الاضطرابات تفاقم متاعب باكستان... غلاء وبطالة وديون

21 سبتمبر 2023
معدل التضخم وصل إلى 29.6% وسط تراجع الروبية وغلاء الطاقة (فرانس برس)
+ الخط -

حذر بنك التنمية الآسيوي من أن استمرار انعدام الاستقرار السياسي في باكستان سيظل يشكل خطراً رئيسياً على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وخروج البلد من نفق الديون التي تطيل أمد ضعف العملة الوطنية ورفع أسعار الطاقة.

وقال البنك في تقرير له، أمس الأربعاء، إن المخاطر السلبية التي تهدد التوقعات الاقتصادية لباكستان لا تزال مرتفعة بشكل استثنائي، مشيراً إلى انخفاض النمو وتقلص الاحتياطيات النقدية وضعف الروبية وحدوث قفزات في التضخم.

وأشار إلى أنه من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.9% في السنة المالية الجارية (بدأت في يوليو/ تموز الماضي) وهو أقل قليلاً من التوقعات قبل ستة أشهر، وبقاء ضغوط الأسعار مرتفعة.

ولفت التقرير إلى أن الظروف المالية العالمية الأكثر صرامة والتعطيلات المحتملة لسلاسل التوريد في ظل استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا ستؤثر على الاقتصاد الباكستاني، مؤكداً أن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يعيق الطلب ويبقي التضخم في خانة العشرات.

ووفق التقرير فإن البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي أدى إلى تحسين آفاق التمويل متعدد الأطراف والثنائي، في حين من المتوقع أن يؤدي سعر الصرف الذي تحدده السوق بشكل أكبر إلى استقرار سوق العملات وتشجيع تدفقات التحويلات من خلال القنوات الرسمية.

وحصلت باكستان على موافقة نهائية من المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لتوفير تمويل بقيمة 3 مليارات دولار على مدى تسعة أشهر دعماً لبرنامج الاستقرار الاقتصادي الذي أعدته السلطات، وفقاً لبيان نُشر على موقع الصندوق الإلكتروني في 12 يوليو/ تموز الماضي. وسمحت هذه الموافقة بالإفراج الفوري عن نحو 1.2 مليار دولار، بحسب البيان.

وعلى ضوء ذلك فرضت حكومة شهباز شريف المنتهية ولايتها القانونية في التاسع من أغسطس/ آب الماضي، وكذلك حكومة تصريف الأعمال الحالية، زيادات متلاحقة في أسعار المنتجات البترولية والكهرباء والغاز، في وقت تتصاعد نبرات الغضب من قبل المستهلكين والمنتجين على حد سواء، بسبب الغلاء الذي لا يتوقف.

مع ذلك يتوقع بنك التنمية الآسيوي حدوث زيادات حادة في تعريفات النفط والكهرباء والغاز خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أنه مع تخفيف ضوابط الاستيراد وسعر الصرف قد تضعف قيمة الروبية بشكل أكبر أيضاً، مما يزيد من تكلفة السلع المستوردة، ومن ثم من المرجح أن يظل التضخم مرتفعاً عند حوالي 25% في السنة المالية الحالية، وهو أعلى بكثير مما كان متوقعاً في وقت سابق، حسبما نقلت صحيفة داون الباكستانية عن البنك.

وتشكل الزيادات المتواصلة لأسعار الكهرباء والغاز والبنزين والديزل عاملاً قوياً في تغذية التضخم، كما تؤدي إلى انخفاض الإنتاج الصناعي. وتسببت القفزات المسجلة في فواتير الكهرباء في خروج تظاهرات في العديد من المدن الكبرى في الأيام الماضية.

وتنعكس التداعيات بشكل أعمق على حياة المواطنين، إذ وصل معدل التضخم إلى 29.6% والبطالة إلى 8%، وصعد سعر الفائدة إلى 22%، ما ألحق أضراراً بالغة بحياة عشرات ملايين الأشخاص.

وكان شهباز شريف قد قال، قبل تنحيه عن المنصب الشهر الماضي، إنّ من أكبر إنجازات حكومته التوصل إلى توافق مع صندوق النقد، وإن "هذا الإنجاز الكبير" جعل الأمور تستقر إلى حد كبير، خاصة في ما يتعلق بقيمة العملة وضبط الأسعار.

لكن رئيس حكومة تصريف الأعمال أنوار الحق كاكار قد قال خلال لقاء مع بعض الإعلاميين في 30 أغسطس/ آب، إن تدهور قيمة الروبية، وارتفاع فواتير الكهرباء، وصعود الأسعار بشكل عام، تعكس صورة حقيقية لاقتصاد البلاد، مشيراً إلى أنه "كانت هناك محاولات في الماضي لإخفاء الحقائق واتخاذ خطوات قصيرة المدى هدفها إخفاء الوضع الحالي، بينما يجرى حالياً دفع ثمن ما جرى اتخاذه من قرارات هشة في الماضي".

ورغم إلقاء حكومة تصريف الأعمال المسؤولية على الحكومات السابقة في تدهور الوضع، فإنها تمضي قدماً في تنفيذ اشتراطات صندوق النقد التي يرى كثيرون أنها تزيد من معاناة المواطنين وتدخل قطاعات إنتاجية كثيرة في دوامة من التكاليف المتصاعدة.

إلا أن وزيرة المالية في الحكومة الحالية شمشاد أختار اعتبرت خلال اجتماع اللجنة الدائمة للشؤون المالية في مجلس الشيوخ، نهاية الشهر الماضي، أنه في حال عدم تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي سيصبح الوضع أكثر سوءاً.

المساهمون