الاشتباكات تدفع أسعار السلع في ليبيا إلى صعود كبير

12 اغسطس 2024
عامل يحمل كيساً من الطحين في سوق الحبوب بطرابلس، 22 يوليو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **ارتفاع أسعار السلع في ليبيا:** شهدت ليبيا زيادة كبيرة في أسعار السلع الأساسية بسبب الاشتباكات المسلحة في طرابلس وتحركات مليشيات حفتر، مما أدى إلى قلق المواطنين من تراجع المعروض في الأسواق.

- **تأثير الأوضاع الأمنية على الاقتصاد:** استغلال الوضع الأمني أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، مما زاد من معاناة المواطنين في ظل غياب دور الحكومة في مراقبة الأسعار.

- **تحديات قطاع النفط الليبي:** تعاني ليبيا من انقسامات سياسية وتسيطر مليشيات حفتر على الجنوب الغني بالنفط، مما أدى إلى توقف إنتاج حقل الشرارة عدة مرات وتراجع إنتاج النفط بشكل كبير منذ عام 2011.

شهدت أسعار السلع في ليبيا ارتفاعاً كبيراً في الأيام الأخيرة، على خلفية الاشتباكات التي شهدتها مناطق شرق العاصمة طرابلس بين فصيلين مسلحين وتحركات مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر جنوب غربي البلاد، إذ استغل "سماسرة أزمات" هذه التوترات للمضاربة في السلع الأساسية ورفع أسعارها، وسط قلق المواطنين من تراجع المعروض في الأسواق، وفق مواطنين وخبراء اقتصاد.

وقال زكريا الجربي، تاجر الجملة في سوق الكريمية جنوبيّ طرابلس لـ"العربي الجديد" إن "أسعار السلع الغذائية ارتفعت في الأيام الأخيرة بنسب تراوح بين 15% و22%". وأوضح أن هناك نقصاً في بعض السلع بسبب تخزينها للمضاربة، ما جعل السوق غير مستقر.

وفي سوق المهاري بوسط العاصمة، أكد المواطن يحيى بن سعيد (30 عاماً) أنه اشترى سلعاً غذائية تكفيه لثلاثة أشهر، نظراً لارتفاع الأسعار في بعض السلع مثل الأرز ومعجون الطماطم والشاي والحليب. وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أنه قام بالشراء لتخزين السلع بسبب عدم استقرار الأوضاع، خصوصاً بعد الاشتباكات الأخيرة في شرق طرابلس.

أشار المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي لـ"العربي الجديد" إلى أن "الارتفاع المتزايد في الأسعار يعود إلى استغلال الوضع الأمني"، مبيناً أن معدل التضخم استقر عند 1.8% في النصف الأول من العام الجاري، لكن الأسعار بدأت بالارتفاع بشكل حاد، ما يزيد من معاناة المواطنين.

وشهدت الأيام الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، حيث بلغ سعر العملة الأميركية في السوق الموازية نحو 7.10 دنانير، مقارنة بنحو 6.9 دنانير للدولار في الأسابيع الماضية.

وقال الخبير الاقتصادي، عادل المقرحي، إن "الأزمات والصراعات المسلحة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار والمضاربة بسبب زيادة الطلب وقلة العرض".

وأضاف المقرحي في تصريح خاص أن السماسرة يستغلون هذه الفجوة لشراء السلع بأسعار منخفضة ثم بيعها بأسعار مرتفعة، ما يفاقم معاناة المدنيين. وأشار إلى غياب دور الحكومة في مراقبة الأسعار ومنع ارتفاعها، رغم استمرار الاعتمادات المستندية بشكل طبيعي.

وأعلن مصرف ليبيا المركزي أن المصروفات خلال الأشهر السبعة الأولى من العام بلغت 57.6 مليار دينار، بينما وصلت الإيرادات إلى 61.2 مليار دينار بسعر صرف 4.8 دنانير للدولار. وأوضح المصرف أن استخدامات النقد الأجنبي خلال الفترة نفسها بلغت 21.5 مليار دولار، بينما وصلت الإيرادات إلى 12.4 مليار دولار.

تنقسم ليبيا حالياً بين سلطتين: البرلمان في الشرق المدعوم من مليشيا خليفة حفتر، والحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس. ومنذ أعوام تسيطر مليشيات حفتر على الجنوب الليبي كاملاً، الغني بمواقع النفط، بالإضافة إلى وسط الشمال الذي تنتشر فيه العديد من موانئ تصدير النفط الرئيسية، وسبق أن أغلقت حركة إنتاج وتصدير النفط من خلال حلفائها القبليين وأنصارها في الجنوب مرات عدة.

وتكافح ليبيا الغنية بالنفط من أجل رفع معدلات إنتاجها النفطي وصولاً إلى المعدلات الطبيعية. والأسبوع الماضي توقّفت عملية إنتاج حقل الشرارة، وهو أكبر حقل نفطي في البلاد. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها الحقل للإغلاق، إذ قامت مجموعات من المتظاهرين بإغلاق الحقل مطلع العام الحالي، مطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية، وبناء مصفاة في الجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة، ووضع حد لنقص الوقود في جنوب ليبيا، وذلك قبل استئناف الإنتاج، بعد أسبوعين، في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وبلغ إنتاج ليبيا من النفط الخام نحو 1.8 مليون برميل يومياً في عام 2008، قبل أن يتراجع إلى نحو 100 ألف برميل يومياً بعد مقتل معمر القذافي عام 2011. ومنذ ذلك الحين ظل الإنتاج متقلباً، وإن كان مستقراً إلى حد كبير عند نحو 1.2 مليون برميل يومياً في الأشهر الأخيرة.

المساهمون