استمع إلى الملخص
- **توقعات خفض الفائدة**: رغم ارتفاع التضخم، يتوقع بعض الخبراء خفض الفائدة في سبتمبر بسبب تباطؤ ضغوط الأسعار في قطاع الخدمات، مع تراجع توقعات الأسواق لخفض الفائدة إلى 65%.
- **تحديات البنك المركزي الأوروبي**: البنك المركزي الأوروبي يواجه تضخمًا "مضطربًا"، مع ارتفاع أسعار الخدمات والطاقة، ويترقب التضخم الأساسي الذي استقر عند 2.9%.
شهدت منطقة اليورو ارتفاعاً طفيفاً في معدل التضخم السنوي، حيث سجل 2.6% في يوليو/تموز، الأمر الذي ربما يعقد حسابات البنك المركزي الأوروبي، ويعطل خفضاً للفائدة انتظره المستثمرون والمقترضون منذ فترة، وكان وشيكاً قبل صدور البيانات الأخيرة.
وأظهرت البيانات الصادرة، يوم الأربعاء، أن ارتفاع الأسعار في منطقة اليورو الشهر الجاري كان أكبر من الارتفاع الذي جرى تسجيله الشهر الماضي، والذي شهد معدلاً سنوياً 2.5%، وأيضاً أعلى من توقعات خبراء الاقتصاد ممن استطلعت "رويترز" آراءهم، الذين توقعوا أن تظل ضغوط الأسعار ثابتة، في أول شهور النصف الثاني من العام. وتسبب ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة تكاليف السلع في دفع التضخم الإجمالي إلى الارتفاع في الدول العشرين التي تتعامل باليورو.
وقال خبراء الاقتصاد في بنك "آي إن جي" الهولندي إن الأرقام جعلت احتمال خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل لواضعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر/أيلول "أمراً مستبعداً للغاية". ويعتقد البعض أن تباطؤ ضغوط الأسعار في قطاع الخدمات المهيمن، وهو القطاع الذي يثير قلق العديد من واضعي السياسة النقدية بين مكونات اقتصادات منطقة اليورو كلها، قد يكون كافياً لإقناعهم بدعم خفض آخر لأسعار الفائدة، الذي يبلغ الآن 3.75%، بمقدار ربع نقطة مئوية.
وقالت فرانزيسكا بالماس، الخبيرة الاقتصادية في "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة، إن "الانخفاض الطفيف في تضخم الخدمات في يوليو ربما يكون كافياً للإبقاء على توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر"، مضيفة أن القرار قد يتوقف على الاتجاه الذي سيتحرك فيه التضخم في شهر أغسطس/آب. ولا تزال الأسواق تعتقد أن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة في منطقة اليورو في سبتمبر، حيث تشير أسعار مقايضات سعر الفائدة إلى احتمال بنسبة 65% لانخفاض تكاليف الاقتراض، على الرغم من أنه كان بنسبة 80% قبل بضعة أسابيع.
وظلت عائدات السندات الألمانية لأجل عامين، والحساسة لأسعار الفائدة، منخفضة، حيث تراجعت بنسبة 0.02 نقطة مئوية لتسجل 2.54%. وتشير حركة عوائد السندات، التي تتحرك عكسياً مع الأسعار، إلى أن المستثمرين ما زالوا يتوقعون أكثر من خفض لأسعار الفائدة من قبل صنّاع السياسات، قبل نهاية العام. وبدأ البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة في يونيو/حزيران، قبل معظم البنوك المركزية الكبرى الأخرى، حيث أصبح أكثر ثقة في أن التضخم سينخفض إلى هدفه البالغ 2% بحلول العام المقبل، لكنه أبقى أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه الأخير هذا الشهر.
وقال واضعو أسعار الفائدة إن التضخم سيكون "مضطرباً" لمعظم فترات العام الحالي. ولا يزال بعض صنّاع السياسات قلقين من ارتفاع أسعار الخدمات بسرعة كبيرة، مما يبقي التضخم الإجمالي مرتفعاً بشكل مستمر. لكن "يوروستات"، وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي التي تنشر البيانات في منطقة اليورو، قالت إن نمو أسعار الخدمات تباطأ بنسبة 0.1 نقطة مئوية إلى 4% في يوليو.
وكان من المتوقع أن تؤدي سلسلة من الأحداث الرياضية والثقافية الكبرى، إلى جانب بداية موسم السياحة الصيفي، إلى ارتفاع أسعار العديد من الخدمات ذات الطلب المرتفع في منطقة اليورو المحببة للسياح من أغلب دول العالم، بما في ذلك غرف الفنادق وتذاكر الطيران. وقال فريدريك دوكروزيت، الخبير الاقتصادي في شركة بيكتيت لإدارة الثروات، إن رقم التضخم الأعلى في يوليو/تموز "ليس مثيراً للكثير من القلق، لكنه سيبقي البنك المركزي الأوروبي على الجانب الحذر".
وتسارع التضخم في أسعار الطاقة من 0.2% في يونيو/حزيران إلى 1.3% في يوليو، بينما تباطأ في المواد الغذائية والكحول والتبغ إلى 2.3%، بينما ارتفعت تكاليف السلع الأخرى قليلاً، وبنسبة لم تتجاوز 0.8%. وظل مؤشر التضخم الأساسي الذي يراقبه البنك المركزي الأوروبي من كثب، والذي يستبعد الطاقة والغذاء لإعطاء صناع السياسات صورة أفضل للضغوط السعرية الأساسية، دون تغيير عند مستوى 2.9%، رغم وجود توقعات كبيرة بتباطؤه.
وقال توماس ويلديك، الخبير الاقتصادي لدى شركة الاستثمارات "تي رو برايس"، إن معدل التضخم الأساسي الذي جاء أعلى من التوقعات يرجع إلى ارتفاع تكاليف شحن الحاويات، الذي دفع التضخم في السلع إلى الارتفاع. وقال ويلديك إن البنك المركزي الأوروبي من غير المرجح أن يقلق كثيراً بشأن هذا الأمر، حيث تظهر سوق العقود الآجلة للمراهنة على أسعار الشحن "أنه من المرجح أن يكون مؤقتاً".
وفي يونيو/حزيران، خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة القياسي على الودائع في منطقة اليورو من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4%، تحسباً لوصول التضخم إلى هدفه البالغ 2% بحلول العام المقبل. وفي حين ترك البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير قبل أسبوعين، قالت رئيسته كريستين لاغارد إن قراره التالي في سبتمبر/أيلول لا يزال "مفتوحاً لكل الاحتمالات" وسيعتمد على كيفية تطور البيانات.
وقالت إيزابيل شنابل، عضوة المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، الأسبوع الماضي، إن "التضخم المستمر في قطاع الخدمات يظهر أن "الأمتار الأخيرة" من المعركة ضد التضخم صعبة بشكل خاص". لكنها أضافت في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ أن التضخم لا يزال من المتوقع أن "يتقارب تدريجياً" مع مستواه المستهدف العام المقبل.