اضطرابات في الإنتاج تهدد بريطانيا بأزمة دواجن

11 سبتمبر 2023
إنتاج الدجاج يتراجع 11.4% على أساس سنوي في يوليو/تموز الماضي (Getty)
+ الخط -

يحدق خطر الانحسار بصناعة الدواجن الواسعة في المملكة المتحدة، بفعل ارتفاع النفقات التشغيلية وعدم القدرة على رفع أسعارها في ظل سطوة السلاسل التجارية التي باتت تستخدم الدواجن في حروب الأسعار بينها، ما ينذر بتجميد العديد من المنتجين أنشطتهم والخروج من السوق.

ويشير منتجون إلى أن القطاع شهد خلال السنوات الأخيرة موجة من الاضطرابات المختلفة من فيروس كورونا وآثاره الاقتصادية اللاحقة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والحرب الروسية في أوكرانيا، لافتين إلى معاناتهم من التضخم ونقص العمالة وارتفاع الأجور، بينما سعر الدجاج منخفض للغاية بما يكبد المنتجين خسائر لعدم تمكنهم من مواكبة الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج.

وأغلقت مزارع ومصانع أبوابها أو قلصت حجم أعمالها، ما أدى إلى انخفاض إنتاج الدجاج اللاحم، الذي تتم تربيته بنسبة 11.4% في يوليو/تموز الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لإحصاءات رسمية أوردتها صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس الأحد. وانخفضت كذلك الصادرات إلى النصف تقريباً، من 375 ألف طن في عام 2020 إلى 200 ألف طن في 2022.

يتوسل منتجو المواد الغذائية، إلى تجار التجزئة لرفع أسعار المواد الغذائية الأساسية. ويأملون أن يسمح لهم هذا بتحقيق الربح والمساعدة في تعزيز الإنتاجية. تقول جو هيلديتش صاحبة مزرعة دواجن في شمال مقاطعة هيريفوردشاير شرقي المملكة المتحدة: "كان العامان الماضيان بمثابة عاصفة كاملة حقاً.. الدجاج رخيص للغاية ولا نستطيع إعادة الاستثمار فيه".

ويوضح آدم كوتش، الرئيس التنفيذي لشركة كرانسويك، إحدى شركات إنتاج اللحوم الكبيرة في المملكة المتحدة: "الطبيعة التنافسية جعلت هوامش الأرباح ضئيلة". لكن ضيق هامش الأرباح بالنسبة لكبار المنتجين يتحول إلى خسارة بالنسبة للمزارعين الأصغر حجماً مثل هيلديتش، التي تقول إنها تعمل بخسارة هذا العام وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وعلى الرغم من انخفاض تكلفة الطاقة والأعلاف والأسمدة عن أعلى مستوياتها في نهاية العام الماضي، إلا أنها لا تزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا نهاية فبراير/ شباط 2022.

فقد تضاعفت فاتورة الكهرباء ثلاث مرات تقريباً، وزادت تكاليف العمالة بنسبة 10%، في حين صعدت التكاليف الإضافية مثل التنظيف واستبدال المعدات بنسبة 20%.

ويقول إيمي ماهوني، مستشار الدواجن في اتحاد المزارعين الوطنيين: "يشعر الكثير من أعضائنا بأنهم يخوضون كل المخاطر دون الحصول على مكافأة تذكر. يضطر المزارعون إلى تحمل التكاليف دون الحصول على أي شيء من السوق.. من دون أمل في تحقيق الربح، يختار البعض إيقاف النشاط واستخدام مباني مزارعهم لإنتاج منتجات أخرى".

وفي مارس/آذار الماضي، خسر 700 شخص في أنجلسي في ويلز وظائفهم عندما أغلقت شركة "2 Sisters" موقع إنتاج عمره 50 عاماً. وبالمثل، فإن شركة أفارا "Avara"، المملوكة بشكل مشترك لمجموعة كارجيل الزراعية الأميركية، سوف تغلق موقعها في مدينة أبيرجافيني في ويلز في وقت لاحق من هذا الشهر، بحجة زيادة التكاليف.

ويقول ريتشارد غريفيث، الرئيس التنفيذي لمجلس الدواجن البريطاني، وهو هيئة صناعية، إن العبء المالي لم يكن يتم تمريره إلى السوق. ويقول: "هذا له تأثير مدمر على أعضائنا، الذين يضطرون إلى خفض الإنتاج لأنهم لا يستطيعون تربية الطيور التي لن يحصلوا على أموال مقابلها".

وسجلت شركة "Avara" خسارة قدرها 16.1 مليون جنيه إسترليني خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي، مقارنة بأرباح بعد الضرائب بقيمة 16.9 مليون جنيه إسترليني في نفس الفترة من العام السابق. كذلك تكبدت منافستها "2 Sisters" خسارة تشغيلية قدرها 29.5 مليون جنيه إسترليني خلال الأشهر الستة الأولى من 2022، بعدما خسرت 44.85 مليون جنيه إسترليني في نفس الفترة من 2021.

وبينما سارع المنتجون إلى توجيه أصابع الاتهام إلى محلات السوبر ماركت التي تدفعهم إلى خفض الأسعار. إذ تستخدم السلاسل التجارية منتجات مثل الدجاج في حروب حرق الأسعار بينها، وفق كلايف بلاك، المحلل في شركة شور كابيتال للتجارة.

وإلى جانب حروب الأسعار في المتاجر الكبرى، هناك عامل آخر يؤدي إلى تفاقم مشاكل صناعة الدواجن، يتمثل في خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. فمنذ انتهاء حرية التنقل، تواجه الشركات نقصاً في العمالة.

وقد وجدت مراجعة أجرتها الحكومة لنقص العمالة في سلسلة الإمدادات الغذائية أن النقص "المزمن" وعدم كفاية العمالة يمكن أن يؤدي إلى نقص في إمدادات بعض المواد الغذائية الأساسية، وأنه بدون إمدادات جاهزة من العمالة المهاجرة، هناك خطر من احتمال انتقال الإنتاج إلى الخارج.

ووجد التقرير أن بعض الشركات بدأت بالفعل في نقل إنتاجها إلى الخارج. ويكمن خطر انخفاض الإنتاج في المملكة المتحدة في أن محلات السوبر ماركت تصبح أكثر اعتماداً على الواردات من بلدان أخرى.

وفي المقابل يقول وزير الزراعة مارك سبنسر، إن الحكومة اتخذت إجراءات لدعم قطاع الدواجن، بما في ذلك تأكيد 2000 تأشيرة للعمال الموسميين لعامي 2023 و2024.

المساهمون