الأزمة الاقتصادية تلقي بظلالها على الانتخابات النيابية اللبنانية

15 مايو 2022
ساهمت الأزمات الاقتصادية في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم الأحد في أول انتخابات في لبنان منذ الانهيار الاقتصادي في البلاد، فيما قال كثيرون إنهم يأملون توجيه ضربة للنخبة السياسية الحاكمة التي يحمّلونها مسؤولية الأزمة حتى لو بدت احتمالات حدوث تغيير كبير ضئيلة.
ساهمت الأزمات التي مرّ بها اقتصاد لبنان في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين الذين هاجر آلاف منهم خلال السنتين الماضيتين، ولا سيما الشباب. 
ويبدو عدد كبير من الناخبين وفق وكالة "فرانس برس" نقلاً عن استطلاعات رأي غير آبه للاستحقاق الانتخابي ونتائجه، لكنّ آخرين يتطلّعون إلى تحقيق تغيير، وإن محدوداً، لمصلحة مجموعات معارضة.

انقطاع الكهرباء في مراكز تصويت

وبدا مدى الانهيار الاقتصادي في لبنان واضحاً الأحد، ولا سيما في مدينة طرابلس الواقعة شمالاً، وهي أكثر مدن لبنان فقراً، حيث انقطعت الكهرباء عن عدة مراكز اقتراع.
 واضطر الناخبون، وفقاً لوكالة "أسوشييتدبرس"، إلى صعود عدة درجات من السلالم للإدلاء بأصواتهم. وشوهد الناخبون وهم يستخدمون أضواء هواتفهم المحمولة للتحقق من قائمتهم قبل وضع أوراق الاقتراع في الصندوق.
وأفادت تقارير إعلامية محلية عن انقطاع الكهرباء في عدد من المراكز، رغم تأكيد وزارة الداخلية أن التغذية ستكون متوافرة بشكل متواصل طوال اليوم الانتخابي.
ويتعيّن على البرلمان الجديد إقرار مشروع قانون "كابيتال كونترول" الذي يقيّد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف، إضافة الى إقرار مشروع قانون موازنة عام 2022.
وسيتعيّن على البرلمان المقبل إقرار هذين المشروعين. كذلك سيتعين عليه إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل القانون المتعلّق بالسرية المصرفية.
ومنذ الانتخابات السابقة في عام 2018 هزّ لبنان انهيار اقتصادي أنحى البنك الدولي باللوم فيه على النخبة الحاكمة، وشهد مرفأ بيروت انفجاراً ضخماً في 2020.

تصويت عقابي

ويحمّل اللبنانيون المسؤولين في بلادهم مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، وقال فادي رمضان (35 عاماً) الذي أدلى بصوته لأول مرة لوكالة "رويترز" إنه يريد توجيه "صفعة للنظام السياسي" باختيار مرشح مستقل.
وأكدت سينتيا طوكاجيان (37 عاماً) وتعمل في مجال الاستشارات، بعد اقتراعها في محلة الكرنتينا في بيروت، لـ"فرانس برس": "أتمنى أن يشعر الذين كانوا جزءاً من هذه المنظومة المكسورة، أن من واجبهم اليوم أن يكونوا جزءاً من عملية إصلاحها عبر الانتخاب" ضدها.
وتقول ماريانا فودوليان (32 عاماً)، وهي من المتحدثين باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت: "إننا ضد المنظومة التي حكمتنا منذ ثلاثين عاماً وسرقتنا وفجّرَتنا. الانتخابات فرصة لتغيير المنظومة ومحاسبتها".
وحذرت جماعات مراقبة من أن يشتري المرشحون أصوات الناخبين من خلال عبوات الطعام وقسائم الوقود التي يجري إصدارها للأسر الأكثر تضرراً من الانهيار المالي.
وقالت الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، إنّ الدولة اللبنانية والمصرف المركزي مسؤولان عن أزمة مالية غير مسبوقة أدت الى "إفقار غير ضروري" لغالبية السكان الذين يتخبطون لتأمين الحدّ الأدنى من احتياجاتهم.

انهيار اقتصادي

ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة. 
كذلك يعاني من شحّ في السيولة وقيود على السحوبات المالية من المصارف وانقطاع في التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم.
وفقد عشرات الآلاف وظائفهم، وغادر كثيرون البلاد بحثاً عن فرص في الخارج.
كما تأتي الانتخابات بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص، وسبّب إصابة أكثر من 6500 آخرين. 
ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، من الإهمال وتخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.
وبعد إعلان نتائج الانتخابات، ستصبح حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي حكومة تسيير أعمال إلى أن يدعو رئيس الجمهورية إلى التشاور مع أعضاء البرلمان الجدد الذين يختارون رئيس الوزراء المقبل.
كما سينتخب البرلمان الجديد رئيساً جديداً للدولة، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون البالغة ست سنوات في نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
المساهمون