كفؤة تتمتع بالخبرات اللازمة تعمل على إرساء قواعد الحوكمة الرشيدة في هذه الشركات.
وقال البنك المركزي إنه سيواصل تطوير التشريعات والأنظمة وإرساء الأطر الرقابية، بما يواكب المعايير الدولية والممارسات الفضلى التي تساعد على تحسين انتشار الخدمات المالية وتشجيع الابتكار في هذه الخدمات ليجري تقديمها بجودة عالية وتكلفة معقولة وبما يسهم في حماية المتعاملين وتعزيز التمويل المسؤول ضمن رؤية وطنية شاملة.
وكان عدد كبير من الشركات قبل إصدار النظام الجديد، غير مشمول بمراقبة البنك المركزي ولا سيما في ما يتعلق بدراسة مخاطر العميل والاستعلام عن مقدار التسهيلات الممنوحة له من قبل البنوك المرخصة والاستفسار عن القائمة السوداء التي حظر البنك المركزي التعامل معها، حيث إن ذات الشركة تقوم بدراسة مخاطر العميل الفنية والائتمانية من خلال أقسام مختصة لديها دون الرجوع إلى جهة أخرى.
وقال مدير دائرة حماية المستهلك في البنك المركزي وليد القصراوي، في تصريحات سابقة، إن هنالك شركات تمويل وهمية تهدف للاحتيال على المواطنين. وأضاف أن التنسيق مع الجهات الأمنية مستمر لضبط هذه الشركات التي تقوم بإيهام المواطنين بالحصول على قروض من جهات أخرى.