الأمطار تُخرج القمح السوري مؤقتاً من دائرة الخطر

01 اغسطس 2023
حقول القمح السوري (Getty)
+ الخط -

حققت سورية إنتاجاً وُصف بـ"الجيد" من القمح في موسم 2023، سواء في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سورية أو في مناطق النظام السوري، بعد سنوات تدنّى فيها الإنتاج الى مستويات أدخلت هذا المحصول الاستراتيجي دائرة الخطر.

وأعلنت "الإدارة الذاتية" لشمال وشرقي سورية، أنها أغلقت مراكز استلام القمح، بسبب "انخفاض وتيرة التوريد" من قبل الفلاحين في مناطق سيطرتها. ووصف سليمان بارودو وهو الرئيس السابق لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، موسم القمح 2023 بـ "الجيد"، قياساً بالموسمين السابقين، موضحاً أن "كميات القمح التي استلمتها الإدارة الذاتية لهذا الموسم كانت على الشكل التالي: القمح بنوعيه الطري والقاسي مليون ومئة وخمسون ألف طن، أما بالنسبة لأصحاب العقود، فقد جرى استلام أكثر من مائة ألف طن.

وأشار في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الإدارة الذاتية بصدد اتخاذ العديد من الخطوات لدعم الفلاحين شمال شرقي سورية في المواسم المقبلة، مضيفاً: سيجري دعمهم بالبذار المعقم والمغربل الجاهز للزراعة، بالإضافة إلى دعمهم بالأسمدة والمحروقات، أي تأمين مستلزمات الزراعة كافة للفلاحين.

وتابع قوله إن "القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من أهم القطاعات، وهو الداعم الأساسي لاقتصاد شمال وشرق سورية، ويعتمد عليه معظم سكان هذه المنطقة".

وفي السياق، ذكر المهندس الزراعي محمود العلي في حديث مع "العربي الجديد" أن زيادة الإنتاج من القمح شمال شرقي سورية جاءت بسبب هطول كميات من الأمطار على البادية السورية، مضيفاً: كان الإنتاج كبيراً من القمح البعل، بينما كان الإنتاج متوسطاً من المساحات المروية، وخاصة في محافظة الرقة.

وأشار إلى أن "هطول أمطار كافية على البادية أنقذ الموسم، وأخرج القمح بشكل مؤقت من دائرة الخطر، لأن الاعتماد على المطر وحده يجعل هذه الزراعة الاستراتيجية في خطر دائم".

وبيّن أن "تكلفة الإنتاج المرتفعة، وتدني أسعار شراء المحاصيل من الجهات المسيطرة في عموم سورية، والهجرة المستمرة، وخاصة من قبل الشباب، الذين يمثلون الشريحة القادرة على العمل، وراء تدني الإنتاج".

وأضاف "لا ننسى الظروف الأمنية التي مر بها شمال شرقي سورية منذ عام 2011، فهذه كلها عوامل أدت إلى تراجع الإنتاج بشكل هدد السوريين برغيف خبزهم". ولا تمنع الإدارة الذاتية الفلاحين من زراعة القسم الذي تسيطر عليه من البادية السورية، التي تشكل نحو نصف مساحة سورية.

وكان النظام قد منع الزراعة في البادية منذ تسعينيات القرن الماضي، في إطار محاولات للحد من التصحر في البلاد، ولاستعادة الغطاء النباتي الطبيعي، ولكن الحال تغيّر منذ عام 2013، عقب خروج المنطقة عن سيطرته.

وتسيطر الإدارة الذاتية وهي ذراع إدارية لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، (قسد)، على جل المحافظات السورية المنتجة للقمح، والتي تعد سلة غذاء سورية، وهي: الرقة ودير الزور والحسكة وريف حلب الشمالي الشرقي، بما فيه منطقة منبج الواقعة غربي نهر الفرات.

وفي السياق، نقلت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، أمس الاثنين، عن مدير عام المؤسسة السورية للحبوب عبد اللطيف الأمين تأكيده أن المؤسسة "استلمت حتى تاريخه نحو 770 ألف طن من القمح هذا الموسم"، مشيراً إلى أن عمليات التسليم لا تزال مستمرة.

وبيّن أن "آخر مدة لتسليم القمح هي بداية سبتمبر/ أيلول المقبل"، مشيراً إلى أن حكومة النظام رصدت 3 آلاف مليار ليرة سورية (الدولار الأميركي يعادل نحو 13 ألف ليرة) لتسديد ثمن القمح للموسم الحالي، ومضيفاً: جرى تسديد نحو 1500 مليار منها.

وأوضح أن كميات القمح المسلّمة من قبل الفلاحين في مناطق سيطرة النظام زادت عن الموسم الماضي بأكثر من 200 ألف طن حتى الآن، مشيراً إلى أن كميات القمح التي استُلمت عام 2022 بلغت 521 ألف طن، وواصفاً هذه الزيادة بـ "الجيدة". كما أوضح أن حاجة سورية من القمح تصل إلى نحو 2.200 مليون طن سنوياً.

ومنذ عام 2011، دخلت زراعة القمح في سورية دائرة الخطر بعد تراجع الإنتاج بشكل دراماتيكي، من أكثر من 4 ملايين طن في الموسم، وهو ما كان يكفي الاستهلاك المحلي ويفيض قسم منه، إلى أقل من مليون طن في أكثر من موسم خلال السنوات الماضية.

ونتيجة النقص الهائل في القمح، بعد خروج الشمال الشرقي من سورية عن سيطرته، اعتمد النظام منذ سنوات عدة مبدأ توزيع الخبز ضمن بطاقات تحدد نصيب كل عائلة يومياً من هذه السلعة الأساسية.

المساهمون