التجار يمتنعون عن البيع.. هل تراجع الدولار والذهب في مصر حقيقي؟

24 فبراير 2024
هل من خروج من أزمة الدولار في مصر؟ (فرانس برس)
+ الخط -

بعد دقائق قليلة من إعلان الحكومة المصرية، أمس الجمعة، صفقة تطوير وتنمية منطقة رأس الحكمة على البحر المتوسط بالساحل الشمالي، باستثمارات إماراتية قيمتها 35 مليار دولار خلال الشهرين القادمين، سارعت القنوات والمواقع الإخبارية المملوكة للمخابرات المصرية، تحت ستار "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية"، إلى نشر كثير من الأخبار التي تزعم انهيار سعر الذهب والدولار في الأسواق الموازية بفعل الصفقة.

وخلال الساعات الماضية، انتشرت بكثافة أخبار مفادها تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء من متوسط 63 جنيهاً إلى 56 جنيهاً، ثم إلى 49 جنيهاً، اليوم السبت، مقابل نحو 31 جنيهاً في البنوك الرسمية، فضلاً عن انخفاض سعر بيع الذهب من نحو 3650 جنيهاً للغرام من عيار 21 إلى 2900 جنيه، بتراجع نسبته 20%.

وتواصلت "العربي الجديد" مع ثلاثة من أصحاب محال الذهب الشهيرة في مناطق مصر الجديدة ومدينة نصر وعين شمس، شرقي العاصمة القاهرة، وأربعة من تجار ووسطاء العملة في السوق غير الرسمية، والذين أكدوا جميعاً رفضهم بيع الذهب والدولار بالأسعار المعلنة عبر التطبيقات الإلكترونية كونها غير حقيقية، وأن نشاطهم يقتصر حالياً على الشراء وليس البيع.

ومع التوجه إلى أكثر من محل لبيع الذهب تأكد صدق حديثهم، حيث تحججت المحال بعدم وجود سبائك أو جنيهات ذهبية متاحة للبيع، وفي حال طلب مشغولات يرتفع سعر المصنعية على الغرام الواحد من متوسط 150 جنيهاً إلى 400 جنيه فأكثر، تحت ذريعة تعويض خسائرهم من التراجع المفاجئ في الأسعار.

وأفاد أحد العاملين في السوق الموازية للعملة بصدور تعليمات أمنية لجميع التطبيقات الإلكترونية بخفض أسعار الذهب والدولار، بنسبة تتراوح ما بين 20% و25%، على خلفية تلقي مصر 10 مليارات دولار سيولة جديدة من الإمارات كدفعة أولى لصفقة رأس الحكمة في غضون أسبوع، بالإضافة إلى تحويل 5 مليارات أخرى من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات في المشروع.

وتزامن ذلك مع حملات مكثفة على السوق السوداء للعملة، وصلت إلى حد نصب كمائن أمنية لتفتيش سيارات ومتعلقات المواطنين، وعمل قضايا بمبالغ ضئيلة، لا سيما في محيط فروع البنوك والصرافات بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، وهي الظاهرة التي أطلق عليها المصريون "كمائن الدولار".

وتعاني مصر من أزمة نقص دولار طاحنة منذ عامين، إثر خروج نحو 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة (الأموال الساخنة) عقب الحرب الروسية في أوكرانيا، زادت حدتها مع اشتعال الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وخسارة حوالي 50% من عائدات قناة السويس، بسبب هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، علاوة على تراجع إيرادات قطاع السياحة، وانخفاض تحويلات المصريين العاملين بالخارج بحوالي 30%.

وتواجه الحكومة تحديات اقتصادية تتمثل بصورة أساسية في ندرة العملة الأجنبية، ما ضغط على الجنيه، واضطر البنك المركزي المصري إلى خفض قيمته تدريجياً، اعتباراً من شهر مارس/ آذار 2022. وفقدت العملة المصرية أكثر من نصف قيمتها منذ ذلك التاريخ في السوق الرسمية، بينما كان الانهيار أكبر كثيراً في السوق الموازية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال حفل توقيع عقود صفقة مشروع رأس الحكمة، إن الاستثمارات الإماراتية في المشروع ستقترب من 150 مليار دولار على مدار فترة التنفيذ، ما يمكن أن يعزز الاقتصاد المصري المأزوم، ويساعد في تخفيف أزمة النقد الأجنبي.

وأشار مدبولي إلى تأسيس شركة جديدة باسم رأس الحكمة لتولي تطوير المشروع، الذي من المقرر أن يضم أحياء سكنية فاخرة، وفنادق عالمية، ومنتجعات سياحية، ومشاريع ترفيهية عملاقة، إلى جانب مدارس وجامعات ومستشفيات ومبان إدارية وخدمية، ومنطقة مركزية للمال والأعمال، ومارينا دولية كبيرة لليخوت والسفن السياحية.

وذكر مدبولي أن الحكومة ملتزمة بصرف تعويضات مالية وعينية ملائمة لأهالي محافظة مطروح، من الموجودين على أرض منطقة رأس الحكمة، وإنشاء مجمعات سكنية بديلة لهم جنوب الطريق الدولي الساحلي، ونقلهم إليها تباعاً.

المساهمون