البطالة في الشرق الأوسط إلى ارتفاع... فما أحدث توقعاتها؟

13 اغسطس 2024
احتجاجات على ظروف المعيشة بدعوة من الاتحاد العام للشغل التونسي، 2 مارس 2024 (Getty)
+ الخط -

ينتظر أن يسجل معدل البطالة في الشرق الأوسط ارتفاعا طفيفا في 2024، غير أن ذك المعدل لا يخفي وضعية الشباب الذين لا يحظون بفرص عمل ولا يتابعون تدريباً فنياً ولا يدرسون. ورغم تسجيل معدل بطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم بين 14 و25 عاماً، أقل من المستوى الذي بلغه قبل الأزمة الصحية، إلا أنه يصل، حسب تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية أمس الاثنين، إلى 24,4% في العام الماضي، وهو ما يمثل ضعف المتوسط العالمي الذي بلغ 13%.

ويتجلى من تقرير المنظمة حول البطالة في العالم، الصادر أمس الاثنين، أنه في العام الماضي، كانت نسبة تشغيل الشباب في حدود 18.4% قياساً بعدد السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هي الأضعف مقارنة بجميع مناطق العالم، ما يدل على الصعوبات الكبيرة التي يجدها شباب المنطقة في الحصول على فرص عمل كريم.

ولا تدل بيانات البطالة المتوقعة على تحسن وضعية الشباب، حيث ينتظر أن تصل إلى 24.5% في العام الحالي، وهو ما ترده المنظمة جزئياً إلى تراجع طفيف لإنتاج النفط والنزاعات، وهو معدل يرتقب أن ينخفض إلى 24.2% في 2025.

وتذهب المنظمة إلى أن عدم الاستقرار السياسي والنزاعات لها تأثير كبير على الشباب في المنطقة، مسجلة أن نحو عشرة ملايين شاب كانوا يعيشون بالقرب من مناطق نزاع في المنطقة عام 2022. وتلاحظ أن حصة الشباب الذين يزاولون عملاً مأجوراً ارتفعت في العقدين الأخيرين، حيث مثلوا ثلثي فرص العمل لدى الشباب عام 2022، غير أنها تسجل أن أغلبية الشباب الذين يمارسون عملاً مأجوراً ينشطون في القطاع غير الرسمي.

وتشدد على أن التحول الهيكلي، الذي عرفته المنطقة في العقدين الأخيرين، انصب على الخدمات التقليدية مثل التجارة والنقل والإيواء، أكثر مما هي خدمات حديثة وذات إنتاجية كبيرة. وتتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعية منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، ارتفاعاً في عدد السكان القادرين على العمل بين 2023 و2050، ما يرفع الضغط في سوق العمل.

شباب بلا عمل ولا تعليم ولا تدريب

غير أن بيانات البطالة لا تخفي وضعية الشباب الذين لا يمارسون عملاً ولا يتابعون تدريباً فنياً ولا يدرسون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهم أشخاص يعانون بسبب تلك الوضعية، حسب الاقتصادي علي بوطيبة، من مخاطر صحية والتهميش الاجتماعي. ويجد هؤلاء أنفسهم في وضعية قد يقبلون فيها، حسب بوطيبة، فرص عمل هشة، في سياق متسم بضعف النمو الاقتصادي في المنطقة، ما يفضي إلى سقوط الأفراد في فخ الفقر الذي تعمقه الفوارق الناجمة عن عدم وجود سياسات لإعادة التوزيع.

وتمثل وضعية هؤلاء الشباب الذين لا تتوافر لديهم خبرة مهنية ولا ينخرطون في برنامج دراسي هدراً لإمكانيات اقتصادية، بل إن تلك الوضعية تؤثر على أولئك الشباب الذين يصبح آفاق إدماجهم في سوق العمل أكثر صعوبة. ويوجد هؤلاء الشباب في وضعية "غير منخرط في التعليم أو التوظيف أو التدريب" (NEET) وهو تصنيف متعلق بالشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاماً، ممن لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، حيث يجدون أنفسهم في وضعية بطالة أو عدم النشاط.

واستعملت السمة لأول مرة في المملكة المتحدة في عام 1999، حيث أشارت إلى المتراوحة أعمارهم بين 16 و18 عاماً، ممن يوجدون خارج سوق العمل من دون أن يكونوا مستفيدين من إعانات البطالة. وشرعت دول أوروبية أخرى في الاهتمام بهذه الفئة، حيث جرى التأكيد في تقارير أوروبية على ضرورة تحسين ظروف المعيشية والعمل. وأضحى ذلك المفهوم مؤشراً تعتمده المؤسسات الدولية للإحصاء بهدف تقييم السياسات العمومية التي تستهدف إدماج الشباب في سوق الشغل، بحسب ما يلاحظه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب.

ويؤكد تقرير منظمة العمل الدولية  أن 31.5% من الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجدوا في العام الماضي، خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين وسوق العمل ما يؤشر على الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي تعلق فيها تلك الفئة. ويمثل الشباب الذين لا تتوفر لهم فرص عمل ولا يتابعون تدريباً فنياً ولا يدرسون في المغرب نحو 25.2% حسب المندوبية السامية للتخطيط، ويشكلون، حسب البنك الدولي، 19.2% في السعودية و32.8% في الأردن و36.9% في العراق و28.7% في مصر و10.7% في الإمارات.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويستفاد من بيانات المنظمة في معرفة أن معدل الشباب الذين لا تتوفر لهم فرص عمل ولا يتابعون تدريباً فنياً ولا يدرسون يتجاوز المعدل العالمي البالغ 23%، وهو معدل ينخفض إلى 12% في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ويتجلى أن معدل الشباب الموجودين خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين وسوق العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم ينخفض مقارنة بما بلغه قبل الجائحة، علماً أن المنطقة، هي واحدة من منطقتين تعدان متأخرتين عن بلوغ هدف التنمية المستدامة في ما يتصل بخفض عدد الشباب الذين لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني.

وتتفاقم هذه الوضعية بين النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تصل إلى 44.2%، ما يستدعي، حسب المنظمة، تبني سياسات لإدماج النساء في التعليم وسوق العمل.

المساهمون