البنوك المركزية تُعد لحرب على البتكوين

18 يناير 2021
بيتكوين وأخواتها ترعب صناع المال والنقود في العالم
+ الخط -

بينما تحول الاستثمار في عملة بيتكوين، الأشهر بين العملات الرقمية، إلى البورصات العالمية مع قبول بورصة "وول ستريت" تسجيل شركات استثمار وصناديق متخصصة في أصول العملة الافتراضية ومؤشرات الأسعار، وتسجيل صندوق آخر في بورصة فرانكفورت، ارتفعت مخاوف البنوك المركزية الكبرى من تحول بيتكوين إلى عملة دولية تهدد مكانة العملات التقليدية وتدريجياً تهدد دور البنوك المركزية نفسها في صناعة النقود وتحديد حجم الكتلة النقدية المتداولة وربما تسعيرها عبر الضغط على الفائدة المصرفية وأدوات المال الأخرى.

ومن بين الصناديق التي تتعامل في بيتكوين وأصبحت جاذبة للمؤسسات الاستثمارية وكبار الأثرياء، صندوق "غرى إسكيل" المسجل في بورصة نيويورك منذ العام الماضي وارتفع حجم موجوداته من ملياري دولار منذ تسجيله إلى 25 مليار دولار حتى الأسبوع الماضي، بحسب بيانات وكالة بلومبيرغ الأميركية. والصندوق المذكور متخصص في المتاجرة بالمؤشرات الخاصة بعملة بيتكوين. 

ووسط النجاح الكبير لعملة بيتكوين والشعبية التي تجدها بين المستثمرين الشباب رغم مخاطرها العالية، باتت تُثار تساؤلات بين كبار مسؤولي النقد في العالم حول الخطوات المقبلة التي من المتوقع أن تتخذها البنوك المركزية العالمية تجاه بيتكوين وكيف يمكن تحجيمها  ومحاصرتها أو حتى القضاء عليها كلياً.

في هذا الشأن يرى الملياردير الكندي فرانك غايستورا، أن البنوك المركزية العالمية لن تقف مكتوفة الأيدي وستعمل كل ما في وسعها لإيقاف تمدد بيتكوين في العالم. وحذر غايستورا المستثمرين من مغبة الاستهانة بما ستفعله البنوك المركزية لحماية عملاتها في المستقبل. 
وفي مؤشر ربما لخطوة فعلية ضد العملات الرقمية، دعت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، الحكومات إلى تبني تشريعات منسقة ومشتركة وملزمة لتقنين التعامل مع بيتكوين حتى لا تترك ثغرة ينفذ منها المتعاملون في العملة الرقمية وأخواتها.

وفي لندن حذرت سلطات الرقابة المالية المستهلكين من الاستثمار في العملات الرقمية، وقالت في تحذيرها إن "المستهلكين سيخسرون جميع أموالهم المستثمرة في العملات الرقمية".

وأشارت السلطات المالية في هذا الصدد، إلى أن الاستثمار في العملات الرقمية أو الاقتراض بالأدوات المرتبطة بها تعني عملياً الدخول في مخاطر عالية جداً. 
ولكن المخاوف من بيتكوين ليست قاصرة على بريطانيا وأوروبا، فهنالك العديد من السلطات المالية الأخرى التي تراقب بحذر توسع الاستثمار الرقمي، وينتابها القلق من العملات الرقمية وتحديداً عملة بيتكوين التي بلغ الاستثمار فيها نحو تريليون دولار حتى نهاية الأسبوع الماضي وارتفعت من نحو 3 آلاف دولار في مارس الماضي إلى أكثر من 40 ألف دولار.

وحتى الآن، لا تخضع العملات المشفرة لرقابة من قبل الحكومات أو المصارف المركزية أو أسواق المال مثلما هو الحال بالنسبة لأسواق الأسهم والسندات أو حتى أدوات التحوط والخيارات المستقبلية غير المسجلة، ولكنها تدار بواسطة شركات وساطة مالية ومصارف معروفة ومسؤولة أمام سلطات الإجراءات المالية بدول العالم.

وبالتالي ليست هنالك ضمانات للمستثمر في العملات الرقمية في حال خسارة كل أمواله في العملات الرقمية بسبب خطأ إلكتروني أو أن تتعرض محفظته لعملية سطو منظم من قبل عصابات الإنترنت ينفذها مقرصنون، أو حدوث خطأ فني أجهزة الحاسوب وبرامجها. كما أن كلفة الاستثمار في العملات الرقمية والرسوم التي تفرضها منصات التداول غير ثابتة. 

وفي الكثير من الأحيان لا يأخذ المستثمر العادي في حساباته كلفة البيع والشراء في العملات الرقمية وإنما ينظر فقط لسعر الارتفاع والانخفاض والربح الخسارة. وهنالك نحو 10 دول تحظر التعامل في بيتكوين من بينها دولاً عربية، كما أن هنالك نحو 9 دول تحد إجراءاتها من تجارة بيتكوين وتحظر عمل الشركات التي تتيح منصات تداول العملات الرقمية من بينها الصين والهند. 
هنالك قلق كبير وانزعاج في العالم من قبل العديد من الحكومات من توسع الاستثمار في العملات الرقمية وتأثير ذلك على العملات التقليدية وربما لاحقاً يكون لبيتكوين وأخواتها تأثير مباشر على الاستثمار في أسهم الشركات التي تصنع الاقتصادات، إذ إن حجم الأموال المستثمرة في بيتكوين وأخواتها يتزايد مع ارتفاع سعرها.

أسواق
التحديثات الحية

ويرى محللون أن من بين الخيارات المتاحة أمام الحكومات والبنوك المركزية لضرب بتكوين أو حتى القضاء عليها نهائياً في المستقبل، هو القيام بتنسيق إجراءتها المالية وإصدار قرارات ملزمة بحظرها وتجريم التعامل فيها.

وربما تستغل في ذلك قوانين غسل الأموال الحالية في تجريم التعامل في بيتكوين، إذ إن هنالك العديد من الأدلة التي تستطيع توظيفها في مثل هذه التشريعات، من بينها إخفاء عصابات المخدرات والجريمة المنظمة لأموالها في العملات المشفرة وتحديداً في عملة بيتكوين.

كما يمكن للبنوك المركزية إصدار عملات رقمية منافسة مضمونة من قبل البنوك المركزية تجذب المستهلكين بعيداً عن بتكوين . ويذهب بعض المحللين إلى أن البنوك المركزية ربما تقوم بشراء العملات الرقمية، وهو احتمال مستبعد لأن ذلك سيرفع من أسعارها.

ومن بين الخيارات الأخرى تقنين عمل العملات الرقمية وفرض رسوم وضرائب مرتفعة على تعاملاتها. وما يساهم في جاذبية العملات الرقمية في الوقت الراهن التوسع العالمي في طباعة النقود الورقية دون غطاء، وهو ما يهدد القيمة الشرائية للنقود واستخدامها كـ"خزين للقيمة"تحافظ على الثروات.

المساهمون