- تصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي يؤدي إلى نقص في العرض وزيادة في الأسعار بنحو 20%، مع تراجع الثروة الحيوانية بشكل كبير منذ عام 2011.
- الخبير الاقتصادي ينتقد استمرار تصدير المنتجات الحيوانية والنباتية ويقترح استيراد لحوم مجمدة لتخفيف الضغط على السوريين، في ظل توقعات بمزيد من الصعوبات الاقتصادية في العام القادم.
تواصل أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعاتها في الأسواق السورية بما يفوق القدرات الشرائية للكثير من الأسر، حيث ساهم تراجع المعروض بسبب تصدير حكومة بشار الأسد الأغنام إلى دول الخليج العربي فضلا عن ارتفاع أسعار الأعلاف التي زادت من كلف المربين في غلاء الأسعار.
تقول المهندسة الزراعية بتول الأحمد لـ"العربي الجديد" إن "استمرار العمل بقرار اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء بحكومة الأسد تصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي طوال العام باستثناء فترة التكاثر زاد من قلة العرض، وهو السبب الأبرز لارتفاع أسعار اللحوم والخراف الحية، بنحو 20% خلال الشهر الجاري". تشير بتول إلى أن تراجع الثروة الحيوانية في سورية يقدر بين 40% إلى 50% منذ عام 2011، لافتة إلى أن عدد الأبقار تراجع من أكثر من مليون رأس إلى نحو 700 ألف رأس والأغنام من نحو 25 مليون إلى نحو 15 مليوناً.
وتتوقع استمرار ارتفاع أسعار اللحوم نظراً لزيادة الطلب في دول الخليج على "أغنام العواس السوري"، واقتراب موسم الحج الذي يزيد خلاله الطلب على الأضاحي خلال العيد، معتبرة أن اللحوم السورية صارت فوق قدرة المواطن الشرائية مثل زيت الزيتون الذي يصدر إلى الخليج أيضا، ما رفع سعر الكيلو غرام منه إلى أكثر من 200 ألف ليرة سورية (حوالي 13.5 دولار). من جهته، يقول رئيس جمعية اللحامين في دمشق، محمد يحيى الخن، إن أسعار الأغنام ارتفعت بنسبة تتراوح بين 10% و15% خلال الفترة الأخيرة، ما أدى إلى ارتفاع سعر كيلو لحم الغنم المذبوح".
ويضيف الخن خلال تصريحات نقلتها أخيراً صحيفة "الوطن" القريبة من نظام الأسد، أن "سعر كيلو الخروف الحي يباع اليوم بالجملة بنحو 90 ألف ليرة في حال كان وزن الخروف 50 كيلوغراما فما فوق، أما إذا كان وزن الخروف الحي أقل من 50 فيباع الكيلو بالجملة بسعر 110 آلاف ليرة، في حين أن سعر الكيلو للمستهلك بحدود 115 ألف ليرة"، مضيفا أن سعر أصغر خروف حي يصل إلى نحو 5 ملايين ليرة.
ويرى الخبير الاقتصادي السوري، محمود حسين أن "اللحوم سقطت للأسف عن قائمة استهلاك السوريين"، لأن سعر كيلو لحم الخروف يوازي، أو يزيد، عن الأجر الشهري للموظف، مشيراً في الوقت نفسه إلى انتشار لحوم مجهولة المصدر "مفرومة" تباع بأسعار أقل وتناسب بعض شرائح السوريين في العاصمة دمشق وتحت مرأى الجهات الحكومية.
وحول نهج حكومة الأسد باستمرار تصدير المنتجات بشقيها الحيواني والنباتي، رغم الحاجة المحلية. يضيف حسين لـ"العربي الجديد" أن حجة تحصيل الدولار من عمليات التصدير غير مقنعة، لأن الحكومة تستورد في المقابل من الخارج أكثر مما تصدر والميزان التجاري الزراعي خاسر رغم وفرة وتنوع الإنتاج السوري.
ويشير الخبير الاقتصادي السوري إلى أن جمعية اللحامين في دمشق اقترحت خلال كتاب لحكومة الأسد أخيراً، استيراد لحوم مجمدة من دول صديقة منها البرازيل والهند والسودان، لتكون أسعارها في متناول السوريين، من دون أن تبرر، كيف ستكون أرخص رغم تكاليف ورسوم الاستيراد وأجور النقل، إلا إن كانت لحوماً مشكوكا بسلامتها وصلاحية استهلاكها. ويقول إن التصدير وتلبية رغبات التجار هو العامل الأهم في ارتفاع أسعار السلع ومنها اللحوم، مقدراً عدد الشحنات التي تصدر للخليج بنحو 50 شحنة مواد زراعية ولحوم يومياً.
وفي ظل الغلاء المتواصل، قفز متوسط تكاليف معيشة الأسرة المكونة من خمسة أشخاص من 9.2 ملايين ليرة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي إلى 12.5 مليون ليرة بنهاية ديسمبر/كانون الأول، بزيادة تبلغ نسبتها 35.8%، في حين لم يقل الحد الأدنى لتكاليف المعيشة عن 7.534 ملايين ليرة، بحسب ما أورد مؤشر مركز "قاسيون" من دمشق في يناير/كانون الثاني الماضي.
ويشار إلى تراجع قيمة الأجور رغم ارتفاع الحد الأدنى بنسبة 100% من 92,970 ليرة سورية إلى 185.9 ألف ليرة، لأن القيمة الحقيقية للأجر بعد تراجع القيمة الشرائية لليرة انخفضت، إذ كان الأجر قادراً في بداية العام الماضي على تغطية 2.3% من متوسط تكاليف معيشة الأسرة، أما الآن فلم يعد قادراً على تغطية سوى 1.5% فقط، ما يعني أن الأجور قد انخفضت فعلياً ولم ترتفع. ووصف خبراء اقتصاد عام 2023 بالأسوأ على معيشة السوريين، لأن سعر الصرف تراجع من نحو 6 آلاف ليرة مقابل الدولار إلى نحو 14.5 ألف ليرة، إلا أن مواصلة الأسعار ارتفاعها واستمرار الليرة عند مستوياتها المتدهورة ينذر بعام صعب آخر خلال 2024.