استمع إلى الملخص
- الحكومة التركية تتخذ إجراءات لمكافحة التضخم، بما في ذلك تقليص الإنفاق الحكومي وإعلان التقشف، مما قد يؤدي إلى تراجع نسبة النمو لكن مع توقعات بتحسن سعر صرف الليرة وانخفاض التضخم.
- وزير الخزانة والمالية يعبر عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد التركي، مشيراً إلى نجاح البرنامج الاقتصادي الحكومي في تحقيق نمو متوازن، انخفاض في عجز الحساب الجاري، وتحسن التوقعات الإيجابية.
أظهرت بيانات رسمية اليوم الاثنين أن تضخم أسعار المستهلكين على أساس سنوي في تركيا بلغ 75.45 بالمئة في مايو/ أيار الماضي بما يفوق توقعات بنوك الاستثمار العالمية. وتشير التوقعات إلى أن التضخم وصل بذلك إلى ذروته قبل أن يتراجع بفعل سلسلة من عمليات الرفع لأسعار الفائدة واستقرار الليرة نسبيا. وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بسبب زيادة مصروفات التعليم والمساكن والمطاعم الشهر الماضي.
ووفقا لمعهد الإحصاء التركي، من المتوقع أيضا أن يتراجع التضخم على أساس شهري بعد مايو/ أيار، الذي بلغ خلاله 3.37 بالمئة، مقارنة مع 3.18 بالمئة في أبريل/ نيسان الذي بلغ التضخم على أساس سنوي فيه 69.80 بالمئة.
ورفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة 4150 نقطة أساس منذ يونيو/حزيران من العام الماضي على عكس سياسات التيسير النقدي التي انتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مدى سنوات لتعزيز النمو، لكنها أدت إلى ارتفاع التضخم.
ولا يزال جموح التضخم في تركيا يهدد اقتصادها على الرغم من نسبة النمو المحققة والتي فاجأت المراقبين خلال الربع الأول من العام الجاري. فقد فاجأت النسبة الخبراء، بعد أن احتلت تركيا المرتبة الأولى في أرقام النمو بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، رغم نسبة التضخم المرتفعة وتراجع سعر صرف الليرة التركية اللذين يؤثران في تكاليف الصناعة وتراجع الصادرات التي تأخذ تركيا منهما، طريق نموها الرئيس.
ويرى الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن نمو الناتج المحلي الإجمالي "الكبير" ربما يكون آخر نمو على هذا النحو، لأن تركيا أعلنت الحرب على التضخم، ما يعني في رأيه، تراجع الطلب المحلي، وبدء التباطؤ لتتراجع نسبة النمو إلى أقل من 3% خلال الربع الثاني من العام الجاري.
ويضيف أويصال أن التضخم اليوم، هو عدو الاقتصاد التركي الأول، متوقعاً تراجع نسبته ابتداء من الربع الثالث من العام الجاري، بعد الإجراءات الحكومية، وفي مقدمتها تقليص الإنفاق الحكومي وإعلان التقشف لمدة ثلاث سنوات، مشيراً إلى التضاد بين النمو والتضخم وأن الفريق الاقتصادي فضّل تقليص التضخم إلى خانة الآحاد، حتى ولو أثر ذلك على نسبة النمو.
وكانت هيئة الإحصاء التركية، قد أعلنت أخيراً أن اقتصاد تركيا حقق نمواً بنسبة 5.7% سنوياً في الربع الأول من العام الجاري، ليحقق ذلك نمواً بوتيرة أسرع في بداية العام وينأى بنفسه عن سلسلة من زيادات أسعار الفائدة التي تهدف إلى كبح الطلب المحلي وإخماده، لكن استمرار ارتفاع التضخم، يعتبر في رأي مراقبين، الخطر الداهم الذي دفع بتركيا إلى اعتماد السياسة التقليدية النقدية، إذ رفعت سعر الفائدة من 8.5% إلى 50% خلال عام، بهدف تقليل كتلة السيولة بالأسواق وتحسين سعر الصرف وتخفيض التضخم في تركيا قبل أن تقدم على حزمة تقشفية، قد تفيد أهداف الحكومة لتنفيذ برنامجها الاقتصادي على المدى البعيد، لكنها ستؤثر، في رأي هؤلاء على نسبة النمو المرتفعة.
ويواصل التضخم في تركيا ارتفاعه ليبلغ أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بعد أن سجل في شهر مايو/أيار الماضي، وفق بيانات رسمية اليوم، 75.45% على أساس سنوي.
لكن هذه النسبة اليوم، في رأي الاقتصادي أويصال، هي الذروة، وسيبدأ التضخم بالتراجع اعتباراً من الشهر المقبل، كما سيترافق مع تحسن سعر صرف الليرة التي سجلت اليوم، 32.1983 مقابل الدولار الواحد، معتبراً أن الاقتصاد التركي لم يزل مرناً في الداخل على صعيد زيادة الإنتاج والقطاع الزراعي، خاصة بعد سلسلة الدعم التي أصدرها الرئيس رجب طيب أردوغان، ونسبة الاستهلاك الكبيرة البالغة 7.3% على أساس سنوي، وهذا ما سيحصن، إضافة إلى الاستثمار الخارجي والصادرات، إلى حد كبير، نمو الناتج الإجمالي رغم إجراءات التقشف وتراجع الاستثمار الحكومي.
وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك: "يتجه اقتصادنا نحو المزيد من التوازن والنمو المستدام مع السياسات العقلانية"
وفي تعليقه على نسبة النمو المرتفعة خلال الربع الأول من العام الجاري، يقول وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك: "يتجه اقتصادنا نحو المزيد من التوازن والنمو المستدام مع السياسات العقلانية"، مضيفاً خلال بيان أول من أمس، أن الدخل القومي السنوي بلغ تريليوناً و158 مليار دولار، كما نمت صادرات السلع والخدمات بنسبة 4%، إلى جانب زيادة القيمة المضافة الصناعية 4.9%، بينما سجل إنتاج التكنولوجيا الفائقة نمواً بنسبة 21% في هذه الفترة، وهذا أمر مشجع لزيادة القيمة المضافة.
وحول مخاطر البطالة في ظل حزمة التقشف وتراجع الاستثمار الحكومي، يشير وزير المال التركي إلى توفير مليون و46 ألف فرصة عمل إضافية في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وأن معدل البطالة المعدّل موسمياً انخفض إلى 8.7%، وهو أدنى مستوى في آخر 44 ربعاً سنوياً.
وعلى عكس آراء الاقتصاديين، يتوقع شيمشك "نمواً في النصف الثاني مع ظروف خارجية أكثر دعماً وطلب محلي معتدل، ومع مساهمة إيجابية من صافي الطلب الخارجي هذا العام" معتبراً أن البرنامج الاقتصادي الحكومي "حقق نمواً متوازناً، وانخفاضاً في عجز الحساب الجاري، وزيادة الثقة، وتحسن التوقعات، وسرعة في دخول التمويل الخارجي، وهذا كله يسهم في انخفاض التضخم في تركيا على وجه التأكيد".