التقاعد في الأردن... توجه لتقليص الحوافز ورفع السن يخيف المواطنين

20 يونيو 2021
+ الخط -

أثارت تصريحات أخيرة للمدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن حازم الرحاحلة، عن احتمال إعادة النظر في التقاعد المبكر، مخاوف الكثير من الموظفين المقبلين على هذه المرحلة، ولا سيما أن تصريحات المسؤول الأردني تزامنت مع مطالب لصندوق النقد الدولي برفع سنّ التقاعد المبكر وتقليل الحوافز الممنوحة للمتقاعدين.

ويحدد قانون الضمان الاجتماعي سن التقاعد المبكر للذكور بـ 55 عاماً والإناث 45 عاماً، فيما تبلغ نسبة الاشتراك في الضمان نحو 23% من إجمالي الراتب الشهري، يتحمل الموظف منها 7.5%، ما يشكل بحسب الرحاحلة، أعباءً مالية كبيرة على مؤسسة الضمان الاجتماعي، من خلال ارتفاع أعداد حالات التقاعد المبكر وتراجع تقاعد الشيخوخة عند 60 عاماً.

لكن التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي، نهاية الأسبوع الماضي، تشير إلى تغيير محتمل على سياسة التقاعد في المملكة، إذ قال إنه "مع مرور الزمن أصبح التقاعد المبكر هو القاعدة، والشيخوخة هي الاستثناء"، مضيفاً أن الإقبال على التقاعد المبكر "أكبر بكثير من إقبالهم (الموظفين) على تقاعد الشيخوخة".

وأشار إلى وجود دراسة لتعديل قانون الضمان الاجتماعي خلال الأشهر المقبلة، مرتبطة بالتقاعد المبكر وثغرات في القانون الحالي، موضحاً أنه جارٍ رفع سنّ التقاعد المبكر ضمن تعديلات جديدة، لكنه لفت إلى أن هذه الخطوة لا تشمل من هم فوق سنّ 40 عاماً.

ويشمل التقاعد المبكر المعمول به حالياً كل من أكمل 50 عاماً، بشرط ألا يقل اشتراكه في صندوق الضمان الاجتماعي عن 252 شهراً للذكر و228 للأنثى أو لمن بلغ سنّ 45 عاماً من كلا الجنسين، بشرط تأدية 300 اشتراك بموجب أحكام قانون الضمان الاجتماعي.

وكانت تقارير محلية قد أشارت إلى وجود مخاوف على مستقبل الضمان الاجتماعي بسبب تعثر العديد من الاستثمارات، وكذلك ارتفاع مستحقات المؤسسة لدى الحكومة.

لكن الرحاحلة قال في حديث خاص لـ"العربي الجديد" إن "الوضع المالي لمؤسسة الضمان الاجتماعي آمن، ولكن هناك حاجة من حين لآخر لإجراء التعديلات اللازمة والمناسبة بما يمكن المؤسسة من الاستمرار في تقديم خدماتها على الوجه الأمثل".

وأضاف أن "التقاعد المبكر عند إقراره جاء ليكون الاستثناء، بحيث يُمنع المؤمن عليهم من التقاعد في سنّ مبكرة للضرورة، لكن ما حصل كان العكس، حيث ارتفعت أعداد المتقاعدين على النظام المبكر بشكل كبير، رغم أن العامل في سنّ 45 أو 50 يكون في أوج عطائه، وهناك خبرات كبيرة يفقدها سوق العمل نتيجة لذلك".

وأشار إلى أن السن المحددة للتقاعد المبكر في المملكة غير موجودة في الدول الأخرى، بينما معدل الأعمار في الأردن بارتفاع، بحسب البيانات، وبالتالي بإمكان الشخص الاستمرار في العطاء لفترات أطول، وبكل كفاءة واقتدار.

وتابع: "هناك حاجة لإعادة النظر من حين لآخر في وضع الضمان الاجتماعي وإجراء الدراسات الاكتوارية اللازمة لغايات الوقوف على المسار المالي للضمان الاجتماعي والتقاعد الذي يقدمه للمؤمن عليهم".

وفي مقابل التبريرات التي حملها المسؤول الأردني بشأن تعديل نظام التقاعد، كان لصندوق النقد الدولي مطالب واضحة حول رفع سنّ التقاعد المبكر وتخفيض الحوافز المقدمة إلى المتقاعدين لضمان قدرة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي على الاستمرار، مقترحاً تطبيق معادلة منافع جديدة على سنوات الاشتراك لتشجيع المشتركين على عدم التقاعد مبكراً.

وتقدَّر الفاتورة السنوية لرواتب متقاعدي الضمان الاجتماعي بحوالى 1.5 مليار دولار، يستفيد منها حوالى 233 ألف متقاعد، منهم 113 ألفاً بنظام التقاعد المبكر، يشكلون 48% من إجمالي المتقاعدين. ويتجاوز عدد المشمولين تحت مظلة الضمان الاجتماعي بحوالى 2.4 مليون شخص من القطاعين العام والخاص.

وقال رئيس المرصد العمالي، أحمد عوض لـ"العربي الجديد" إن "الحديث مجدداً عن احتمال إعادة النظر في التقاعد المبكر، في ضوء مطالب صندوق النقد والبنك الدوليين، يثير المخاوف على مستقبل العمال والمؤمن عليهم، ولا سيما أن الخاضعين للضمان الاجتماعي اليوم هم العاملون في القطاعين العام والخاص، بعد التوقف عن نظام التقاعد المدني منذ أكثر من 30 عاماً".

وأضاف عوض أن من حق العامل عند سنّ معينة وتحقيق عدد الاشتراكات المطلوب في الضمان الاجتماعي، طلب الإحالة على التقاعد، ضمن آلية تراعي مصالح مؤسسة الضمان ووضعها المالي، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من المتقاعدين مبكراً أمضوا سنوات طويلة في العمل تصل إلى 30 عاماً، وبالتالي لا داعي لاستمراره في العمل، لكون أي فترة إضافية لا تدخل في حسابات الضمان الاجتماعي بمعنى توقف الاشتراك عند 360 اشتراكاً.

وتابع أنه يجب البحث عن بدائل أخرى غير التفكير في إلغاء أو تقليل الحوافز للتقاعد المبكر الذي من أهدافه أيضاً توفير فرص عمل لآخرين.

وكانت الحكومة الأردنية قد قررت، أخيراً، استبعاد المبالغ التي اقترضتها من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من حجم المديونية العامة، بناءً على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي أثار مخاوف الأردنيين من ضياع مدخراتهم في المؤسسة وعوائدها المالية وعدم مقدرتها لاحقاً على دفع الرواتب التقاعدية والامتيازات للمؤمن عليهم من الموظفين والعمال.

وحسب المدير العام للمؤسسة، تبلغ ديون الضمان الاجتماعي المترتبة على الحكومة حوالى 8.5 مليارات دولار، بينما تصل موجودات المؤسسة إلى نحو 15.5 مليار دولار. وتعتبر المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أنشئت عام 1978 وتدار من قبل مجلس إدارة من القطاعين العام والخاص ويرأسه وزير العمل، مظلة أمان لغالبية الأردنيين والعمال الوافدين من خلال توفير الرواتب التقاعدية وحالات العجز في أثناء العمل.

وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ"العربي الجديد" إنه يجب التركيز على الجوانب الاستثمارية لتنمية أموال الضمان الاجتماعي وإدارة الموجودات بصورة تعظم العائد المادي بما يمكن المؤسسة من تلبية ارتفاع حالات التقاعد سواء المبكر أو الشيخوخة، مشيراً إلى أن رفع سنّ التقاعد المبكر سيحرم فئة كبيرة من المشتركين الحصول على التقاعد مبكراً، ولا سيما أن البعض يلتحق بسوق العمل في سنّ مبكرة أيضاً.

وأضاف مرجي أنه يجب أيضاً توقف الحكومة عن الاقتراض من أموال الضمان الاجتماعي وتسديد المستحق منها لعدم التأثير بملاءة المؤسسة المالية، ولتفادي أي عثرات مالية مستقبلاً.

المساهمون