تبحث وزارة النقل تشكيل تحالف "كونسورتيوم" بين شركات أوروبية ومحلية، لتمويل المرحلة الثانية من مشروع القطار السريع، للالتفاف على تعهدات حكومية لصندوق النقد الدولي والبرلمان، بوقف تمويل مشروعات جديدة، عبر قروض أجنبية ومحلية، للحد من تصاعد أزمة الديون وشح الدولار والعملات الصعبة، والعجز القياسي بالموازنة العامة للدولة.
بدأت وزارة النقل مفاوضات مع شركات دولية ومحلية لتكوين التحالف، لتولي مسؤولية التمويل والتشغيل والإدارة، على أن ينفذ المشروع بطريقة التمويل التأجيري المنتهي إلى التمليك بنظام PPP.
عرضت الوزارة على التحالف ضمانات حكومية بسداد القروض التي سيحصلون عليها لحساب المشروع من الدولة، مقابل عدم إدراج الديون على الموازنة العامة، لحين نقل ملكية أصول وتشغيل المشروع للحكومة، بعد انتهاء مدد الامتياز التي ستتراوح ما بين 15 إلى 30 عاما لكل مرحلة.
تواجه المفاوضات المتعلقة بالتمويل عثرات مالية مع ارتفاع تكلفة المشروع قدرتها الحكومة بنحو 23 مليار دولار
تواجه المفاوضات عثرات مالية مع ارتفاع تكلفة المشروع قدرتها الحكومة بنحو 23 مليار دولار، بينما فشلت في الحصول على كامل مخصصات المرحلة الأولى باليورو من بنوك ألمانية وأوروبية تبلغ 6.5 مليارات يورو، لم يصل منها سوى 2.16 مليار يورو حتى نهاية مايو/ أيار الماضي.
تأمل الحكومة الحصول على 318 مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية خلال العام الجاري، للمساهمة في تمويل المرحلة الأولى.
وتبحث ضم شركة البناء الفرنسية القابضة NGE " إن جي إي" والشركة التابعة لها TSO"تي إس أو"، للتحالف مع شركات ألمانية وبنوك أوروبية، لاستكمال نقص شديد في تمويل المرحلة الأولى، أدى إلى تباطؤ تنفيذ الجدول الزمني لإتمام المرحلة، المستهدف تشغيلها 3 يوليو/ تموز 2024، وسرعة البدء في تنفيذ المرحلة الثانية الممتدة من غرب أهرامات الجيزة إلى أبو سمبل، جنوب البلاد.
جاءت تصرفات الحكومة وسط معارضة شعبية وبرلمانية حادة لإسرافها في الحصول على قروض جديدة، وتحذيرات شديدة اللهجة من خبراء بالآثار، شاركوا في إعداد دراسات الجدوى حول مسار القطار، اكتشفوا خطورته على المناطق الأثرية التي سيمر بها، وتهديده، بتصدع وهدم مئات الأهرامات ومناطق أثرية قائمة، وأخرى مازالت تحت الدراسات الكشفية.
أظهرت دراسة حول تحليل مخاطر تنفيذ الطريق الممتد غرب منطقة الأهرامات، حتى أبو سمبل أجريت تحت إشراف أستاذ الحفاظ على الآثار وصيانتها، بجامعة القاهرة واستشاري المشروع، عبد الفتاح البنا، أن الخط سيشق أشهر المعالم الأثرية الفريدة والمواقع التي تعاني من التدخل الشديد والتدمير لبيئتها الطبيعية.
جاءت تصرفات الحكومة وسط معارضة شعبية وبرلمانية حادة لإسرافها في الحصول على قروض جديدة، وتحذيرات شديدة اللهجة من خبراء بالآثار
بينت الدراسة التي قدمها الخبير الأثري للحكومة وقوع معظم المقابر المنحوتة داخل الصخور تحت تهديدات خط التشغيل للسكك الحديدية المقترحة، بسبب تأثير الاهتزاز القوى لسرعة القطار.
كشفت الدراسة التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها أن الخط الممتد بمعبر الصحراء الغربية إلى بحر يوسف، الرابط بين واحة الفيوم الكبيرة والجنوب الغربي من القاهرة، سيؤثر على بقايا أثرية من حقب زمنية متعددة، حيث كانت الضفة الغربية للنيل تبدأ من الفيوم إلى القاهرة، ويستخدمها حكام مصر القديمة لدفن موتاهم على بعد 30 كلم شمال بحر يوسف، وأقل من 250 مترا، من هرم سينوسرت إيل، شمال بحر يوسف مباشرة، وأقل من كيلو مترين من غرب منطقة الأهرامات، وبجوار هرم "ميدوم".
أوضحت الدراسة أن مسار القطار سيكون له تأثير كبير وخطر على وضع عدد من الأهرامات ذات الأهمية التراثية عالميا، وعلى طول الطريق الممتد على مواقع مهمة لفترات ما قبل التاريخ.
وأكدت أن مسار القطار سيمر عبر وادي "النطرون" مركز المستوطنات القديمة والكلاسيكية والعصور الوسطى، وأماكن بقايا المستوطنات القديمة حتى الجانب الغربي من دلتا النيل.
أشارت الدراسة إلى خطورة المسار الأول للقطار السريع، على بقايا الآثار اليونانية والرومانية وبين الإسكندرية والعلمين، والطرق والمقابر القديمة الواقعة على حافة الصحراء على جانبي وادي النيل، خاصة مع وجود احتمال كبير لبقايا المستوطنات المدفونة داخل الوادي نفسه.
تشير الدراسة البحثية إلى أن الأجزاء الأكثر حساسية، تقع في المناطق الطبيعية للمنطقة التي ستربط بين الأقصر والغردقة في المرحلة الثالثة، والواقعة على طرق التجارة القديمة بالصحراء الشرقية، المليئة بالحصون والمحاجر والمناجم القديمة، والتي استخدمت في بناء مباني الإمبراطورية الرومانية.
استحوذ قطاع النقل على 1.6 تريليون جنيه من موازنة الدولة خلال الفترة من 2014-2021
اقترحت الدراسة التي تسلمتها الحكومة نهاية عام 2021، وتجاهلت الأخذ بها، عمل دراسة شاملة لمواجهة العواقب المحتملة للمشروع، لتطوير نظام يحدد المخاطر المختلفة، التي تؤثر على المواقع والتنسيق بين الممولين وإدارة المشروع ومراقبته وإدارة الميزانية الخاصة به، والعلاقة بين السلطات والشركاء.
واستحوذ قطاع النقل على 1.6 تريليون جنيه من موازنة الدولة خلال الفترة من 2014-2021، بواقع 474 مليار جنيه (الدولار = نحو 30.9 جنيها)، لطرق وكباري، يقع معظمها على مسار خط القطار أو مؤدية له والعاصمة الإدارية الجديدة.