بدأت الحكومة الأردنية بإعداد خطة للتعافي الاقتصادي لمرحلة ما بعد جائحة كورونا والتي تسببت في تعميق أزمة البلاد الاقتصادية وارتفاع كبير في معدلات الفقر والبطالة والمديونية التي بلغت مستويات قياسية غير مسبوقة. ويأتي العمل على إعداد الخطة في محاولة لوقف تراجع النشاط الاقتصادي وتحقيق نسبة نمو بالقدر المستطاع في ظل التحديات الراهنة والآثار الناتجة عن الجائحة إضافة إلى إغلاقات الحدود مع العراق وسورية وتوقف السياحة بشكل نهائي على مدى أكثر من عام.
وانكمش الاقتصاد الأردني بنسبة 1.8% العام الماضي وفقد الكثير من مقوماته الأساسية كالسياحة وانخفاض تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج وانخفاض الإيرادات المحلية وغيرها.
رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، أوضح أن الخطة تقوم على أساس وضع مصفوفة أولويات اقتصادية للتعافي لمرحلة ما بعد كورونا بحيث يتم وضع خارطة طريق لمدة عامين محددة بمشاريع ومرتبطة بآفاق ونوافذ تمويلية سواء من الخزينة العامة أو مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو مفتوحة للاستثمار. وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، ضرار الحراسيس، إن الخطة التي تعكف الحكومة على أعدادها يجب أن تتم بالتشارك مع أصحاب الاختصاص والجهات ذات العلاقة من القطاع الخاص حتى تعكس مخرجات الواقع بالشكل المطلوب.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الخطة يجب أن توجه بالشكل الذي ينعكس مباشرة على الحد من الفقر والبطالة وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتخفيف الأعباء عن كاهل القطاعات الاقتصادية المختلفة وأن ترتبط بأهداف واضحة ومحددة.
وأوضح الحراسيس أن الاقتصاد الأردني يحتاج إلى وقت للتعافي من جائحة كورونا ويجب البناء على ما تحقق من تطور لبعض القطاعات خلال الجائحة سيما الصناعية. وأعلن المرصد العمالي الأردني "مؤسسة مجتمع مدني" أن الأردن خسر حوالي 140 ألف فرصة عمل خلال عام واحد بسبب كورونا. ويعاني الأردن من ارتفاع عجز الموازنة وتراجع الإيرادات خلال السنوات القليلة الماضية حيث قدرت الحكومة حجم الموازنة لهذا العام بحوالي 14 مليار دولار بعجز 2.89 مليار دولار بعد احتساب المنح الخارجية التي تحصل عليها البلاد من جهات مختلفة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والسعودية وغيرها.
وقال البنك الدولي إنه على المدى القصير إلى المتوسط سيبقى التعافي مرهونا بسرعة عملية التطعيم ليس فقط على المستوى المحلي بل أيضاً في الخارج نظراً لصلات الأردن القوية في التجارة والسفر والاستثمار مع العالم الخارجي. وعلى المدى المتوسط أكد البنك الدولي ضرورة تطبيق سلسلة واسعة من الإصلاحات المعززة للنمو. وبين أن الجائحة أدت إلى ازدياد معدلات الفقر المدقع واتساع التفاوت في مستويات الدخل في الأردن.
وقال البنك الدولي: تتطلب عمليات إعادة البناء بصورة أفضل إعطاء الفئات الأشد فقراً والأكثر حرماناً الفرص لاستعادة ما فقدوه وبناء الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية بينما يجب إعادة النظر في سیاسات سوق العمل والحماية الاجتماعية والصحة والتعليم من منظور المساواة والشمول. الخبير الاقتصادي مازن مرجي، قال لـ"العربي الجديد" إن الصعوبات التي تواجه الاقتصادي الأردني تتطلب تحفيز الاستثمارات واستقطاب المستثمرين وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على إقامة المشاريع في مختلف المجالات ما يساهم في توفير فرص العمل وتخفيض نسبة البطالة وتعزيز الإيرادات المتحققة للخزينة.
وأضاف أن القطاعات الاقتصادية المختلفة بحاجة إلى إجراءات تمكنها من الخروج من الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها، مشيرا إلى أهمية أن يكون للبنوك دور أكثر فاعلية في هذه المرحلة من خلال تخفيض كلف التمويل وإعادة النظر بأسعار الضرائب المرتفعة على قروض الأفراد والقطاع الخاص. وبين أن منظومة الإصلاح التي تعمل الحكومة على أساسها يفترض أن ترافقها خطة شاملة لتحسين الوضع حسب مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي التي يجب أن تسير جنبا الى جنب. وتعمل الحكومة في سياق متصل على مواجهة الارتفاعات المحتملة للأسعار محليا في ضوء الارتفاعات التي تشهدها الأسواق العالمية نتيجة لتداعيات جائحة كورونا والزيادة الكبيرة التي طرأت على كلف الشحن البحري وبنسبة غير مسبوقة وكذلك ارتفاع كلف الإنتاج.