الأسواق تحبس أنفاسها ترقباً لنتائج الانتخابات الأميركية

03 نوفمبر 2020
مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن في اللحظات الحاسمة للانتخابات
+ الخط -

رغم أن استفتاءات الرأي لا تزال تشير إلى أن مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن متقدم على خصمه الرئيس دونالد ترامب حتى أمس الإثنين، إلا أن كبار المستثمرين ينتابهم الخوف من احتمال حصول مفاجآت، خاصة وأن بعض الولايات الرئيسية تتقارب فيها شعبية المرشحين مثل فلوريدا وبنسلفانيا.

وفي حال فوز نائب الرئيس السابق بايدن بالانتخابات فإن المستثمرين سيواجهون خريطة استثمارية جديدة على صعيد الضرائب والإنفاق الحكومي والتجارة والإجراءات والقوانين التي تحكم إدارة المال والاقتصاد، وكذلك العلاقات الخارجية لواشنطن مع الحلفاء في أوروبا وآسيا. ولكن معظم التوقعات تشير إلى أن إعلان نتائج الانتخابات ربما يتأخر، خلافاً لما اعتاد عليه الأميركيون في الحصول على نتيجة الانتخابات التي تحدد من هو الفائز بانتخابات الرئاسة، صباح اليوم التالي لموعد التصويت. 

ويتوقع محللون أميركيون، أن وسائل الإعلام الأميركية لن تتمكن هذه المرة من التعرف على نتيجة الانتخابات، إلا بعد أيام من التصويت. وهنا تتركز مخاوف المستثمرين، لأن ترامب وأعضاء فريقه الانتخابي أعلنوا صراحة أنهم سيستغلون أي لبس في النتائج لإعلان فوزه بالانتخابات، خاصة وأنه أعلن أنه سيقيم حفلاً مساء الثلاثاء في البيت الأبيض. على الصعيد الداخلي، تبدو هذه الانتخابات شديدة الأهمية بالنسبة للاقتصاد الأميركي الذي يترنح تحت ضربات جائحة كورونا وكذلك بالنسبة لأسواق المال، إذ إن مصرف الاحتياط الفيدرالي، (البنك المركزي الأميركي)، لم يعد المحرك الرئيسي للاقتصاد بسبب معدل الفائدة الثابتة التي ستظل على حالها لمدة عامين على الأقل. ويرى محللون أن معدل البطالة المرتفع حالياً يضرب القوة الشرائية التي يعتمد عليها الاقتصاد الأميركي. وبالتالي ما يحتاجه الاقتصاد الأميركي حالياً هو دعم ميزانية الأسر الأميركية والأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة التي يعتمد عليها خلق الوظائف وزيادة القوة الشرائية اللازمة للنمو الاقتصادي. وبالتالي، فإن أسواق المال لا تأمل فقط فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، ولكنها تأمل كذلك سيطرة الحزب الديمقراطي على مجلسي النواب والشيوخ، لأن سيطرة حزب واحد على الكونغرس هي التي تضمن التنسيق المطلوب لسرعة إجازة الحزمة المالية وحجمها.

 
في هذا الشأن، تتوقع تقديرات "أيوا إلكترونيك ماركتس"، أن يحصل الحزب الديمقراطي على أغلبية في مجلس الشيوخ مع احتفاظه بالأغلبية في مجلس النواب. وفي حال حدوث ذلك، فإن حجم الحزمة المالية التحفيزية سيكون كبيراً وسريعاً، وربما يفوق تريليوني دولار، وهو يجعل كبار المستثمرين يتفاءلون بفوز الحزب الديمقراطي. وكشف الديمقراطيون في الكونغرس خلال شهر أكتوبر/ تشرين الماضي عن مشروع إنعاش اقتصادي بقيمة ثلاثة تريليونات دولار ولكن الحزب الجمهوري رفض المقترح. وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، قد قدمت مشروع القانون الجديد للتحفيز المالي وسط مطالب شعبية كبيرة بإنقاذ الأسر من الضائقة المالية التي يمر بها المواطن الأميركي في الوقت الراهن. وتضمن المشروع جولة ثانية من الدفعات المالية التي تصل إلى 6 آلاف دولار للعائلة في محاولة لتخفيف العبء عن عشرات ملايين الأميركيين الذين فقدوا وظائفهم. كما أنه يمول العاملين بقطاع الصحة ومُسعفي الحالات الطارئة ويوسع حلقة الفحوص وتتبع المصابين، كما يعزز إقراض الشركات الصغيرة والأمن الغذائي للأسر الفقيرة.
على صعيد الفوائد التي سيجنيها الاقتصاد الأميركي من فوز جو بايدن مقارنة بترامب، توقع اقتصاديو مصرف "غولدمان ساكس" في تحليل أمس الإثنين، أن يتمكن الديمقراطيون من اكتساح هذه الانتخابات وإجازة حزمة تحفيز لا تقل عن تريليوني دولار للاقتصاد الأميركي بعد حفل تنصيب الرئيس الجديد في يناير/كانون الثاني مباشرة. ولكن مصرف" غولدمان ساكس" ليس وحده الذي يرى أن فوز بايدن سيفيد الاقتصاد الأميركي أكثر من فوز دونالد ترامب، إذ إن المحلل الاقتصادي بوكالة موديز للتصنيف الائتماني، مارك زاندي، يرى هو الآخر، أن فوز بايدن لا يعني فقط إجازة سريعة لحزمة الإنقاذ المالي ولكنه سيعني كذلك خلق نحو 7.4 ملايين وظيفة جديدة. 
على الصعيد الخارجي، فإن الشركات الأميركية متعددة الجنسيات وشركات التقنية والمصارف الأميركية التي دعمت بشدة المرشح الديمقراطي بايدن، ترى أن فوز الأخير سيعني بناء علاقات تجارية متوازنة ويحكمها القانون مع أسواقها الرئيسية في آسيا وأوروبا، مقارنة بالتوتر الحالي في علاقات التجارة والتقنية في ظل حكم الرئيس ترامب. يُذكر أن المصارف الأميركية لديها حجم ضخم من السيولة يقدر بنحو 3.4 تريليونات دولار وتبحث عن أسواق خارجية مستقرة تمنحها فرص الاستثمار، وهو ما لا يوفره فوز ترامب.

ومعروف أن أسواق آسيا والأسواق الناشئة هي الأسواق الرئيسية التي ترتفع فيها نسبة الفائدة مقارنة بأسواق الائتمان في أوروبا التي تنخفض فيها نسبة الفائدة تحت الصفر بينما تقارب الفائدة في الولايات المتحدة، الصفر. وبالتالي فإن المصارف الأميركية وشركات التقنية الكبرى لا ترغب في تصعيد التوتر والحروب التجارية التي يشعل نارها ترامب، كما تتخوف من المزاجية التي يدير بها العلاقات التجارية مع آسيا.

المساهمون