ما زالت الأمم المتحدة وتركيا تأملان في إمكان تمديد الاتفاق الدولي لتصدير الحبوب من أوكرانيا، لمدة 120 يوماً، قبل ساعات من انتهاء صلاحيته، فيما كثفت أنقرة جهودها لإقناع موسكو وكييف، وسط قلق في الأسواق من احتمالات تمديده 60 يوماً فقط، وفقاً للمقترح الروسي.
وخفف اتفاق الحبوب من أزمة الغذاء العالمية التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، أحد أكبر منتجي الحبوب في العالم، والتي صدرت أكثر من 29,1 مليون طن من الحبوب من موانئها منذ يوليو/ تموز 2022.
في المقابل، صُدرت كمية بسيطة تقدر بنحو 260 ألف طن من الأسمدة الروسية المخزنة في الموانئ الأوروبية.
وقبل الحرب، كانت أوكرانيا رابع أكبر مصدر للذرة وخامس أكبر مورد للقمح في العالم. وتزود بشكل أساسي البلدان الفقيرة في أفريقيا والشرق الأوسط التي تعتمد على واردات الحبوب.
عوامل المخاطرة
في السوق الأوروبية، عادت أسعار القمح والذرة إلى مستويات ما قبل الحرب، كما انخفضت أسعار البذور الزيتية مثل الكولزا وعباد الشمس وغيرها.
وصرح الوسيط إدوار دو سان دوني لدى شركة "بلانتوريه إي أسوسييه" لوكالة فرانس برس: "حالياً، يراهن السوق على أنه سيكون لدينا تمديد لمدة 120 يوماً. إذا لم يحدث ذلك، ستتم خلال الستين يوماً مواصلة المفاوضات لتمديد أطول".
لكن سيباستيان بونسوليه، المحلل في شركة "أغريتل"، قال، إننا "إذا وصلنا إلى نهاية الاتفاق دون إحراز تقدم، وبقينا على الاقتراح الروسي لمدة 60 يوماً، فسيكون ذلك عاملاً من عوامل المخاطرة".
وقال مايكل زوزولو من "غلوبال كوموديتي أناليتيكس أند كونسالتنغ"، إنّ 60 يوماً "ليست كافية" لاستئجار سفينة والتأمين على الشحنة.
أسمدة روسية
لكن موسكو ليست راضية عن تنفيذ اتفاق آخر وقّع في يوليو الماضي مع الأمم المتحدة بشأن صادراتها من الأسمدة.
من الناحية النظرية، لا تخضع هذه المنتجات الأساسية للزراعة العالمية للعقوبات التي فرضتها الدول الغربية منذ بداية الحرب، لكنّ تصديرها محظور بحكم الواقع.
تريد موسكو إحراز تقدم ملموس في المدفوعات المصرفية ولوجستيات النقل والتأمين و"إلغاء التجميد" المفروض على النشاطات المالية وتوريد الأمونيا عبر خط أنابيب Togliatti-Odessa، وتعرض روسيا تمديد المبادرة لمدة 60 يوماً في بادرة حسن نية.
وقال الكرملين الجمعة إنّ روسيا ستمدد العمل بالاتفاق 60 يوماً، مؤكداً تصريحات سابقة لوزارة الخارجية الروسية.
لكن رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال، قال إنّ بلاده تصرّ على تمديده لمدة 120 يوماً. وينتهي العمل بالاتفاق اليوم السبت.
وطالبت كييف كلاً من أنقرة والأمم المتحدة بالتدخل بصفتهما ضامنتين للاتفاق، والجمعة، لم يقل أحد ما سيحدث السبت قبيل منتصف الليل.
وتركيا هي طرف في هذا الاتفاق الموقّع في يوليو 2022 من جانب أوكرانيا وروسيا وبرعاية الأمم المتحدة.
اقتراح أوكراني
من جانبها، أعربت أوكرانيا، السبت، عن دعمها توسيع اتفاقية ممر الحبوب في البحر الأسود لمدة 120 "يوماً على الأقل، أو لأجل غير مسمى".
وقال مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي في مدينة نيويورك إنه "يقترح تمديد مبادرة حبوب البحر الأسود بعد انتهاء صلاحيتها في 18 مارس/ آذار الجاري لمدة 120 يوماً على الأقل، كما هو منصوص عليه، أو لأجل غير مسمى".
وأضاف المبعوث الأوكراني: "نقترح أيضاً توسيع نطاق عمل الاتفاقية لتشمل أيضاً الموانئ الأوكرانية في منطقة ميكولايف جنوبي البلاد".
مساعٍ تركية وأممية للتمديد
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، اليوم السبت، إنّ بلاده ستبذل جهوداً لتمديد اتفاق الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وذلك بمجرد انتهاء سريان الاتفاق.
وأضاف جاووش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، أنّ "روسيا وافقت على تمديد اتفاق الحبوب لمدة شهرين فقط. وسنبذل جهوداً لتمديد آخر بعد الشهرين".
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إنّ "انتهاء صلاحية (الاتفاق) يقترب. نحن على تواصل مع أوكرانيا وروسيا لتمديد الاتفاق وفقاً للشروط الأولية".
ويعتزم الوزير التوصل إلى اتفاق لتمديد الصفقة 120 يوماً كما هو منصوص عليه في مبادرة حبوب البحر الأسود.
وينص الاتفاق على أنه يجب "تمديد المبادرة تلقائياً للفترة نفسها (120 يوماً) ما لم يُخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته إنهائها أو تعديلها".
ويفترض أن تنتهي صلاحية الاتفاق اليوم عند الساعة 23,59 بتوقيت إسطنبول، أو 20,59 بتوقيت غرينتش، لكن منذ الاثنين، تؤكد الأمم المتحدة أنها تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الآلية التي ساعدت على تهدئة الأسعار التي ارتفعت إثر غزو أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.
وفي جلسة لمجلس الأمن، قال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث "في هذا الوقت، تبذل الأمم المتحدة بقيادة الأمين العام كل ما في وسعها لضمان استمرار مبادرة حبوب البحر الأسود. نواصل العمل من كثب مع جميع الأطراف".
وشدد غريفيث على أنّ "الجهود المبذولة لإزالة العوائق" أمام صادرات الأسمدة الروسية مستمرة في الوقت نفسه، مشددا على الطبيعة "الحيوية" للتطبيق "الكامل" للاتفاقيتين من أجل الأمن الغذائي العالمي.
وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في نيويورك "نأمل أن تستمر المبادرة وأن تستمر السفن في الوصول".
من جهتها، قالت الناطقة باسم الأمم المتحدة في جنيف أليساندرا فيلوتشي خلال مؤتمر صحافي إن "الاتفاق ينص على التجديد مدة 120 يوماً. المناقشات جارية ولن نطلق تكهنات". وأضافت أن الأمم المتحدة "ليست من بين موقعي الاتفاق الثلاثة، الأطراف الثلاثة في الاتفاق هي الدول الأعضاء (روسيا وأوكرانيا وتركيا)، والأمم المتحدة شاهدة على هذا الاتفاق".
(رويترز، فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)