استمع إلى الملخص
- تسعى دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، لاستغلال السياسات الأوروبية لتوسيع نفوذها في الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من الإطار التنظيمي المرن لجذب الشركات العالمية.
- تستمر دول الخليج في جذب استثمارات الذكاء الاصطناعي بفضل المرونة الاستثمارية والحوافز مثل الإعفاءات الضريبية، مما يعزز فرصها لتصبح مركزاً عالمياً في هذا المجال.
تواجه دول الخليج تحديات جديدة في استثماراتها، خصوصاً مع توجه بعض الدول الغربية نحو "تحديد" سقوف الاستثمار في القطاعات الرقمية والتكنولوجية، ما قد يؤثر بقدرة دول الخليج، ولا سيما السعودية والإمارات، على جذب الاستثمارات الأجنبية، ويثير تساؤلات عن مستقبل هذه الاستثمارات في المنطقة.
وإزاء ذلك، بدأت السعودية بالفعل في إعادة توجيه استثماراتها نحو المشاريع المحلية، حيث يسعى صندوق الاستثمارات العامة (السيادي) إلى تقليل حصته في الاستثمارات الدولية والتركيز على دعم المشاريع التي تضمن لها السيطرة والرقابة المباشرة، وفقاً لما أورده تقرير نشرته منصة "فيتش سوليوشنز" للتحليلات الاقتصادية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي ظل هذه التحولات، يجد شباب الخليج أنفسهم في حاجة ماسة إلى التأكد من صحة معلوماتهم حول العملات الرقمية التي يرغبون في الاستثمار بها، وتجنب المخاطر المرتبطة بالاستثمار في مشاريع غير موثوقة. وإزاء ذلك، تبرز أهمية اختيار العملات التي تتمتع بمصداقية عالية وتاريخ قوي في السوق، وترشح منصة التحليلات "بريف نيو كوين"، في هذا الإطار، عملات مثل بيتكوين (BTC) وأفالانش (AVAX) باعتبارهما من الخيارات الآمنة نسبيًا، نظرًا لشعبيتهما واستقرارهما النسبي، وفقاً لتقدير نشرته المنصة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. لكن إلى أي مدى تؤثر سقوف الاستثمار الغربية في مجال الذكاء الاصطناعي بدول الخليج وشبابها؟.
فرص ريادية
يشير الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، لـ "العربي الجديد"، إلى أن التوجه الأوروبي نحو وضع سقوف على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يعكس القلق المتزايد بشأن تأثيراته الاجتماعية والاقتصادية، لكنه لا يعني بالضرورة تقليص الابتكار على المستوى العالمي، مشيراً إلى أن دول الخليج، وبخاصة السعودية والإمارات، تنظر إلى هذه السياسات بوصفها فرصة لتوسيع نفوذها في هذا القطاع بدلاً من أن تكون عائقاً أمام تقدمها.
ويعد الإطار التنظيمي المرن أحد أبرز العوامل التي تجعل دول الخليج قادرة على استثمار هذه الفرصة، بحسب العامري، الذي يضرب المثل بوضع تشريعات تحفز الابتكار وتدعم الاستثمارات الأجنبية في قطاع الذكاء الاصطناعي، بعيداً عن القيود الصارمة، ما يتيح لدول الخليج جذب الشركات العالمية الباحثة عن بيئة تنظيمية تدعم النمو والتطوير.
وإلى جانب التشريعات، تلعب الاستراتيجيات الوطنية دوراً محورياً في تحقيق الريادة الخليجية، التي تضع هذه الدول في موقع ريادي عالمي، حيث تُستخدم التقنيات الذكية لتسريع التنويع الاقتصادي وتعزيز الابتكار، حسب العامري.
وإلى جانب تمتع دول الخليج باستثمارات ضخمة وبنية تحتية رقمية متطورة، تجعلها بيئة جاذبة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يشير العامري إلى مواردها الهائلة التي تمكنها من بناء مراكز بيانات متقدمة، إلى جانب انتشار شبكات الجيل الخامس (5G)، ما يعزز جاذبيتها للشركات العالمية الكبرى.
كذلك تساهم الشراكات الاستراتيجية مع شركات رائدة على المستوى الدولي في تسريع عملية التطوير وتعزيز القدرات المحلية بدول الخليج، وهو ما يشير إليه العامري باعتباره عنصراً أساسياً في تحقيق التفوق باستثمارات الذكاء الاصطناعي.
وفي ظل تزايد استثمارات كهذه، ظهرت العملات الرقمية مجالاً داعماً لهذه المشروعات، إلا أن العامري ينبه إلى أهمية توخي الحذر لضمان مصداقية هذه العملات وتجنب المخاطر المرتبطة بها، وينصح الشباب الخليجي باتباع خطوات، مثل التحقق من مصادر العملات الرقمية، ومراجعة أوراقها لفهم أهدافها، والتأكد من خضوعها للتنظيم القانوني، ويوصي بالبحث عن الشراكات الموثوقة والمشاركة في برامج التدريب المحلية التي تُقدم في مجال التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي.
لكن العامري، يرى أن دول الخليج، في المجمل، تمتلك، بفضل رؤيتها المستقبلية وسياساتها المرنة، فرصة ذهبية لتصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، وهو تفوق لا يعزز مكانتها الاقتصادية فحسب، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة أمام شبابها لقيادة القطاع على المستوى العالمي وتحقيق استدامة اقتصادية مبتكرة.
دول الخليج وجهة جذابة
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، هاشم الفحماوي، لـ "العربي الجديد"، إلى استمرار انفتاح دول الخليج على استثمارات الذكاء الاصطناعي دون قيود، يجعلها قادرة على استقطاب هذه الاستثمارات، ما يتيح لها فرصة مميزة لتصبح وجهة جذابة لشركات الذكاء الاصطناعي العالمية.
ويوضح الفحماوي أن القيود المفروضة على الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي في أوروبا والولايات المتحدة تهدف إلى تنظيم القطاع وضمان السيطرة على تطوراته، ومع ذلك، فإن هذه السياسات قد تدفع العديد من الشركات الكبرى إلى البحث عن أسواق جديدة أكثر مرونة، معتبراً أن عدم تحديد دول الخليج لسقوف الاستثمار يوفر بيئة مثالية لجذب شركات الذكاء الاصطناعي.
ومن شأن جذب استثمارات الذكاء الاصطناعي لدول الخليج أن يحمل فوائد اقتصادية وتعليمية كبيرة. فإلى جانب تعزيز الإنتاجية ودعم الاقتصادات الخليجية، قد تسعى الشركات الأجنبية لإنشاء معاهد تعليمية ومراكز تدريبية في المنطقة، وهذه المراكز يمكن أن تسهم في تطوير المهارات المحلية وتعزيز برامج الذكاء الاصطناعي في الجامعات العربية، ما ينعكس إيجاباً على القدرات التكنولوجية الإقليمية، بحسب الفحماوي.
وتعتبر المرونة الاستثمارية التي تقدمها الدول الخليجية عاملاً مغرياً للشركات التي قد تجد قيوداً في أوروبا أو الولايات المتحدة، بحسب الفحماوي، مضيفاً أن دول الخليج يمكنها أن تستفيد من هذه الفرصة لتقديم حوافز إضافية، مثل الإعفاءات الضريبية أو الدعم الحكومي؛ لتشجيع الشركات على الاستثمار وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي محلياً.
ومع عودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، يتوقع الفحماوي أن تفرض قيود جديدة صارمة على شركات الذكاء الاصطناعي في أميركا بحلول منتصف عام 2025، مشيراً إلى أن هذه الضوابط قد تشمل تنظيم العمليات وحماية الاقتصاد الأميركي من التأثيرات المحتملة لهذه التكنولوجيا المتقدمة، وبالتالي يمكن لدول الخليج الاستفادة من هذه التحولات لاستقطاب المزيد من الاستثمارات العالمية.
ويؤكد الفحماوي أن المرونة في سياسات الاستثمار هي المفتاح لجذب استثمارات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أنّ دول الخليج لديها فرصة فريدة لتصبح مركزاً عالمياً لهذه التكنولوجيا بفضل بيئتها الاستثمارية المرنة، وقدرتها على تقديم حوافز تعليمية وتدريبية تعزز من جاهزية الكوادر المحلية، وهذا التوجه، إلى جانب التحولات في السياسات الغربية، قد يجعل من المنطقة لاعباً أساسياً في مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي.