نظمت "جبهة السلام والحرية"، والمكونة من عدة أحزاب ومنظمات سياسية عربية كردية سريانية آثورية، مساء الثلاثاء، اعتصاماً في مدينة القامشلي أمام مكاتب الأمم المتحدة في الحي السياحي، شاركت فيه مختلف القوى السياسية والمنظمات المدنية والنسوية، وجمع غفير من المواطنين والمثقفين والنشطاء، وذلك احتجاجاً على رفع أسعار الوقود.
وقال بشير سعدي، وهو نائب مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية، لـ"العربي الجديد": "حضرنا إلى هنا باسم المنظمة لنكون مع المجلس الوطني الكردي في دعوته للاحتجاج على هذا القرار الجائر". وأضاف: "نحن ضمن جبهة السلام والحرية، وهذا الموقف لا يمثل حزبا معينا ولا يمثل جبهتنا فقط، إنما يمثل كل الناس في شرق شمال سورية. هذا القرار الجائر سيكون سبباً في تهجير من تبقى على هذه الأرض لإنهاء الأمل المتبقي عند الشعب".
ودعا سعدي "أصحاب القرار في الإدارة الذاتية" لـ"التعقل والتحلي بالحكمة والعودة عن هذا القرار وليتعظوا مما حدث ويحدث في السويداء". وأكد أن "على الإدارة الذاتية أن تترجم شعاراتها في الديمقراطية بتحقيق إرادة وحرية الناس في العيش بكرامة".
من جانبه، قال عبد الحكيم محمد، وهو من سكان مدينة القحطانية ورئيس اتحاد الكتاب، وأحد المشاركين في الاعتصام، لـ"العربي الجديد"، إنها "مظاهرة من ضد رفع أسعار المحروقات بشكل عام، وقبل ذلك رفع أسعار الخبز وغيرها، وهذا مطلب كل مواطن سوري في هذه المنطقة. ونحن في المجلس الوطني سنواصل الاحتجاج حتى يتم تلبية مطالب الشعب"، معتبراً أن "هذه القرارات غير مدروسة، وهي ضد لقمة العيش وضد المواطن".
بدورها، أشارت فصلة يوسف، وهي عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن قرار رفع الأسعار من الإدارة الذاتية "غير مسؤول ويدفع إلى المزيد من الهجرة لأبناء شعبنا الكردي، ونحن نعلم جميعا أن شعبنا الكردي وسورية عامة تمر بظروف اقتصادية صعبة، والليرة السورية تنهار يوماً تلو الآخر أمام العملات الأجنبية، وهذا القرار باعتقادنا سيزيد من معاناة شعبنا في الأيام المقبلة، لذلك نطالب الإدارة الذاتية بالعدول عنه".
وذكر شفان إبراهيم (كاتب صحافي)، من سكان القامشلي وأحد المشاركين في الاعتصام، لـ"العربي الجديد"، أن "ثقافة الاعتصام السلمي والإضرابات السلمية وإبداء الرأي وهامش الحرية وتوسيعه والمطالبة بالحقوق بشكل ديمقراطي يجب أن تتحول إلى ظاهرة حضارية ومتأصلة في هذه المنطقة، وأن تصبح أمراً اعتيادياً، ولا يجوز أن يستمر الخوف، كما لا يجوز لهامش الحرية أن يكون مقموع، ولا يجوز للناس أن تطالب بمطالبها في الغرف المظلمة، عليهم أن يشهروا مطالبهم علنا، لأن الصوت إن لم يرتفع مهما كان السلطة ديمقراطية فإنها سوف تقوم بابتلاع الأهالي".
واعتبر إبراهيم أن من أصدر هذا القرار "إما أنه لا يعي ماذا يفعل، أو يقول لنا اذهبوا وغادروا"، ووصف القرار بأنه "الرصاصة الأخيرة لحياتنا، والذين بقوا على هذه الأرض يستحقون حياة كريمة وتقديرهم، وليس معاقبتهم".
ولفت إبراهيم إلى أن "هذه الأرض أرضنا، عانينا 12 سنة حرب ودمار، وجاء هذا القرار ليخلق مجاعة ضخمة. كل القطاعات اليوم بدأت بالتأثر، وهناك العديد من طلبة المدارس لا يذهبون إلى مدارسهم لأنهم لا يملكون أجرة المواصلات. فمن سيعوض هؤلاء الطلاب وذويهم؟ ومن سيؤمن لهم مصادر مالية للاستمرار في الدراسة؟ لا يجب لأية سلطة أن تبحث عن مجتمع يقول للسلطة نعم فقط".
وشدد إبراهيم على رفض "هدر الدماء والصدامات، وإنما فقط المطالبة بحياة كريمة مؤمنة ومستقرة في هذه البلاد".
وكانت إدارة المحروقات التابعة لـ"الإدارة الذاتية" قد رفعت سعر المازوت بشكل غير معلن، لكنها أصدرت بعد ظهر يوم الأحد الفائت قراراً رسمياً تضمن رفعاً لأسعار المازوت يتراوح بين 250% و440%.