اشتعلت أسعار جميع السلع الأساسية في مصر خلال اليومين الماضيين، على خلفية ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى ما يناهز 50 جنيهاً، مقارنة بنحو 42 جنيهاً قبل شهر واحد، و30.95 جنيهاً تقريباً للدولار في البنوك الرسمية منذ إبريل/ نيسان الماضي.
وسجل الدولار ارتفاعاً قياسياً في السوق الموازية، يوم الثلاثاء، في ظل معاناة مصر من أزمة شح متفاقمة في العملات الأجنبية منذ نحو عامين، دفعتها إلى تخفيض عملتها المحلية ثلاث مرات في الفترة من مارس/ آذار 2022 إلى يناير/ كانون الثاني 2023، ما أدى إلى فقدان الجنيه أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار.
وأفاد متعاملون في سوق العملة بأن سعر صرف الدولار سجل ما بين 48.25 و48.50 جنيهاً للشراء، و49.50 و49.75 جنيهاً للبيع، أي ما يناهز 50 جنيهاً في تعاملات السوق غير الرسمية، وذلك بزيادة تقدر بنحو 60% مقارنة بسعره الرسمي في البنوك.
وقفز سعر اليورو إلى ما بين 50.75 و51 جنيهاً للشراء، و52 و52.25 جنيهاً للبيع، مقابل سعر رسمي يبلغ 33.20 جنيهاً، وسعر الريال السعودي إلى 12.75 جنيهاً للشراء، و13.25 جنيهاً للبيع، مقارنة بمتوسط 8.25 جنيهات في البنوك.
وزاد سعر الدرهم الإماراتي إلى 13 جنيهاً للشراء، و13.50 جنيهاً للبيع، مقابل 8.40 جنيهات في البنوك، والدينار الكويتي إلى 155 جنيهاً للشراء، و160 جنيهاً للبيع، مقابل سعر رسمي يبلغ 99.90 جنيهاً.
وقال الإعلامي المقرب من النظام المصري عمرو أديب، عبر برنامجه "الحكاية" المذاع على قناة "إم بي سي مصر" السعودية، ليل الاثنين، إن "سعر الدولار وصل إلى أعلى مستوى في تاريخه بتعاملات السوق السوداء، بسبب نقص المعروض منه وصعوبة تدبيره في مصر"، مضيفاً أن "هناك ارتفاعات جنونية في أسعار جميع السلع الغذائية، ما اضطر المواطن المصري إلى خفض حجم استهلاكه منها بشكل ملحوظ".
وأكد أديب أن "سعر الدولار لن ينهار مجدداً في مصر، أو يتراجع عن مستوياته الحالية"، مستطرداً بقوله: "لا أمهد إلى تعويم جديد في العملة، ولكن الناس أصبحت تتعامل مع الدولار على أنه سلعة ووسيلة لتحقيق الربح السريع، الأمر الذي يستلزم تدخل من الدولة، ومن البنك المركزي أيضاً".
وعقب زيادة أسعار 11 صنفاً من السجائر الشعبية، أعلنت شركة "فيليب موريس مصر" عن قائمة جديدة لأسعار السجائر، بزيادة رسمية تتراوح قيمتها ما بين 8 و10 جنيهات للعبوة.
وارتفع السعر الرسمي للعبوة من نوع "ميريت" من 64 إلى 74 جنيهاً، ومن نوع "مارلبورو" من 59 إلى 69 جنيهاً، ومن نوع "إل إم" من 42 إلى 50 جنيهاً، إلا أن هذه السجائر تباع في المحال ومتاجر التجزئة المصرية بنحو 110 و105 و80 جنيهاً على الترتيب.
وخلال الفترة الأخيرة، بات في مصر سوق سوداء للسجائر، إثر استحواذ "الشركة المتحدة للتبغ" المملوكة للمخابرات المصرية على رخصة "فيليب موريس" المصنعة للسجائر الأجنبية، وشركة "غلوبال للاستثمار القابضة" الإماراتية على 30% من أسهم الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني"، المنتج الرئيس للتبغ في البلاد.
كذلك ارتفع سعر السكر الأبيض في الأسواق المصرية إلى ما بين 45 و47 جنيهاً للكيلوغرام، بزيادة سعرية بلغت 100% خلال أشهر قليلة، وهو من أهم السلع الاستراتيجية في البلاد، ويدخل في العديد من الصناعات الغذائية.
وفي غضون أسبوعين فقط، زادت أسعار كثير من المنتجات الغذائية بنسبة تتراوح ما بين 10% و15%، على وقع تسجيل الدولار مستويات قياسية مقابل الجنيه في السوق الموازية، وارتفاع تكلفة النقل بعد زيادة أسعار البنزين بأنواعه مؤخراً بنسبة 14%.
ولم تنجح مبادرة الحكومة في السيطرة على أسعار السلع الأساسية كالسكر والأرز وزيت الطعام والعدس والفول، والتي أطلقتها في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بالتنسيق مع القطاع الخاص لتخفيض الأسعار، وتبعها قرار من رئيس الوزراء بإعفاء واردات 12 سلعة من التعريفة الجمركية لمدة ستة أشهر، تنتهي في 13 إبريل/ نيسان 2024.
ومن المتوقع معاودة التضخم للارتفاع، بعد تراجعه بنسبة طفيفة على أساس سنوي، إلى 38.8% في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من 40.3% في سبتمبر/ أيلول، وفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
ويعاني الاقتصاد المصري من التضخم، مع تدهور قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار الدولار والعملات الأجنبية، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن.
ويدفع التضخم الأزمة الاقتصادية إلى الوقوع في دائرة مغلقة، التي زادت حدتها بداية من يناير/ كانون الثاني 2022، لتدفع الاقتصاد إلى التباطؤ، والشركات إلى البقاء في حفرة الركود، ورفع معدلات الفقر والبطالة.
(الدولار= 30.95 جنيها تقريبا)