بدأت كرة ثلج تضخم الأسعار بالتسارع في سورية، لتصل إلى الدواء، بعد رفع حكومة نظام بشار الأسد، الثلاثاء، سعر مادتي المازوت والبنزين، وانسحابها من الدعم الحكومي، إثر إعلانها بيع المشتقات النفطية بأسعار الكلفة، كما جاء على لسان وزير التجارة خلال تصريحات لإذاعة محلية أمس، ليزيد تراجع سعر صرف الليرة السورية من تضخّم الأسعار، بعد أن سجل الدولار 6 آلاف ليرة اليوم الخميس.
وأعلنت مديرية الشؤون الصيدلانية في دمشق أمس، رفع أسعار مجموعة من الأدوية بنسبة وصلت إلى نحو 30%، موضحة أن القرار جاء استكمالاً لمتابعة توافر الأدوية في الأسواق المحلية، وعطفاً على إعادة دراسة التكاليف التشغيلية لبعض الأدوية.
ويأتي رفع أسعار الدواء للمرة الثالثة العام الجاري، لتصل نسب الزيادة الرسمية إلى أكثر من 130% هذا العام، بحسب ما يؤكد العامل في قطاع الأدوية، أحمد صمودي، الذي قال إن الأسعار في الصيدليات أعلى من الأسعار التي تحددها وزارة الصحة.
وأشار صمودي لـ"العربي الجديد" إلى أن بعض الأدوية ارتفع سعرها منذ "الأزمة" بين 1000 و1500%، بل تعدى رفع أسعار أدوية أمراض خطرة وسارية ومضادات حيوية، بنحو 4000% عما كانت عليه عام 2011، ناسباً الأسباب إلى توقف منشآت تصنيع الدواء والتخلي عن دعم القطاع وارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة وتكاليف الإنتاج في سورية.
ورأى المتخصص صمودي أن الخطر الحقيقي يتمثل بعدم توافر كثير من الأدوية الضرورية، وخاصة أدوية أمراض الكلى والسكر والضغط وجرعات الأمراض الخطرة، وإن توافر البديل، فهو مهرّب وغير مراقب صحياً وبأسعار مرتفعة جداً، مبيناً أن "سعر دواء "زيروليك 100" وصل إلى 17 ألف ليرة، و"نوركولت" إلى نحو 20 ألف ليرة، وطاولت الارتفاعات الأدوية المسكنة والفيتامينات وأدوية الأطفال، وبلغ سعر الأسبيرين نحو 14 ألف ليرة، والمضادات الحيوية تضاعف سعرها هذا العام أكثر من خمسة أضعاف، هذا إن توافرت".
وحول ذريعة مديرية الشؤون الصيدلانية برفع سعر الدواء لتوفره، قال تاجر الأدوية السوري: "لا أعتقد سيتم توفير الأدوية"، لأن الأسعار بعد الرفع لا تحقق التوازن للمنشآت، كاشفاً عن طرائق تلاعب بالمادة الدوائية الفعّالة التي تلجأ إليها بعض المنشآت، لتبقى على قيد الإنتاج، معتبراً الحل بعودة مصرف سورية المركزي لدعم هذا القطاع الذي تأثر كثيراً بعد تراجع تمويل الاستيراد وترك أصحاب المنشآت الدوائية لقدرهم وتدبر تأمين الدولار من السوق وشركات الصرافة.
وكشف الطبيب السوري، إبراهيم شحود، لـ"العربي الجديد"، أن تسعير الأدوية بسورية مرتبط بسعر صرف الدولار، وذلك منذ عامين، بالتوازي مع تهاوي سعر صرف الليرة، فقد أصدر المصرف المركزي قراراً عام 2020، يتيح لوزارة الصحة تسعير الأدوية، بحسب سعر صرف الدولار.
ويضيف شحود أنه رغم ذلك القرار، لم تزل منشآت تصنيع الأدوية تتعرض للغبن، بعد توقف تمويل مستوردات المواد الأولية والآلات ومعاملتها حسب السعر الرسمي للدولار "3015 ليرة"، في حين أنّ الدولار بالسوق اليوم أكثر من 6 آلاف ليرة.