الأردن: تردي الاقتصاد يؤجج الغضب الشعبي ضد الحكومة

25 نوفمبر 2021
احتجاج سابق ضد الغلاء في الأردن (محمد صلاح الدين/الأناضول)
+ الخط -

بدأت الحكومة الأردنية برئاسة بشر الخصاونة تواجه معارضة ضاغطة لم تشهدها منذ تشكيلها في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة ودخول البلاد في موجة ثالثة من وباء كورونا وتزايد معاناة المواطنين المعيشية.
وما زاد حدة الانتقادات والتحركات المعارضة للحكومة، التعديلات الدستورية المقترحة والتي بدأ مجلس النواب بمناقشتها في مستهل الدورة العادية الأولى للبرلمان، والتي يرى مراقبون أنها تتضمن مخالفات لنصوص دستورية أخرى وتوسيعاً لسلطات الملك.
وكانت أول التحركات الميدانية المعارضة للحكومة، نفذتها أحزاب ومنظمات مجتمع مدني قبل أسبوعين تقدمها حزب جبهة العمل الإسلامي الأكثر شعبية في الأردن.

واجهت الحكومة موجة غضب شعبية جراء إخفاقها في تنظيم المشاركة الأردنية في معرض إكسبو دبي والمغالطات الكبيرة التي تسبب بها قائمون على الجناح الأردني

كما واجهت الحكومة موجة غضب شعبية جراء إخفاقها في تنظيم المشاركة الأردنية في معرض إكسبو دبي والمغالطات الكبيرة التي تسبب بها قائمون على الجناح الأردني في المعرض، خصوصاً تقديم معلومات مغلوطة عن تاريخ الأردن الحديث ومدنه في الوقت الذي أخفقت الجهود الحكومية باستقطاب الاستثمارات وتنشيط بيئة الأعمال.

تهديد بالإضرابات
بسبب تردي الأوضاع المعيشية فقد هدّد آلاف العاملين في عدة قطاعات بتنفيذ إضرابات متوالية للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية وكذلك وقف عمليات الهيكلة والفصل من العمل ما يعيد الاحتجاجات العمالية بقوة إلى الواجهة مع مواصلة أشخاص عاطلين عن العمل ضغوطهم لغايات التوظيف والتشغيل.

وقال رئيس المرصد العمالي، أحمد عوض، لـ"العربي الجديد" إنّ ارتفاع البطالة من أخطر المشكلات التي تواجه الأردن في هذه المرحلة، إضافة إلى تعدد الاعتصامات والإضرابات العمالية، ما يزيد الضغوط على الحكومة التي لم تعد قادرة على توفير فرص العمل في القطاع الخاص وتراجع الفرص المستحدثة في القطاع الخاص. وحذر عوض من تجدّد الاحتجاجات العملية بسبب تردي الاقتصاد.

زيادة معدل التضخم
الخبير الاقتصادي، حسام عايش، قال لـ"العربي الجديد" إن الحكومة ستواجه مزيداً من الانتقادات، خلال الفترة المقبلة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية خصوصاً مع انطلاقة أعمال البرلمان في دورته العادية وسعي النواب لتحسين صورتهم أمام قواعدهم الشعبية.
وأضاف أن ما يفتح المجال أمام انتقال الاحتجاجات إلى الشارع مرة أخرى إعلان رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي، إتاحة المجال لتنظيم الاحتجاجات أمام مجلس النواب بعد منعها في فترة سابقة. وتم انتخاب الدغمي الذي يحتفظ بمقعدة النيابي منذ عام 1989 رئيساً للمجلس لمدة عامين.
وأشار عايش إلى أنّ ارتفاع الأسعار خصوصاً المواد التموينية والمحروقات سيرفع درجة الاستياء من أداء الحكومة الاقتصادي وعدم قدرتها على مواجهة أعباء البطالة والسيطرة على التضخم.

وتوقعت الحكومة بلوغ معدل التضخم مقاساً بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك، نحو 2% في عام 2022، و2.5% في عام 2023، و2.5% في عام 2024. وكان رئيس الحكومة وجه الجهات المختصة لتكثيف الرقابة على الأسواق للحد من غلاء الأسعار.
ونجحت الاحتجاجات الشعبية عام 2018 بسبب تدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار والضرائب في إسقاط حكومة هاني الملقي.

إهمال المطالب المعيشية
وقال عضو مجلس النواب الأردني، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تعطي في ما يبدو الأولوية حالياً لإقرار حزمة التشريعات الإصلاحية والمتمثلة بمشاريع قوانين للانتخابات والمجالس المحلية والأحزاب، إضافة إلى تعديلات مقترحة على الدستور والتي جاءت كمخرجات للجنة الملكية للإصلاح.
وأضاف: "الأصل ألا تطغى تلك الإصلاحات والجدل الدائر حولها على الجانب الاقتصادي ومشكلاته وضرورة البحث عن حلول ناجعة لمشكلات الفقر والبطالة وتراجع النمو وارتفاع معدل المديونية لمستويات كبيرة، وما يرافق ذلك من أعباء الدين العام من فوائد وأقساط مستحقة الدفع للجهات الدائنة".
وقال إنّ من الأمور التي تبعث على القلق سوء الوضع المائي أيضاً إذ شهدنا جفاف 6 سدود قائمة في الأردن وتراجع الكميات المخزنة في السدود لمستويات غير مسبوقة بسبب تأخر الهطول المطري ونضوب المياه من عدد من السدود.

وأضاف أنّ المشكلات المتعلقة بقطاع الطاقة ما زالت قائمة أيضاً، وما أعلن عنه من اتفاقية تضم الأردن والكيان الإسرائيلي لإقامة محطة لتوليد الكهرباء على الأراضي الأردنية، سيسهم في توتير العلاقة ما بين النواب والحكومة خلال الفترة المقبلة.

وارتفعت نسبة البطالة في الأردن إلى 25% والفقر إلى 27%، وفقاً لآخر بيانات إحصائية، وسط توقعات بمواصلتهما الارتفاع، خلال الفترة المقبلة، بسبب تداعيات جائحة كورونا.
وقال وزير المالية محمد العسعس، في تصريحات مؤخراَ، إنّه تم التوصل بنجاح إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي في خطوة تؤكد على الاستقرار المالي والاقتصادي في الأردن وتعزز الثقة في قدرة البلاد على تحقيق التعافي الاقتصادي وتجاوز التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على الاقتصاد الأردني.
وأكد العسعس أنّ الهدف الرئيس الذي تسعى الحكومة لتحقيقه هو تخفيض مستويات البطالة وخلق فرص عمل للشباب عبر تعزيز النمو الاقتصادي.

دعوات للتظاهر
وفي سياق متصل بحالة السخط الشعبي، خلال الفترة الأخيرة، من توجهات الحكومة الاقتصادية، دعا الملتقى الوطني الأردني لدعم المقاومة، المواطنين للمشاركة في مسيرة تنطلق من أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة الأردنية عمّان، يوم الجمعة المقبل، رفضاً لمذكرة التفاهم التي وقعتها الحكومة الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي تحت عنوان "الماء مقابل الكهرباء".

ورفضت اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع (مستقلة)، توقيع الحكومة الأردنية ممثلة بوزير المياه محمد النجار، إعلان نوايا مع الكيان الصهيوني بتمويل من حكومة الإمارات ورعاية أميركية حول مبادلة المياه بالطاقة.

واعتبرت اللجنة في بيان، مساء أول من أمس، أنّ هذه الخطوة "تدل على أنّ الموقف الرسمي مستمر بالتطبيع مع الكيان بالاتفاقيات التي ترهن الاقتصاد والمياه والغاز لإرادة العدو".

المساهمون