البورصة المصرية تتخبط: الأسهم تصعد بشائعة وتهبط بخبر

16 مايو 2024
داخل البورصة المصرية في القاهرة، 23 ديسمبر 2020 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- البورصة المصرية تعاني من تذبذبات حادة وتراجع في حجم المعاملات للأسبوع الرابع، رغم الدعم الحكومي والتمويلات الدولية التي خففت الضغط عن الجنيه وشح الدولار.
- الاقتصاد المصري يواجه تحديات مثل الديون الضخمة وعجز الموازنة، مع تأثيرات سلبية من الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة وتخفيض توقعات النمو من قبل البنك الأوروبي لإعادة التعمير.
- صفقة بيع رأس الحكمة ساهمت في توفير الدولار ودعم الاقتصاد، لكن تأثيرها على البورصة محدود مع استمرار التذبذب والتراجع في قيمة التداول وسط توقعات بحاجة السوق لوقت وتدخل حكومي لتحسين الأداء.

شهدت البورصة المصرية تذبذباً في حركة التعاملات للأسبوع الرابع على التوالي، مع مواصلة تراجعها الحاد في حجم المعاملات اليومية، رغم حالة الانتعاش التي تشهدها البنوك، والتفاؤل الذي تسوّقه الحكومة، عقب تلقّيها تمويلات وضمانات مالية تقدر بنحو 57 مليار دولار من مؤسسات التمويل العربية والدولية، خلال 2024.

وخففت التمويلات الضغط عن الجنيه ومن وطأة شح الدولار، لكن أداء البورصة لا يزال بين الهبوط الحاد والارتفاع السريع في سعر الأسهم وبقائها في تعاملاتها عند حدود 25 ألف نقطة، ما يظهر استمرار حالة عدم اليقين التي تسود الاقتصاد محليا، ومخاوف توسّع الحرب في المنطقة، إثر رغبة الاحتلال الإسرائيلي في اجتياح رفح، وطرد الفلسطينيين في اتجاه الحدود المصرية. 

 وأدى ارتفاع وتيرة الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، إلى زيادة الإقبال على شراء الذهب عالميا، ورفع من رغبة الجمهور محلياً في الاحتفاظ بالدولار والذهب، دعمتها رؤية متشائمة لمؤسسات مالية حول قدرة الحكومة على تجاوز النفق المظلم في الأزمة المالية الخانقة المستمرة منذ سنوات.

وتكشف الإحصاءات الرسمية عن عمق الهوة الاقتصادية التي يتعين على الحكومة جسرها خلال العام المالي الجاري 2023-2024، حيث تتجه 53% من إيرادات الموازنة لسد مدفوعات ديون الدولة المحلية والدولية، بينما تواجه عجزاً قياسياً يزيد عن تريليون جنيه للسنة المالية المقبلة 2024-2025، التي تصل ميزانيتها إلى نحو 6 تريليونات جنيه. 

تأثير أزمة الاقتصاد على البورصة المصرية

خفض البنك الأوروبي لإعادة التعمير توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 3.9% عام 2024، مع توقع صندوق النقد بأن يصل بنهاية العام المالي الجاري إلى 3% فقط، بسبب نقص عوائد قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة، وعدم اليقين بشأن قدرة الحكومة على الالتزام ببرامج الإصلاح الاقتصادي، وارتفاع أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، واستمرار حالة التوترات العسكرية الإقليمية التي تؤثر في حركة التجارة والشحن الدولي. 

وتشير حنان رمسيس، المحللة المالية وخبيرة أسواق المال، إلى أن مردود عوائد صفقة رأس الحكمة ظهر أثره الإيجابي في الاقتصاد، حيث وفرت الصفقة الدولار للبنك المركزي، بما دعم قدرة الحكومة على استيراد احتياجات الدولة من السلع الغذائية لمدة 4 أشهر، بما يتجاوز الحدود العالمية، بنحو الشهر، وزيادة النفقات بالموازنة العامة للدولة بأكثر من 6 تريليونات جنيه، بالإضافة إلى تحسين قيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الرئيسية.

موقف
التحديثات الحية

وتؤكد رمسيس أن صفقة بيع رأس الحكمة أثرها محدود للغاية بتعاملات بورصة الأوراق المالية، وهي تقتصر على أسهم الشركات المرتبطة بالصفقة مباشرة، بينما ظلت تداولات البوصة قائمة على مبدأ "الشراء على إشاعة والبيع على خبر"، بما يمثله ذلك من تذبذب مستمر.

وتبيّن رمسيس أن البورصة تشهد انخفاضات متوالية منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، لتعارض في وجهات النظر بين البنك المركزي وسوق التداول في الأوراق المالية، حيث يفضل "المركزي" سحب السيولة من البنوك والأسواق، مقابل فائدة مرتفعة، مستهدفاً كبح التضخم، بما يجذب المستثمرين للحصول على فائدة مرتفعة بدون تحمل أية مخاطر، وهو ما لا توفره تعاملات سوق المال، غير الخالية من المخاطر. 

وأشارت خبيرة أسواق المال إلى أن البورصة شهدت حالة من التذبذب عقب توقيع اتفاق صندوق النقد وصفقة رأس الحكمة بداية مارس الماضي، حيث تراجعت من 34 ألفاً و400 نقطة، وهي الأعلى في تاريخها إلى ما دون 24 ألفاً و300 نقطة، متأثرة بتراجع التفاعل في معاملات البورصة.

تراجع التداول

وتقول رمسيس إن قيمة التداول في البورصة المصرية تراجعت إلى نحو 3 مليارات جنيه يومياً، وهي الأدنى في السنوات الماضية، بينما يظل الأداء متذبذباً بين الهبوط والارتفاع عند مستويات منخفضة، متأثراً بارتفاع الفائدة والتداولات المحدودة على الأسهم، مشيرة إلى أن بقاء الأسهم في المنطقة الخضراء، يظل لفترة قليلة، بسبب كثرة المضاربة التي يستفيد منها من لديه أكبر قدر من الأسهم والأكثر مالاً. 

وتتوقع رمسيس أن تواصل البورصة المصرية حالة التذبذب في التعاملات خلال الفترة المقبلة، متأثرة بحالة عدم اليقين التي يمر بها سوق المال، واختفاء المضاربة على الدولار، وارتفاع أسعار الذهب الذي استعاد مكانته محلياً وعالمياً باعتباره ملاذاً آمناً لضمان قيمة الأموال ضد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، مبينة أن تطور الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة أدى إلى انتشار مخاوف من حيازة الدولار، رغم توقع عدم تراجع سعر الفائدة بالفيدرالي الأميركي، وارتفاع الذهب وباقي العملات الرئيسية. 

وتؤكد رمسيس أن تحسّن أداء البورصة المصرية يحتاج لفسحة من الوقت، لحين اتضاح الرؤية أمام الراغبين في الشراء عند مستويات متدنية لقيمة الأسهم، داعية إلى تدخل عاجل من الحكومة بدعوة المؤسسات للشراء مرة أخرى، وأن تعود الشركات إلى توزيع الأرباح بنسبة من قيمة التداول، لتغيير المضاربة من وجهة نظر سعرية إلى رؤية استثمارية، بحيث تعود البورصة إلى سوق للاستثمار وليس مجرد المضاربة التي يفوز بها الأقوياء، وتبدد بها ثروات صغار المتعاملين والأفراد. 

وأكد مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي، مساء الأربعاء، تلقي البنك المركزي 20 مليار دولار قيمة الدفعة الثانية من صفقة بيع رأس الحكمة للصندوق السيادي بدولة الإمارات "أيه دي كيو". 

ودفعت الصفقة التي بلغت قيمتها الإجمالية 35 مليار دولار، إلى تحسن تدريجي بقيمة الجنيه، مقابل الدولار، حيث بلغ سعر صرف الدولار ظهر أمس 46.48 جنيهاً بالبنك المركزي، هبوطاً من 47.35 جنيهاً في مطلع الأسبوع الماضي. وتراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية عند 46.45 جنيهاً، وفي سوق الذهب 46.54 جنيهاً، بينما يقترب من رقمه القياسي التاريخي عن 2400 دولار للأونصة في الشاشات العالمية، حيث سجل أمس 2390 دولاراً للأونصة.  

وخسر الجنيه نحو 40% من قيمته منذ 6 مارس الماضي، حيث تراجع الدولار من مستوى 70 جنيهاً، إلى 50 جنيهاً بالسوق الموازية، في الربع الأول من العام الجاري، والتي شهدت زخماً بتعاملات البورصة المصرية، حيث اتجه المتعاملون إلى توجيه السيولة إلى الأسهم لكونها ملاذاً آمناً لحفظ القيمة. 

المساهمون