اشتعال حرب الطاقة... روسيا تحرق الغاز الطبيعي بدلاً من بيعه لأوروبا

29 اغسطس 2022
روسيا باتت تحرق الغاز من محطة بروتوفايا القريبة من الحدود الفنلندية (Getty)
+ الخط -

يوماً بعد يوم، تتفاقم حرب الطاقة بين روسيا وأوروبا على خلفية استمرار الحرب في أوكرانيا ومحاولة موسكو لإحداث انقسام داخل الكتلة الأوروبية خلال هذا الشتاء. ووفق تقارير غربية، فإنّ روسيا باتت تحرق الغاز من محطة بروتوفايا القريبة من الحدود الفنلندية.

تزداد حرب الغاز الطبيعي بين روسيا والكتلة الأوروبية اشتعالاً، ويشتعل معها الغاز الطبيعي في الهواء بدلاً من تغذية أوروبا بالوقود، حسب تقارير غربية. ووفق محللين فإن روسيا باتت تحرق الغاز الطبيعي في الهواء بدلاً من تمريره عبر أنبوب نورد ستريم 1 إلى أوروبا، على أمل خلق أزمة سياسية داخل دول القارة، أو أحداث انقسام داخل الكتلة الأوروبية يضعف العقوبات الغربية على الطاقة الروسية.
وحسب نشرة أويل برايس الأميركية، فإنّ روسيا باتت تطلق الغاز الطبيعي ليحترق في الهواء من محطة بروتوفايا الروسية القريبة من الحدود الفنلندية ضمن حرب الغاز الطبيعي المستعرة على دول الكتلة الأوروبية. وتشير "أويل برايس" في تقرير حديث بهذا الشأن إلى أن محطة الغاز الطبيعي الروسية الواقعة شمال غربي مدينة سانت بطرسبرغ تحرق كميات من الغاز الطبيعي في الجو تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار يومياً، وهذه الكميات كان من المقرر أن تمر عبر أنبوب نورد ستريم1 إلى ألمانيا.
وتقول النشرة المتخصصة في الطاقة إن محللين وصوراً بالأقمار الصناعية أظهرت ارتفاعاً بدرجة الحرارة إلى مستويات غير طبيعية بمحطة بروتوفايا الروسية، ويعتقدون أن هذه الحرارة المرتفعة حدثت بسبب اشتعال الغاز الطبيعي في الجو.
في ذات الصدد قال السفير الألماني لدى بريطانيا، ميغيل بيرغر، في تعليقه على اشتعال الغاز الطبيعي في الجو لقناة بي بي سي: "ليس لدى الروس أماكن أخرى لبيع الغاز الطبيعي، وبالتالي يقومون بإحراقه".
وخفضت شركة غازبروم الروسية كميات الغاز الطبيعي التي تصدرها لأوروبا عبر أنبوب نورد ستريم1 من نسبة 40% في يونيو/ حزيران الماضي إلى نسبة 20% فقط خلال الأسبوع الماضي، أو ما يعادل 19 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً في المتوسط، مقارنة بطاقة الأنبوب البالغة 55 مليار متر مكعب سنوياً.
وينقل نورد ستريم 1 الغاز الروسي من محطة فايبورغ إلى محطة غرينفيلد في ألمانيا قبل أن يتم توزيعه عبر شبكة الغاز الأوروبية المشتركة إلى باقي دول القارة العجوز.

في ذات الصدد، يقول الاقتصادي الأميركي، باول رود ريك غريغوري إن شركة غازبروم التي قللت من إمدادات الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى أوروبا ستجد صعوبة في الحصول على زبائن للغاز الطبيعي خارج أوروبا على المدى القصير.
ويقول: "خلافاً للخامات البترولية التي تنقل للأسواق العالمية عبر الناقلات النفطية وغير المقيدة بمكان التسويق أو شحنات الغاز الطبيعي المسال، فإن الغاز الطبيعي المرتبط بشكة أنابيب لا يمكن إيجاد بدائل له على المدى القصير".
ويشير خبراء في هذه الصعوبات إلى أن روسيا ليس لديها خزانات أرضية للغاز الطبيعي، وربما ستضطر إلى إغلاق بعض الحقول، كما أنها تواجه صعوبات فنية وعقبات تكنولوجية في المستقبل لإعادة فتحها.
وتعتمد روسيا في تقنيات آبار الغاز الطبيعي خصوصاً في القطب الشمالي المتجمد على الشركات الأميركية. وبالتالي لا يستبعد محللون أن تقضي الحرب الروسية في أوكرانيا تماماً على فرص تسويق الغاز الروسي عبر الأنابيب إلى أوروبا في المستقبل. وأدت الحرب وتداعياتها حتى الآن إلى فقدان الثقة بين دول القارة الأوروبية وروسيا، وبات الأوروبيون يعتقدون بعد الغزو أن موسكو لديها أطماع جغرافية في دولهم، وأن الغزو الروسي ربما لن ينتهي بأوكرانيا إذا لم تنتهِ الحرب.
وخسارة سوق الغاز الروسي عبر الأنابيب تعني لشركة غازبروم خسارة مبيعات حجمها 155 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً ومن غير المتوقع أن تتمكن من تسويقها، وفقاً لبيانات الأوروبية في عام 2021. ويرى خبراء أن إنشاء روسيا لسوق بديل لأوروبا للغاز في آسيا يحتاج إلى استثمارات ضخمة وتقنيات غربية لبناء شبكات الغاز الطبيعي الأرضية أو إنشاء مشاريع الغاز المسال بين الحقول الروسية والصين عبر منغوليا، وأن هذه البدائل ربما ستأخذ سنوات تراوح بين 5 إلى 10 سنوات إذا توافر التمويل والتقنيات المطلوبة.

وفي المقابل، فإنه على الرغم من الكلف المالية الضخمة التي ستتكبدها أوروبا بسبب أزمة الغاز وارتفاع أسعاره، فإنّها في النهاية ستتمكن من توفير بدائل وإن كان بأسعار باهظة مقارنة بغاز الأنابيب الروسي. وتعمل دول القارة الأوروبية على سد النقص في الغاز الطبيعي عبر زيادة كميات الغاز المسال المستورد من الولايات المتحدة وقطر والجزائر ودول آسيا الوسطى والدول الأفريقية.
وتراجع إنتاج الغاز الروسي بنسبة 10% في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بكمياته المنتجة في نفس الفترة من العام الماضي. وحسب وكالة إنترفاكس الروسية، فإنّ شركة غازبروم سعت إلى تعويض خسران السوق الأوروبي عبر زيادة مبيعاتها للسوق الآسيوي وتحديداً إلى الصين، لكنّ الصين حتى الآن ليس لديها المنصات الكافية لتحويل الغاز المسال إلى الحالة البخارية، كما أن طاقة إنتاج الغاز المسال الروسي ضعيفة جداً.
وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن أوروبا ستضطر لدفع أموال أكثر لشراء شحنات الغاز الطبيعي المسال خلال العام الجاري وربما حتى عام 2025 بسبب عدم وجود الغاز المسال الكافي لتلبية الطلب العالمي، لكن في النهاية ستتمكن من الحصول على كميات الغاز المسال البديل لغاز الأنابيب الروسي.
ولاحظت الوكالة في تقريرها الصادر في يوليو/ تموز الماضي أنّ إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا تراجعت من نسبة 45% من إجمالي سوق الغاز الأوروبي في العام الماضي إلى نسبة 31% في إبريل/ نيسان الماضي. وتتوقع وكالة الطاقة العالمية تراجع صادرات الغاز الطبيعي الروسية بنسبة 55% سنوياً حتى عام 2025 بسبب خسارة السوق الأوروبي. كما ذكرت الوكالة أنّ صادرات غاز الأنابيب الروسية تراجعت بنسبة 75% خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.

المساهمون