اعتبر البنك الدولي، في تقرير، أنّ انتعاش الاقتصاد المغربي "لا يزال هشاً"، مشيراً إلى أنه من أجل الشروع في مسار نمو يتوافق مع طموحات نموذج التنمية الجديد، سيكون من الضروري وضع أجندة إصلاح قوية وشاملة.
وقال البنك الدولي، في تقرير تتبع الوضع الاقتصادي في المغرب، الصادر اليوم الأربعاء، إنه بعد "صدمة ركود غير مسبوقة في عام 2020، يدخل المغرب مرحلة تطبيع تميزت بتباطؤ أزمة كوفيد -19 وتعافي القطاع الفلاحي وانتعاش الطلب الخارجي، ومع ذلك، لا يزال الانتعاش الاقتصادي هشاً، مثل انتعاش سوق العمل".
وشدد التقرير الصادر تحت عنوان من "التعافي إلى تسريع النمو"، على أنه يفترض تنويع مصادر النمو الاقتصادي، وإحداث فرص العمل.
وقال جيسكو هينتشل، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي في البنك الدولي، إنّ الاقتصاد المغربي "سيحتاج في المرحلة المقبلة إلى تنويع مصادر نموه لمواصلة إحداث فرص الشغل والحد من الفقر. وعلى النحو المتوخى في النموذج التنموي الجديد، قد يتطلب ذلك تنفيذ جهود إصلاحات واسعة النطاق لتحفيز الاستثمار الخاص وتعزيز الابتكار، وإشراك المرأة في القوى العاملة، وزيادة رأس المال البشري".
ولاحظ البنك الدولي أنه "مع احتواء الأزمة، انخفض عجز الميزانية. وسمح عجز الميزانية الأكثر اعتدالاً في المغرب مقارنة مع نظرائه في بداية الوباء بزيادة الإنفاق العام لمواجهة استجابة للأزمة".
غير أنه يرى أنّ التحسن الذي سجل في العام الماضي في الحساب الجاري آخذ في التراجع جزئياً، ملاحظاً اتساع عجز التجارة والحساب الجاري مرة أخرى، لكن المستوى المريح لاحتياطيات النقد الأجنبي يدل على عدم وجود ضغط على ميزان المدفوعات.
ويؤكد أنّ السياسة النقدية وعمليات ضخ البنك المركزي، استمرت في دعم الانتعاش في الربع الثالث من عام 2021، غير أنه يسجل أنّ "التعافي في القرض مازال ضعيفاً، على الرغم من الانتعاش في القرض الاستهلاكي، إلا أنّ القرض الاستثماري يستمر في الانخفاض".
ويلاحظ أنه مع عودة الإنتاج الزراعي إلى مستوى متوسط، من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.2% في عام 2022. بعد موسم حصاد ناجح في عام 2021، من المتوقع أن ينكمش الإنتاج الزراعي بشكل طفيف في عام 2022.
وأكد على أنّ ذلك سيقلل من معدل نمو الاقتصاد المغربي، في حين أنّ تأثير التضخم القوي لعام 2020 سوف يتبدد، غير أنه ينبه إلى أنّ هذه التوقعات "تخضع إلى قدر كبير من عدم اليقين، حيث تركت صدمة كوفيد -19 بصماتها على القطاع الخاص المغربي، ومع اشتداد المخاطر على الاقتصاد العالمي لا سيما في ضوء انتشار المتحورات الجديدة".
وشدد على أن التعافي استمر في عكس مسار الآثار الاجتماعية المترتبة على الجائحة، حيث "أدى انتعاش الإنتاج الفلاحي إلى انخفاضٍ سريعِ في معدلات البطالة في المناطق الريفية، أما المناطق الحضرية فقد بدأت مؤشرات سوق الشغل في التحسن فقط في الربع الثالث العالم الماضي".
وذهب إلي أنه بعد أن بلغت معدلات الفقر ذروتها عند 6.4% في عام 2020، فقد "لا تعود إلى مستوياتها المسجلة في عام 2019، وذلك على الرغم من أنّ برامج التحويلات النقدية التي لجأت إليها الحكومة المغربية خلال فترة الإغلاق خففت من تأثيرات الأزمة".
ويوصي البنك الدولي المغرب بالتنفيذ المستدام لأجندة إصلاحات طموحة ومتعددة الأوجه من أجل تحقيق نمو واسع النطاق، وإحداث فرص الشغل بالبلاد، مشيراً إلى أنّ "نمو الاقتصاد المغربي خلال العقود الماضية، يبين أنه حتى الآن، كان تراكم رأس المال الثابت هو المحرك الرئيسي لذلك النمو، مع مكاسب إنتاجية محدودة ومساهمة غير كافية من العمالة، على الرغم من الوضع الديمغرافي المؤاتي".