خلال السنوات الثلاث الأخيرة تفاقمت الأزمات العنيفة حول العالم، وهو ما انعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية وفي القلب منها الأحوال المعيشية للمواطن. أزمات على كل شكل ولون، صحية، مالية واقتصادية، جيوسياسية وغيرها.
وفي الوقت الذي كانت فيه كورونا تضرب بقوة كل دول العالم وتكبد اقتصاده وأسواقه خسائر فاقت تريليونات الدولارات، جاءت أزمة سلاسل الإمدادات لتحدّ من تحركات السلع والخدمات والمعادن، وترفع أسعار المواد الخام والسلع الوسيطة.
وفي الوقت الذي كانت فيه موجة التضخم تنطلق وبشدة وتنتشر كالهشيم في عظام معظم دول العالم، كانت أسعار النفط والوقود والأغذية تسجل قفزات تاريخية لتثير فزع الدول المستهلكة وفي المقدمة معظم الدول العربية وأفريقيا وغيرها من دول العالم.
جديد الأزمات في العالم هي الأعاصير، والتي ضربت العديد من الدول وسببت خسائر تقدر بمئات المليارات من الدولارات للاقتصادات
وبينما لم يودع العالم بعد موجة الغلاء وقفزات الأسعار، طرقت أزمة أخرى الأبواب وهي رفع البنوك المركزية سعر الفائدة، وهو ما زاد من متاعب الدول المالية، ورفع من كلفة الأموال وحجم الدين العام وعقد عملية الإقراض الدولي بسبب حدوث قفزات في سعر الفائدة على الدولار وهروب الأموال الساخنة من الدول النامية والأسواق الناشئة.
وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا تحلم بوداع سنوات كورونا العجاف، لم يمهلها الحظ، إذ تواجه حالياً عدة أزمات، منها نقص الطاقة، فروسيا قررت وقف تصدير الغاز إلى أوروبا عبر خط نورد ستريم 1 الرئيسي إلى أجل غير مسمى.
والملفت أنّ روسيا باتت تحرق الغاز بدلاً من بيعه وتصديره لدول القارة، وذلك في إطار خطة بوتين الضغط على أوروبا لإفشال خطتها الرامية لملء خزانات الغاز قبل قدوم فصل الشتاء.
ومع اشتعال الحرب الاقتصادية بين موسكو والغرب تفاقمت أزمة الطاقة وتصاعدت المخاوف من فشل القارة في السيطرة على التضخم وخروج غلاء الأسعار عن السيطرة.
وفي الوقت الذي تخوض فيه أوروبا حرباً اقتصادية شرسة ضد روسيا والتضخم، تعرضت لأزمة من نوع آخر وهي الجفاف والتصحر واشتعال حرائق الغابات بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
شاهدنا ذلك في بريطانيا وإسبانيا واليونان وغيرها، وهو ما يزيد من متاعب الاقتصاد الأوروبي الذي يعاني من أزمة تضخم قاتلة ومخاطر شديدة بسبب تداعيات حرب أوكرانيا.
جديد الأزمات في العالم هي الأعاصير، والتي ضربت العديد من الدول الكبرى وسببت خسائر تقدر بمئات المليارات من الدولارات للاقتصادات القوية والضعيفة على حد سواء.
الأعاصير التي ضربت باكستان قبل أيام كلفت اقتصادها خسائر بقيمة نحو 13 مليار دولار ودمرت البنية التحتية
فالأعاصير التي ضربت باكستان قبل أيام كلفت اقتصادها خسائر بقيمة نحو 13 مليار دولار، والحكومة تبحث تدبير 10 مليارات دولار لإعادة تأهيل البنية التحتية التي تهدمت بسبب الأعاصير والفيضانات، كما تبحث عن موارد أخرى لتعويض المتضررين، حيث أثرت الفيضانات على أكثر من 33 مليون مواطن من 116 مقاطعة.
والأعاصير التي ضربت ولايات أميركية، تسببت في خسائر فادحة للاقتصاد والمواطن لدرجة دفعت الرئيس جو بايدن، يوم الأحد، إلى إعلان ولاية كنتاكي منطقة كارثة كبرى بعدما اجتاحت سلسلة من الأعاصير المدمرة الولاية يوم الجمعة الماضية، بل واعتبر بايدن موجة الأعاصير الأخيرة التي ضربت الولايات المتحدة هي الأكبر في تاريخ البلاد.
كما ضربت الأعاصير والفيضانات العديد من الدول، اليابان التي ألغت رحلات جوية وأوقفت مصانع عن الإنتاج بسبب الإعصار هينامور، وكوريا الجنوبية التي قلّصت أنشطة مصانعها وعلقت بعض العمليات التجارية وأغلقت المدارس، وعلقت مدينة شنغهاي الصينية العمليات في ميناء يانجشان في ظل اقتراب إعصار هينامور من الساحل الشرقي ونشرت 50 ألف جندي، وتكرر المشهد في دول أخرى، منها أستراليا وإيطاليا وتايوان والسودان.
الأعاصير تدمر المباني والمنشآت والبنية التحتية والإنتاج الزراعي وتؤثر سلبا على الأنشطة الصناعية ومنها الصناعة والسياحة والطيران، وتسبب خسائر فادحة للاقتصادات المختلفة، ويكفي القول إنّ خسائر أميركا من الأعاصير في 20 عاماً تتجاوز قيمتها تريليون دولار. وفيضانات ألمانيا التي شهدتها البلاد منتصف العام الماضي كلفت شركات التأمين لوحدها نحو 5 مليارات يورو.