استمرار جاذبية العقارات التركية رغم قفزات الأسعار

19 يناير 2022
إسطنبول أكبر مراكز الجذب العقاري في تركيا (Getty)
+ الخط -

لم تؤثّر القفزات السعرية في قطاع العقارات بأكثر من 70% خلال عام 2021، على حجم الطلب وزيادة المبيع، بل لم يزل الإقبال على قطاع، يراه مدير شركة "رويال لاند" هادي عوض، الملاذ الأكثر أماناً في تركيا، بواقع تراجع سعر صرف الليرة والرقابة الحكومية المتزايدة على بقية القطاعات، كالسيارات والسلع الاستهلاكية.

ويقول مدير الشركة العقارية في منطقة بيلك دوزو بإسطنبول، لـ"العربي الجديد"، إنّ ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في تشييد العقارات، من إسمنت وحديد ومستلزمات الإكساء، ساهم كثيراً في رفع الأسعار، ليأتي تراجع سعر صرف العملة التركية بأكثر من 45% العام الماضي، عاملاً رئيساً في قفز أسعار العقارات بين 50 و100%، لكنّ ذلك لم يؤثر على الإقبال على الشراء بواقع محدودية العرض، لأنّ كثيراً من شركات البناء توقفت أو تنتظر دعم الحكومة.
وحول تفسير التناقض في قطاع يراه مراقبون أنّ قطاع العقارات في تركيا مسكون بالعفاريت، فإن لم يكن مقامرة أو ضربة حظ، فهو أقل من ذلك بقليل، معتبراً استمرار إقبال الخليجيين والعرب في منطقة الخليج رفع من القوة الشرائية في عقارات تركيا.

مدير شركة: رغم قفزة أسعار العقارات بين 50 و100%، لم يؤثر على الإقبال على الشراء بواقع محدودية العرض

وكانت تركيا قد تصدرت الدول الأوروبية في بيع أكبر عدد من العقارات خلال 2021، بواقع نحو 1.5 مليون، بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية، ليتعدى المبيع ما كان رقماً قياسياً عام 2020 بمليون و499 ألفاً و316 مسكناً.

وجاءت إسطنبول في مقدمة المدن في بيع أكبر عدد من المساكن بواقع 276 ألفاً و223، مستحوذة على 18.5 بالمائة من إجمالي المبيعات في البلاد.
وبحسب الهيئة التركية الرسمية، احتل الإيرانيون المرتبة الأولى بين الجنسيات الأجنبية الأكثر شراء للعقارات والمنازل في تركيا خلال عام 2021، بشراء 10 آلاف و56 منزلاً، تلاهم العراقيون بشرائهم 8 آلاف و661 منزلاً، ومن ثم الروس بـ5 آلاف و379 منزلاً. ليرتفع عدد المنازل المُباعة للأجانب خلال العام الماضي بنسبة 43.5 بالمائة مقارنة مع مبيعات 2020.
وتزيد توقعات المختصين، باستمرار انتعاش سوق العقارات وارتفاع الأسعار خلال العام الجاري، ولن تستقر أسعار المنازل إلا العام المقبل، عندما يستقر سعر الصرف ويتضح مشهد الاقتصاد المرتبط بالسياسة والانتخابات، على حد تعبير عبد الله حماد، مدير عام شركة امتلاك العقارية بإسطنبول.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

ويشير حماد لـ"العربي الجديد" إلى أنّ شركات العقارات تنتظر استقرار الأسعار لإطلاق مشروعات جديدة، رغم زيادة الطلب هذه الفترة، بعد تحول العقارات إلى أكثر القطاعات نشاطاً واستثماراً في تركيا، لكن تخشى الشركات استمرار تردد الحكومة في دعم القطاع وعودة نظام القروض الميسرة بفوائد قليلة، كما كانت عليه عام 2020.

ويبيّن مدير الشركة أنّ فوائد قروض العقارات لم تزد عن 8% قبل عامين، في حين تصل لنحو 20% بالمصارف الخاصة ونحو 14% بالمصارف الحكومية، "لكن المصارف الحكومية حددت السقف وفترة السداد وزادت من شروط الإقراض"، معتبراً أنّ على الحكومة إيلاء القطاع تسهيلات قانونية وإعفاءات ضريبية.

أصحاب شركات يتوقعون استمرار ارتفاع أسعار العقارات خلال العام الجاري، ليكون 2022 عام الفورة العقارية التي يخشى من فقاعته

وتوقع المختص حماد استمرار ارتفاع أسعار العقارات خلال العام الجاري، ليكون عام 2022 عام الفورة العقارية التي يخشى من فقاعتها إن بقيت الشركات الإنشائية تنتظر والحكومة تتردد في منح القروض، للشركات والشراة، ولم تتخذ إجراءات بشأن القوانين والتسهيلات.
وارتفعت أسعار العقارات في عموم الولايات التركية بين 50 و100% خلال عامين، ليصل متوسط سعر المنزل في ولاية غازي عنتاب 150 ألف دولار، ويزيد في أحياء إسطنبول الجديدة مثل "باشاك شهير" عن 250 ألف دولار، ولا يقل سعر المنزل في منطقة "بيلك دوزو" عن 100 ألف دولار، في حين تعدى سعر المنزل بمنطقة "كيا شهير وزيتين بورنو وبكر كوي" المطلة على البحر، 300 ألف دولار.

واحتفظت المنازل خارج المجمعات، بنسب ارتفاع معقولة توازي خسارة قيمة الليرة "بين 40 و50%"، بحسب ما يقول صاحب شركة مبيع العقارات بإسطنبول، حسن محمد.

ويلفت محمد، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، أنّ معظم الأتراك اليوم لا يستطيعون شراء المنازل، خصوصاً بواقع تراجع المصارف عن القروض الميسرة وسعر الفائدة المنخفض، مبرراً نشاط العقار بإقبال "الأجانب" على القطاع، خصوصاً الإيرانيين والخليجيين والروس.

وحول دولرة القطاع تارة والبيع بالعملة التركية تارة أخرى، يقول صاحب شركة "يارا كروب" إن تحسّن سعر الليرة أعاد التسعير بالعملة التركية، ولكن في الفترة الماضية غلب الدولار على تسعير العقارات، ولم تزل الشركات تعتمد العملتين في التسعير "ليرة أو ما يوازيها بالدولار بسعر السوق".

ولفت محمد إلى أنّ فترة تهاوي سعر الصرف في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، جمّد حركة البيع وألغى كثير من الباعة عقودا كانوا أبرموها بالليرة التركية، لذا يذهب السوق إلى التسعير بالعملات الأجنبية درءاً لأيّ خسائر جراء تقلّب سعر صرف الليرة التركية.

المساهمون