قدرت الحكومة الأردنية حجم الفرص التصديرية الضائعة بأكثر من 4.4 مليارات دولار سنوياً، وذلك استنادا إلى بيانات مركز التجارة الدولية، لتعلن عن استراتيجية لاستغلال هذه الفرص من أجل رفع قيمة صادرات المملكة إلى نحو 10.5 مليارات دولار سنوياً.
وبالتزامن مع مساعي زيادة حجم الصادرات وتخفيض عجز الميزان التجاري، الذي يرتفع بشكل مطرد منذ سنوات، طالب مسؤولون في قطاعات اقتصادية مختلفة الحكومة مجدداً، بإعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع عدة بلدان وتكتلات اقتصادية، والتي تقول الحكومة إنها تساهم في زيادة العجز التجاري وعدم قدرة المنتجات الأردنية على دخول أسواق البلدان الموقعة معها هذه الاتفاقيات.
لكن الحكومة تبدي حذراً في التعامل مع ملف الاتفاقيات التجارية، في إطار إحدث توازن بين القطاعين التجاري والصناعي، وفق محللين اقتصاديين.
ووفق وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالي، فإن صادرات الأردن تعافت من تداعيات جائحة كورونا وحققت ارتفاعاً قياسياً خلال العام الماضي، وتجاوزت نسبة النمو التي سجلتها خلال عام 2019 أي قبل الأزمة الصحية العالمية، حيث زادت إلى 33.8% مقابل 6.8% لتبلغ 8.08 مليارات دينار (11.3 مليار دولار)، وواصلت ارتفاعها خلال يناير/ كانون الثاني 2023.
وأشار الشمالي في تصريحات صحافية أخيراً، إلى أن الصادرات كانت قد نمت بنسبة 1% فقط خلال 2020 بسبب الجائحة وتداعياتها، مضيفا أن العمل يتواصل لتعزيز المكاسب التي حققتها الصادرات الوطنية وتحفيز القطاعات التصديرية للاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق الخارجية.
لكن البيانات الرسمية تظهر نمو الواردات الأردنية في المقابل إلى 19.37 مليار دينار (27.1 مليار دولار)، العام الماضي، بارتفاع 26.7%، ليصل العجز التجاري إلى 10.58 مليارات دينار بارتفاع 22.4%.
ورأى مدير عام غرفة صناعة عمان نائل الحسامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا بد من إعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين الأردن ودول أخرى وتقييمها وتحديد الفوائد والسلبيات التي لحقت بالاقتصاد الوطني نتيجة لها".
وقال الحسامي إن بعض الاتفاقيات تشكل عبئاً على الاقتصاد الوطني، مثل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي أدت إلى زيادة واردات الأردن من الدول الأوروبية عدة أضعاف، فيما ما زالت المنتجات الأردنية غير قادرة على زيادة صادراتها إلى تلك الأسواق.
وأضاف أن دخول السلع الأوروبية معفاة من الرسوم الجمركية إلى الأردن يؤثر أيضا على إيرادات الخزينة، فيما لم تتحقق الأهداف بزيادة الصادرات، مشيرا إلى أن اتفاقيات أخرى وقعت لم تتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب.
وتابع: "أكثر اتفاقية تجارة حرة أفادت الأردن تلك الموقعة مع الولايات المتحدة، حيث أدت إلى زيادة الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركي بشكل كبير ويتجاوز ملياري دولار سنوياً".
وأفادت دراسة حكومية بأن الاستقرار السياسي في الأردن إلى جانب موقعه الاستراتيجي المتوسط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا يمنحه فرصاً ممتازة لجني الفوائد الاقتصادية.
وبفضل هذه المزايا التنافسية، فإن الأردن مؤهل للاستفادة من عقد العديد من الاتفاقيات واستكشاف خيارات جديدة في الأسواق الخارجية في أفريقيا وآسيا وغيرهما.
وأشارت الدراسة التي أعدتها وزارة الصناعة والتجارة والتموين إلى أنه من أهم المنتجات الأردنية ذات الإمكانات التصديرية والتي يمكن أن تستفيد منها المملكة هي الأسمدة بقيمة 735 مليون دولار، تليها المنتجات الكيماوية 733 مليون دولار، وأيضاً منتجات الملابس بقيمة 569 مليون دولار، ومستحضرات الصيدلة بقيمة 467 مليون دولار، الحيوانات الحية بقيمة 463 مليون دولار، الحلي والمجوهرات بقيمة 131 مليون دولار، والمنتجات الغذائية (المصنعة أو المحفوظة) بقيمة 85 مليون دولار وغيرها من المنتجات.
ووفقاً لبيانات مركز التجارة الدولية، فإن الأسواق ذات الإمكانات الأكبر لنفاذ الصادرات الأردنية من المنتجات وفقاً للمناطق الجغرافية هي الشرق الأوسط وأميركا الشمالية وجنوب آسيا. ويظهر الشرق الأوسط كأكبر مجال لتحقيق فرص تصديرية إضافية بقيمة 1.2 مليار دولار تليها أميركا الشمالية بـ697 مليون دولار.
وعلى مستوى الدول فإن الأسواق ذات الفرص التصديرية أمام الصادرات الأردنية من جميع المنتجات هي الولايات المتحدة التي تشير بيانات مركز التجارة الدولية إلى أن هناك فرص غير مستغلة في هذا السوق تصل قيمتها إلى 630 مليون دولار، على الرغم من أنه استحوذ على 24.2% من إجمالي الصادرات الأردنية عام 2020.
كما أن هناك فرصا غير مستغلة في الهند بقيمة 500 مليون دولار والسعودية 439 مليون دولار، الصين 305 ملايين دولار والإمارات 225 مليون دولار وغيرها من الدول الأخرى، وسيؤدي استغلال هذه الفرص، وفق مركز التجارة الدولية، إلى ضمان تحقق التنوع السلعي والجغرافي المطلوب للصادرات وخلق أكثر من 117 ألف وظيفة، منها 37% وظائف مباشرة و63% وظائف غير مباشرة.
وخصصت الحكومة مبلغ 90 مليون دينار لدعم الصناعة المحلية وزيادة قدراتها التصديرية من خلال تقديم منح ومساعدات مباشرة لتمكينها من دخول الأسواق الخارجية.