في الوقت الذي يشكو فيه العراق من ارتفاع نسبة البطالة بين أوساط الشباب إلى مستويات مخيفة، تشهد البلاد تزايداً ملحوظاً في إعداد العمالة الأجنبية الوافدة من خارج العراق.
والاثنين الماضي، اتهم عضو البرلمان العراقي، حسين العقابي، حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بالتخبط في قراراتها وسياساتها الاقتصادية، مبينا إن القطاع الخاص يعاني من الفوضى بسبب تخبط الحكومة في سياستها الاقتصادية"، كاشفا عن وجود "مليون عامل أجنبي من 100 دولة أجنبية يعملون بصورة غير أصولية (غير قانونية) في العراق في حين يعاني المواطن العراقي من البطالة بسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة".
وأوضح العقابي أن "مصفى كربلاء الحكومي وحده يعمل فيه أكثر من 15 ألف عامل أجنبي من أصل 18 إلف عامل، ما يعني إن العاملين العراقيين لا يشكلون سوى 15% وهو رقم كارثي".
ولم تعلق حكومة مصطفى الكاظمي بالنفي أو التأكيد حول وجود هذا العدد من العاملين الأجانب في العراق، لكن مسؤولا في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فضل عدم الإفصاح عن هويته، قال لـ"العربي الجديد" إن "عدد العاملين الأجانب في زيادة لكن الرقم الذي تحدث عنه النائب مبالغ به جدا ولا أساس له".
وأضاف المسؤول أن العاملين الأجانب وأغلبهم في قطاع النفط والإنشاءات بضع مئات آلاف وليس مليون والوزارة أطلقت فعليا برنامجا لبدء حصر عددهم وإنشاء قاعدة بيانات متكاملة حول العاملين وتخصصاتهم، خاصة أن هناك من بينهم من دخل بصفة نازح كما في الحال مع السوريين وانخرطوا في سوق العمل أيضا.
وتابع أن "وزارة العمل لديها 24 مكتبا مرخصا لاستقدام العمالة الأجنبية وفق الشروط والتعليمات التي وضعتها الوزارة، في حين توجد مئات المكاتب الأخرى غير المسجلة تعمل على استقدام العمالة الأجنبية إلى العراق"، مشيرا إلى أن أكثر من 30% من العمالة الأجنبية دخلت إلى العراق بطرق غير رسمية بالتعاون مع أصحاب المكاتب، لا سيما وأن أغلب هذه المكاتب تابعة أو مدعومة من أحزاب سياسية وفصائل مسلحة وشخصيات متنفذه في الحكومة العراقية.
وأشار المسؤول إلى أن جميع هذه المكاتب غير المرخصة تستقطب عمالا غير ماهرين وليس لديهم أي اختصاص، في حين يوجد في العراق الآلاف من حملة الشهادات وأصحاب الاختصاص في مختلف المجالات لم يحصلوا على فرصة عمل، داعياً وزارة الداخلية إلى متابعة هذه المكاتب والعمل على إغلاقها وتسفير العمالة الأجنبية الوافدة بطرق غير رسمية.
ومن جانبه، قال رئيس الاتحاد العراقي لنقابة العمال، وليد نعمة، لـ"العربي الجديد" إن "من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع العمالة الوافدة من الخارج هو تعامل أصحاب القرار في الحكومة والمؤسسات الرسمية مع تلك العمالة رغم أن بعضها تدخل بطرق غير شرعية".
وبيّن نعمة أن "عدد العمالة الوافدة إلى العراق في تزايد لكن لا يوجد رقم يمكن الجزم به سوى أنها مئات الآلاف وأغلبهم يصلون بصفقات تجارية من قبل أصحاب القرار".
ولفت إلى أن "هذا الملف أصبح تجارة رابحة لجهات سياسية نافذة ممن يعملون كمتعهدين في تشغيل العمالة الوافدة ما جعلها تستحوذ على أكثر من 80% من سوق العمل العراقي في بعض المجالات بالقطاعين العام والخاص".
وأشار إلى أن أغلب العمالة الوافدة إلى العراق تدخل من المنافذ الحدودية التابعة لإقليم كردستان، داعياً الحكومة العراقية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى التعاون مع نقابات العمال والجهات المختصة في هذا الشأن للسيطرة على ظاهرة تدفق العمالة الوافدة التي زادت من نسبة البطالة في العراق".
وحسب آخر الإحصائيات التي أصدرتها وزارة العمل الاجتماعية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يبلغ عدد العاطلين عن العمل في العراق نحو 1.6 مليون، بفئات مختلفة، بينهم أعداد كبيرة من حملة الشهادات العليا.
ووفقاً لإحصائيات أممية، فإنّ أكثر من 45 ألف شخص يتخرجون سنوياً في الجامعات والمعاهد بالعراق، وفي سنة 2019 وحدها كان هناك نحو 50 ألف خريج، وتم تعيين نحو 2000 فقط من هذا العدد.
وفي سياق ذلك، قال الخبير الاقتصادي، علي الفريجي، في حديث مع "العربي الجديد" إن "سوق العمل يعاني من فوضى كبيرة، وذلك لعدم وجود توازن ما بين العمالة الأجنبية ونظيرتها المحلية التي تعاني من سيطرة الأجانب على النسبة الكبرى من فرص العمل في العراق وخصوصاً في القطاع الخاص.
وبيّن أن "الظروف غير المستقرة في العراق، أفسحت المجال أمام الشركات والمكاتب لإدخال العمال الأجانب بأي شكل من الأشكال دون خضوعها لأي معيار اقتصادي أو إداري بشكل سليم، ما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة سنوياً".
وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد المهنا، قد أعلن في وقت سابق عن نية الحكومة تسفير أعداد كبير من العمال الوافدين بطرق غير قانونية، مشيراً إلى إن قانون العمل في العراق غير مطبق بشكل صحيح حيث إن القانون مطبق على 4000 آلاف عامل مسجلين بقانون الضمان الاجتماعي بينما مليون ونصف عامل غير مسجلين لغاية اللحظة.