مستويات قياسية بلغها حجم الدين العام بالبحرين قدرها الإحصاء الرسمي لوزارة المالية والاقتصاد الوطني، حتى ديسمبر/كانون الأول 2022، بنحو 16.7 مليار دينار (44.4 مليار دولار).
ويعادل هذا الدين نحو 101% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بدين بلغ 16.9 مليار دينار (44.94 مليار دولار) في عام 2021، بما يعادل 114% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبلغت تكلفة الفوائد السنوية للدين العام البحريني في عام 2022 نحو 737 مليون دينار، (1.968 مليار دولار)، بحسب الإحصاء ذاته.
أما إحصاء مؤسسة "تريدنج إيكونوميكس" للأبحاث، ومقرها نيويورك، فيسجل بلوغ نسبة ديون الحكومة البحرينية إلى الناتج المحلي الإجمالي 119.50% في عام 2022.
حصاد متوقع
يرى الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، أن ارتفاع الدين العام البحريني، العام الماضي، إلى أكثر من 45 مليار دولار جاء "متوقعا" في إطار المسار المالي الذي سلكته المملكة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 وحتى عام 2022.
ففي عام الأزمة المالية بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة الخليجية 10% فقط، بينما تجاوزت عام 2022 نسبة 100%، حسبما صرح عجاقة لـ"العربي الجديد".
ويعود هذا الارتفاع الكبير لحجم الدين العام في البحرين إلى أمرين، الأول هو اتجاه حكومة المملكة إلى رفع كبير للإنفاق، والثاني هو بعض حالات الفساد، حسب تعبيره.
واستند عجاقة في تقييمه إلى تقارير دولية بشأن الرقابة والفساد في البحرين، ومنها تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2022، والذي صنف البحرين في المركز 68 على مؤشرها العالمي.
غير أن الخبير الاقتصادي يشير في الوقت ذاته إلى ضرورة عدم التغافل عن الظرف الجيوسياسي الذي تعرضت له البحرين.
ويؤكد عجاقة أن البحرين بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية لمواجهة نسبة الدين العام الحالية، تستهدف بالأساس جذب الاستثمارات الأجنبية ومحاولة رفع الإنتاج النفطي، مشيرا إلى أن الاتفاق الأخير بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية يمكن أن يؤثر إيجابا على البحرين من زاوية توسيع نطاق جذب الاستثمارات الأجنبية.
لكن يظل العامل الأبرز في إصلاح الوضع المالي في البحرين هو التعاون مع باقي دول الخليج العربية، لأنها دول ذات مصير مشترك تاريخيا، ما يفرض تعاونا اقتصاديا خاصا فيما بينها، يشمل أولوية في الاستثمارات البينية، حسبما يرى عجاقة.
كما يشير الخبير الاقتصادي إلى ضرورة خفض وتيرة الإنفاق الحكومي، إذ إن استمرار هذه الوتيرة يعني أزمة اقتصادية مستقبلية كبيرة، حسب رأيه.
مسار الاستدانة
وفي السياق، يلفت المحلل الاقتصادي، مازن أرشيد، إلى أن تداعيات جائحة كورونا فاقمت من مردود سلبي مر به الاقتصاد البحريني بالفعل خلال الأعوام الـ 15 الماضية، خاصة أن المملكة الخليجية الصغيرة لا تعتمد على تصدير النفط بمعدلات شبيهة بتلك الموجودة لدى الدول الخليجية الأخرى.
فالبحرين ليست دولة نفطية بالمعنى المعروف لدى جيرانها من دول الخليج العربية، إذ إنها أقل دول المنطقة إنتاجاً للنفط، بواقع 200 ألف برميل يومياً، ولذا فإن ارتفاع أسعار النفط مؤخرا لم يقدم لها الإسعاف المالي الكافي، كما جرى في السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان، حسبما صرح أرشيد لـ"العربي الجديد".
ورغم قلة إنتاجها النفطي، إلا أن البحرين تعتمد بشكل رئيسي على النفط والغاز في توفير إيرادات البلاد، إذ يستحوذ القطاع على 63% من إجمالي إيرادات الدولة، بحسب بيانات رسمية.
ويلفت أرشيد إلى وجود مشكلة في الموازنة العامة البحرينية، تتمثل في عجز مزمن، تفاقم نتيجة تداعيات جائحة كورونا، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيده تفاقما، إذ تسببت في تأثير سلبي على سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار، ما وصل صداه إلى ارتفاع الأسعار في البحرين، التي تعتمد على الاستيراد في أغلب السلع الاستهلاكية.
وأظهر تقرير حديث للبنك الدولي، نشر في يناير/كانون الثاني الماضي، أن البحرين سجلت، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2022 وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ارتفاعات ملحوظة في أسعار الأغذية، تراوحت بين 5% و30%، لتصنف ضمن القوائم الحمراء الأعلى تسجيلاً لارتفاعات ملموسة بأسعار الأغذية في العالم.
ولتغطية عجز الموازنة مع الارتفاع الكبير في الأسعار، لجأت حكومة البحرين إلى الاستدانة من الخارج، ما أدى في النهاية إلى ارتفاع الدين العام بنسبة كبيرة في السنوات القليلة الماضية، بحسب أرشيد.
كما تعتزم الحكومة بيع صكوك مالية مقومة بالدولار، تستحق خلال 7 سنوات بعائد 6.87%، وسندات أجلها 12 عاماً بعائد 8%، وذلك لأول مرة منذ عام 2021.
وكانت تقارير شركة "كابيتال" الإماراتية قد أوردت أن مجموع قيمة الديون المستحقة على البحرين العام الجاري يصل إلى 2.5 مليار دولار، منها سندات بقيمة 1.5 مليار دولار تستحق في أغسطس/آب المقبل.