يخشى الأردن من ارتدادات سلبية لأزمة كورونا على أسعار السلع والخدمات، لا سيما وأنه يستورد حوالي 90% من احتياجاته الغذائية، بسبب تواضع الإنتاج الزراعي وتراجع المساحات المزروعة خلال السنوات الماضية.
وقال مسؤول حكومي لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تدرك مخاطر تداعيات جائحة كورونا على الأسعار، وخاصة للمواد التموينية خلال الأشهر القليلة المقبلة بسبب تأثيرات الأزمة على الإنتاج العالمي من الغذاء وارتفاع الطلب والزيادة التي طرأت على كلف الإنتاج ومدخلاته.
وأضاف أن الأردن سيتأثر مباشرة بأي ارتفاعات عالمية على الأسعار، كونه يستورد كميات كبيرة من الأغذية والسلع الأخرى فيما تتم حاليا دراسة الخيارات الممكنة للحد من الارتفاعات المحتملة.
وأشار إلى أن الأردن يحقق اكتفاء من عدد محدود من السلع مثل الدجاج وبيض المائدة وبعض أصناف الخضار والفواكه، فيما يتم استيراد سلع استراتيجية بالكامل تقريبا من مناشئ مختلفة كمادة القمح.
وترصد الحكومة من خلال نظام الإنذار المبكر الذي أطلقته قبل عدة سنوات حركة السلع التموينية في الأسواق العالمية، والمتغيرات التي تطرأ على أسعارها والعرض والطلب.
ويستورد الأردن أكثر من مليون طنٍ قمحا، سنويا، لتغطية الاستهلاك المحلي وتلبية ارتفاع الطلب الناتج عن استضافته أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري وأعدادا كبيرة من العمال الوافدين.
وتوقع المنتدى الاقتصادي الأردني ارتفاع أسعار السلع بما يتراوح بين 10% و15% خلال الأشهر المقبلة نتيجة قيود فرضتها جائحة كورونا، إضافة إلى زيادة الطلب على جميع السلع بالوقت الذي تقبل فيه الدول على الانفتاح عالمياً، ما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في الأردن إلى معدلات غير مسبوقة. كما أن التعافي من ارتفاع التضخم يتطلب وقتا أطول من المدة المستغرقة في الارتفاع.
وقال المنتدى الاقتصادي إن التدابير والإجراءات التي تم اتباعها عالميا في التعامل مع جائحة كورونا كان لها أثر كبير على جميع الاقتصادات العالمية ولا يمكن تجاهل الأثر الاقتصادي الذي سيترتب على أسعار السلع نتيجة الارتفاع الحاصل من بلدان المنشأ والبلدان المصدرة.
وبينت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية ارتفاع معدل التضخم خلال إبريل/نيسان الماضي لتبلغ نسبته 1.25%. وقد ساهمت في ذلك الارتفاع بشكل رئيسي، مجموعة النقل بمقدار 0.84 نقطة مئوية، التبغ والسجائر بمقدار 0.27 نقطة مئوية، واللحوم والدواجن بمقدار 0.13 نقطة مئوية، والوقود والإنارة بمقدار 0.10 نقطة مئوية.
وفي المقابل، انخفضت خلال الشهر الماضي أسعار مجموعة من السلع، ومن أبرزها مجموعة الخضروات والبقول الجافة والمعلبة.
من جانبه، قال رئيس غرفة تجارة عمّان ورئيس نقابة تجّار المواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار وفق المتغيرات التي تظهر في الأسواق العالمية ستشهد ارتفاعا بنسب متفاوتة خلال الأشهر المقبلة، ما يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انعكاساتها على السوق المحلي، ومن ذلك إعادة النظر بالضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على السلع وخاصة الغذائية سواء المنتجة محليا أو المستوردة.
وأشار إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري وأجور الخدمات اللوجستية وغيرها من الخدمات بسبب جائحة كورونا. بدوره، أشار المنتدى الاقتصادي إلى ارتفاع سعر القمح للطن الواحد ما نسبته 14% عن السنة الماضية، كما ارتفعت أسعار الذرة ما نسبته أكثر 80% للطن الواحد.
ووفقا لبيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة (حكومية)، بلغت المستوردات 17 مليار دولار خلال العام الماضي. وقال المنتدى إن ارتفاع أجور الشحن والرسوم الجمركية له أثر كبير على التجارة الأردنية والتجّار عموماً وتحديدا تجّار الوكالات حيث يرتبط هؤلاء التجّار بعقود وبعضها مغطى بدفعات مسبقة، ما يؤدي إلى بعض الخسائر.
ومن جانبه، قال رئيس جمعية حماية المستهلك، محمد عبيدات، لـ"العربي الجديد" إن السوق الأردني يتجاوب بسرعة مع ارتفاعات الأسعار عالميا، لكن لا يتجاوب مع انخفاض الأسعار بمعنى أنه يتم رفع الأسعار مباشرة في حال ارتفاعها عالميا ويتم تجاهل تخفيضها في حال انخفضت.
وأضاف أن القطاع التجاري الأردني لديه مخزون كبير من المواد التموينية تم استيرادها بالأسعار القديمة، إضافة إلى وجود تعاقدات لاستيراد كميات إضافية من مختلف المواد الغذائية، وبالتالي فإنه في حال ارتفاع الأسعار عالميا يفترض ألا ينعكس على السوق الأردني مرة واحدة وبإمكان التجّار استيعاب ذلك الارتفاع بحكم المخزون الموجود لديهم.
المحلل الاقتصادي، عوني الداود، قال لـ"العربي الجديد" إن الأسعار العالمية بدأت بالارتفاع وباتت تنعكس على السوق الأردني والأسواق العالمية، ونأمل ألا تكون الارتفاعات كبيرة وألا تستمر لفترة طويلة.
وقال: "يفترض أن تكون لدى الحكومة خطط وإجراءات مسبقة للتعامل مع ارتفاعات السلع وكيفية حماية الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل من انعكاساتها، لا سيما مع تراجع الأوضاع المعيشية بسبب جائحة كورونا وحالة الانكماش التي يمر بها الاقتصاد الأردني وفقدان عشرات الآلاف لوظائفهم".