حقق الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 3.8% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2023، ما يعني أن سياسة الحكومة الجديدة بدأت تؤتي أكلها، بحسب وزير المالية والخزانة محمد شيمشك، وذلك بعد ما يصفه مراقبون بالعودة إلى السياسة التقليدية لزيادة الموارد العامة لخزينة الدولة والاعتماد على الاستثمارات والصادرات.
وأعلنت "هيئة الإحصاء التركية"، اليوم الخميس، بيانات إجمالي الناتج المحلي لاقتصاد البلاد، خلال الفترة بين إبريل/نيسان - يونيو/ حزيران 2023، موضحة أن الاقتصاد التركي واصل بذلك نموه للربع الثاني عشر على التوالي. وأفادت الهيئة بأن تقديرات الناتج ارتفعت في الربع الثاني 60.7% مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، لتبلغ 5.5 تريليونات ليرة تركية (271.5 مليار دولار).
وقال شيمشك: "بدأنا نرى الآثار الإيجابية للسياسات التي طبقناها على الاستقرار المالي الكلي، وسنواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان دوام هذه التأثيرات وتحقيق الاستقرار".
وخلال رده على نسبة النمو التي أعلنتها هيئة الإحصاء عن النصف الأول من العام الجاري، يضيف وزير المالية والخزانة أنه "بينما نما الاقتصاد التركي 3.8% بالقيمة الحقيقية في الربع الثاني من عام 2023، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسمياً 3.5% مقارنة بالربع السابق".
ولفت الوزير التركي إلى أن الاقتصاد واصل نموه القوي في الربع الثاني من العام، حيث تمت محاولة تعويض الآثار الاقتصادية لكارثة الزلزال، على الرغم من ضيق الأوضاع المالية العالمية وانكماش التجارة العالمية 1.8% مقارنة بالفترة الماضية، مضيفاً: "بينما يستمر تراجع الصادرات الحقيقية مع ضعف النشاط العالمي، يتواصل الطلب المحلي القوي. وبناء على ذلك، استمرت الواردات في الزيادة. وبالتالي، أدى صافي الطلب الخارجي إلى الحد من النمو".
وحول استدامة نسبة النمو، يعقب شيمشك: "نواصل اتخاذ وتنفيذ التدابير لإعادة التوازن بين الطلب المحلي والخارجي. ونعطي الأولوية لنقل الموارد"، مؤكداً على هدف الحد من تعرض اقتصاد بلاده للصدمات الخارجية من خلال الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات وليس الاستهلاك.
وكانت الحكومة التي عيّنها الرئيس رجب طيب أردوغان بعد فوزه بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 18 مايو/أيار الماضي، قد نسفت السياسة الاقتصادية السابقة وعادت إلى رفع أسعار الفائدة من 8.5 إلى 25% معتمدة على أدوات تقليل الإنفاق العام وزيادة عائدات الخزينة العامة، فرفعت الرسوم الثابتة بنسبة 50% على تجديد الإقامة ورسوم جواز السفر وشهادة السياقة، بعد رفع ضريبة القيمة المضافة على المنتجات الأساسية "غذاء، مشروبات ومنظفات"، من 8 إلى 18%.
ورُفعت الضريبة على المنتجات الإلكترونية والسيارات والسجائر والكحول بنسبة، من 18 إلى 20% لتكون الضريبة الأكبر والتي انعكست زيادة على الأسعار، ضريبة استهلاك الوقود من 2.52 إلى 7.52 ليرات. لتزيد الأسعار على اعتبار الوقود سلعة محرضة وتدخل بجميع العمليات الصناعية والزراعية.
وهذا الأمر بدأ ينعكس على الموارد العامة، بحسب الوزير الذي أشار اليوم إلى "بدء ظهور الآثار الإيجابية للسياسات التي نفذناها على الاستقرار المالي الكلي، وسنواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان أن تكون هذه الآثار دائمة وتحقيق الاستقرار. ومن أولويتنا ضمان وزيادة الرفاهية للشعب التي سيتم تحقيقها من خلال النمو المتوازن والمستدام وتقاسمها بشكل عادل بين جميع شرائح المجتمع".
وتتركز خطة الحكومة الاقتصادية على الرفاه المجتمعي ومكافحة التضخم، من خلال النمو المستدام وتقليص عجز الحساب الجاري، وزيادة الاستثمارات.
وسبق أن أعلن شيمشك بعد توليه منصب وزير المال، أن أولوية الحكومة التركية ستكون ضمان الاستقرار المالي، من خلال تعزيز الجودة والقدرة المؤسسية لمواجهة التحديات العالمية والجيوسياسية، معلناً عن برنامج متوسط المدى لتحقيق الأهداف الاقتصادية.
لكن خبراء أتراكاً يشككون في نجاعة سياسة الحكومة الجديدة، مستدلين بارتفاع أسعار السلع والمنتجات وعدم تحسن سعر صرف العملة التركية التي سجلت اليوم الخميس، 26.714 ليرة مقابل الدولار، وعودة ارتفاع التضخم إلى نحو 48%، ما أدى إلى تآكل زيادة الأجور التي رفعتها الدولة مطلع الشهر الماضي من 8500 إلى 11404 آلاف ليرة، وزيادة نسبة الفقر بعدما قدر "اتحاد نقابات العمال الأتراك" (TÜRK-İŞ) بنحو 11658 ليرة وحد الفقر 37974 ليرة للأسرة التركية خلال الشهر.