التضخم يرتفع ويلتهم مداخيل الأردنيين.. والإقبال على العقارات يتراجع بسبب الفوائد العالية
تواصل أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها تسجيل ارتفاعات كبيرة، مجهزة على ما بقي من مداخيل الأردنيين المنهكة بتراجع قدرتها الشرائية وتغطية الاحتياجات الأساسية للأسر، فيما تلحق تكاليف التمويل العالية أضراراً بالعقارات التي تشهد إحجاماً عن الطلب.
وبحسب بيانات رسمية معلنة اليوم الخميس، بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك للأشهر العشرة الأولى من هذا العام الجاري 106.53 مقابل 102.29 للفترة نفسها من عام 2021، مسجلاً ارتفاعاً نسبته 4.14%.
ومن أبرز المجموعات السلعية التي ساهمت في هذا الارتفاع، مجموعة الوقود والإنارة 23.57% والنقل 5.84% والإيجارات 2.17% والثقافة والترفيه 9.4% والخضروات والبقول الجافة والمعلبة 7.21%.
البنك المركزي الأردني قال إن المستوى العام للأسعار ارتفع قياساً بالتغير النسبي لأسعار المستهلك خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 3.8% مقابل ارتفاع نسبته 1.1% خلال ذات الفترة من العام الماضي.
وبحسب تقرير اطلع عليه "العربي الجديد"، جاء الارتفاع نتيجة للزيادة في عدد من المكونات الأساسية لسلة المستهلك، ومن أبرزها بند الوقود والإنارة الذي ارتفعت أسعاره 21% مقارنةً بتراجع نسبته 0.7% في الفترة المقابلة، إلى جانب مجموعة النقل التي ارتفعت 5.8% مقارنةً بارتفاع نسبته 3.6% سابقاً.
وقد رفعت الحكومة أسعار المشتقات النفطية عدة مرات العام الحالي بموجب التسعير الشهري الذي تقوم به شهرياً، في ضوء المتغيرات التي تطرأ على الأسعار عالمياً.
وبحسب بيانات البنك المركزي، ارتفعت أسعار الخضروات والبقول الجافة والمعلبة 10.2%، مقارنةً بتراجع نسبته 14% خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، تأثراً في جانب منه بعوامل الطلب والعرض في السوق المحلية.
وقال البنك الدولي سابقاً إن أسعار الأغذية في الأردن ارتفعت في سبتمبر/أيلول الماضي بنسبة 3.2%، مشيراً إلى أن التضخم بلغ أعلى مستوياته في 4 سنوات في أغسطس/آب الماضي عند 5.4% على أساس سنوي قبل أن يستقر نسبياً في الشهر الماضي.
وقال الخبير في قطاع النفط هاشم عقل، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية لمستويات قياسية غير مسبوقة في الأردن أدى إلى انعكاسات مباشرة على أسعار السلع، وخاصة الغذائية منها، وحتى الخدمات، نظراً للزيادة التي طرأت على كلف الإنتاج.
وأضاف أن الطاقة تشكل جزءاً كبيراً من كلف إنتاج المواد الغذائية، ومنها أجور الشحن والنقل التي تضاعفت عدة مرات في آخر عامين، بسبب أرتفاع أسعار النفط، وكذلك جائحة كورونا وتداعياتها، ولاحقاً الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأشارت جمعية حماية المستهلك إلى أن معظم السلع شهدت ارتفاعاً، فالأمر لا يتعلق فقط بالمواد الغذائية، بل بالسلع الأساسية الأُخرى، وقد طاول الارتفاع معظم السلع، بما فيها الكمالية الأساسية.
إحجام عن شراء عقارات الأردن لارتفاع تكاليف التمويل
في سياق متصل بموجة الغلاء، قال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردنية كمال العواملة، لـ"رويترز"، اليوم الخميس، إن ارتفاع تكاليف التمويل لشراء الشقق السكنية أدى إلى تراجع حركة تداول العقارات في المملكة خلال العام الحالي مقارنة بالأعوام السابقة.
وقال العواملة إن ارتفاع أسعار الفائدة وصعوبة الحصول على القروض زاد من الأعباء على المواطنين وقدرتهم على تأمين مسكن يلبي حاجاتهم في ظل ارتفاع أسعار الشقق بعد جائحة كورونا.
وبحسب أرقام رسمية، انخفضت حركة بيع العقارات في الأردن في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة 7% على أساس سنوي، إذ تراجعت عمليات بيع الشقق 3%، وانخفض بيع الأراضي 9% على أساس سنوي.
ورفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة 6 مرات هذا العام، كان أولها في مارس/آذار بنسبة 0.25%، وآخرها 0.75% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضح العواملة أن أسعار الشقق السكنية زادت "من 10% إلى 15% العام الحالي نتيجة الزيادة في كلف مدخلات البناء، كالأسمنت والحديد والألمنيوم، بالإضافة إلى ارتفاع كلف العمالة"، مشيراً إلى أنه "بسبب جائحة كورونا وارتفاع كلف الشحن بنحو سبعة أضعاف زادت أسعار المواد الخام الداخلة بالبناء، ورغم عودة انخفاض كلف الشحن العام الحالي لم تعد الأسعار كما كانت قبل الجائحة".
ولفت إلى أنه "في كورونا مع تراجع الطلب استقرت أسعار الشقق، ولكن كان معظم المستثمرين يبيعون بهامش ربح قليل، تقديراً لظروف المواطنين من جهة، ولتوفير السيولة لهم من جهة أخرى"، داعياً البنك المركزي لمخاطبة البنوك كيلا ترفع الفائدة على القروض السكنية، وأن تستثنيها مقارنة بالقروض التجارية الأخرى.
وأوضح أن الحاجة السنوية من الشقق السكنية في المملكة تبلغ نحو 80 ألف شقة، لكن البيروقراطية في الحصول على تراخيص البناء تؤثر سلباً بتوفير تلك الحاجة، الأمر الذي يؤدي الى تراجع العرض، وبالتالي بقاء الأسعار مرتفعة.
وأكد أن المستثمرين في قطاع الإسكان يعانون من طول مدة الحصول على ترخيص البناء، التي قد تصل إلى عام كامل، وتحديداً في العاصمة عمان.
وذكر محمد نصر الله، الموظف في القطاع الخاص، أن البنك التجاري الذي يقترض منه أبلغه برسالة نصية أنه رفع الفائدة على قرضه لتصبح 9% بدلاً من 8.5% العام الماضي، وأن القسط الشهري أصبح 420 ديناراً (310 دولارات) بدلاً من 395 ديناراً. (الدولار= 0.709 دينار).
وبين نصر الله، وهو رب أسرة مكونة من 4 أفراد، أن القسط الشهري ارتفع بمقدار 25 ديناراً ليزيد الأعباء عليه وسط غلاء المعيشة وثبات الدخل.
وقال: "راتبي الشهري موزع بشكل دقيق على قائمة أولويات معروفة، ولها حاجة ملحة، ولا يمكنني تحمل أي زيادة من هنا أو هناك مهما كان المبلغ، سأضطر إلى تأجيل دفع فواتير الإنترنت أو الهاتف من أجل تسديد القسط".
وكشف آخر تقرير عن الاستقرار المالي صادر عن البنك المركزي أن المقترضين من البنوك المحلية في المملكة يدفعون 45% من دخلهم الشهري في سداد قروض.
وبحسب التقرير، فقد ارتفع إجمالي القروض السكنية المترتبة على الأفراد لصالح البنوك في نهاية عام 2020 إلى 4.479 مليارات دينار مقابل 4.27 مليارات في نهاية عام 2019 بنسبة نمو بلغت 4.7%.
وشكلت القروض السكنية الممنوحة للأفراد 80% من إجمالي التسهيلات العقارية في نهاية عام 2020، وبلغت 5.59 مليارات دينار، فيما شكلت القروض لشراء الأراضي 20% من إجمالي التسهيلات العقارية في الأردن.