أعلنت الحكومة الأميركية أنها أجلت عرض اتفاق تجاري مع دول آسيا في "الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ IPEF" كان من المقرر الكشف عنه هذا الأسبوع، بعدما واجهت معارضة من داخل حزبها.
كان من المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يصل الثلاثاء إلى سان فرانسيسكو لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) والاجتماع، على هامشها، بالرئيس الصيني شي جين بينغ، عن إحراز تقدم ملموس في اتفاقية تجارية لا تزال في بداياتها.
لكن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين اعتبرت وفقاً لوكالة فرانس برس أنّه لا يزال يتعين إحراز تقدم بشأن الجزء الأكثر إثارة للجدل من "الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ" في إشارة إلى الملف التجاري.
وبعد ترؤسها محادثات وزراء المال دول أبيك، قالت يلين للصحافيين "لقد تم تحقيق تقدم كبير لكن يبدو أنه ليس كافياً وهناك حاجة لمزيد من العمل".
وأضافت: "إلّا أنه، في عدد من المجالات التي أرى أنها ذات أهمية بالغة بالنسبة للولايات المتحدة، مثل سلاسل التوريد والبيئة والتمويل المستدام، حققنا تقدماً هائلاً... كما أحرزنا تقدماً في مجال التجارة، لكن يبدو أن العملية لم تكتمل".
قمة الإطار الاقتصادي
وأطلقت إدارة جو بايدن العام الماضي شراكة اقتصادية جديدة من أجل التصدي لنفوذ الصين، هي "الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ IPEF" والتي لا تُعد اتفاقية تجارة حرة ولكنها تسعى إلى تسهيل التجارة بين 14 دولة في المنطقة، ليس من بينها الصين وروسيا.
وتشكل هذه الدول معاً حوالى 40% من إجمالي الناتج العالمي، ووفقاً لبيان وزارة الخارجية الأميركية في مايو/أيار 2022، فإن الإطار الاقتصادي يهدف إلى "تعزيز المرونة والاستدامة والشمولية وكذلك النمو الاقتصادي والعدالة والقدرة التنافسية لاقتصاداتنا".
وتعقد قمة الدول المشاركة في الإطار في سان فرانسيسكو، بعد غد الخميس، بحضور بايدن.
وقال مكتب الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، في بيان، إن القمة ستناقش القضايا المتعلقة بتفاصيل خطة التعاون بين الدول الأعضاء.
وقبل القمة اجتمع وزراء مالية الإطار الاقتصادي، أمس الاثنين، ويستمر اليوم الثلاثاء، للتفاوض حول مجالات تعزيز سلاسل التوريد لأشباه الموصلات وغيرها من السلع الحيوية، وتوسيع الاستثمار في جهود إزالة الكربون، وتسهيل التجارة الرقمية.
وعشية القمة، طالب السيناتور شيرود براون، عضو الحزب الديموقراطي والمقرب من النقابات بإزالة الجزء المتعلق بالتجارة من الإطار. وقال براون إنّ "أي اتفاق تجاري لا يتضمن معايير عمل قابلة للتنفيذ هو أمر غير مقبول".
ولا يحظى الديمقراطيون إلا بغالبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، ويخشى بعضهم من أن يكون "الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ" بمثابة صياغة جديدة لاتفاق (الشراكة عبر المحيط الهادئ CPTPP)، وهي اتفاقية تجارة حرة أكثر طموحاً اقترحها الرئيس السابق باراك أوباما على حلفائه الآسيويين وانسحب منها خلفه دونالد ترامب في عام 2017.
قمة "أبيك"
في السياق، يترأس الرئيس الأميركي جو بايدن، قمة أخرى بالغة الأهمية هذا الأسبوع لن تقتصر قائمة ضيوفها على الحلفاء فحسب، بل ستضم أيضاً الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وسيستقبل بايدن في سان فرانسيسكو قادة الدول العشرين الأخرى المنضوية في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC أبيك) الذي تشكّل قبل ثلاثة عقود في حقبة كان فيها صانعو السياسات في الولايات المتحدة على قناعة بأن تعزيز التجارة سيساهم في توحيد صفوف الدول المطلة على الهادئ.
لكن هذه الرؤية تلاشت إذ كل ما باتت تسعى إليه إدارة بايدن ضمن "أبيك" هو اتفاق اقتصادي محدود فيما كثّفت في الشهور الأخيرة العقوبات على الصين التي تمثّل التحدي الأكبر لهيمنة الولايات المتحدة على صعيد العالم.
ويتوقع أن يجتمع بايدن وشي الأربعاء، في أول لقاء يجمعهما منذ قمة لمجموعة العشرين استضافتها بالي قبل عام.
وقبل توجهه إلى سان فرانسيسكو، سيستقبل بايدن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في البيت الأبيض، في إطار مساعي الولايات المتحدة للتنافس مع الصين من أجل الاستفادة من احتياطات النيكل الكبيرة في الأرخبيل والتي تعد ضرورية لصناعة السيارات الكهربائية.
اختيرت سان فرانسيسكو بفضل علاقاتها التاريخية مع آسيا ودورها المركزي في التكنولوجيا العالمية لكن يستبعد أن توفر قمة أبيك فترة استراحة من القضية التي تستحوذ على جل انتباه بايدن منذ شهر: الحرب بين حماس وإسرائيل.
وفضلاً عن إندونيسيا ذات الغالبية المسلمة الأكبر في العالم، تضم أبيك ماليزيا التي واجه رئيس وزرائها أنور إبراهيم دعوات من المعارضة لمقاطعة القمة على خلفية الدعم الأميركي لإسرائيل.
وتضم "أبيك" التي تتحدّث عن "اقتصادات" لا "بلدان" الصين وتايوان معاً، وهو أمر غير مألوف.
ولن تحظى تايوان بتمثيل سياسي فحسب، بل سيمثلها أيضاً رجل أعمال هو موريس تشان الذي يعد شخصية تاريخية في قطاع أشباه الموصلات في البلاد.
(فرانس برس، العربي الجديد)