يمرّ اقتصاد العالم بفترة عصيبة، حيث تتجمع عدة أزمات في توقيت واحد، تضخم جامح، نتائج كارثية لجائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا، رفع البنوك المركزية العالمية سعر الفائدة بدرجات قياسية، نزوح الأموال من الأسواق الناشئة والدول النامية، انكماش اقتصادي قد يفضي إلى ركود تضخمي يأكل الأخضر واليابس.
تفاقم أزمة الدين العام للدول، حالات إفلاس بين الدول، دول يصيبها التعثر وتضع يدها على أموال المودعين كما هو الحال في لبنان، حكومات تبحث فرض ضرائب على أرباح الودائع واستهلاك الوقود وزيادة ضريبة القيمة المضافة، وأخرى تفشل في الحصول على قروض خارجية مع زيادة المخاطر الجيوسياسية والمالية.
وسط كلّ هذه الأزمات الاقتصادية المتلاحقة يقف الأفراد، أصحاب الأموال والمدخرات، حائرين مع الانهيار الجاري في الأصول الخطرة والعملات الرقمية وبعض العملات التقليدية.
ما الذي يجب أن يفعله صاحب المال حتى لا تتآكل أمواله وتتبخر بسبب التضخم وسعر الفائدة السلبية؟
يسأل كثيرون منهم: ماذا نفعل في ظل تلك الأزمات المتلاحقة التي لا تتوقف، ما الذي يجب أن يفعله صاحب المال حتى لا تتآكل أمواله وتتبخر بسبب التضخم وسعر الفائدة السلبية الذي بات السمة الرئيسية في معظم بنوك العالم؟ وكيف نحافظ على القدرة الشرائية أمام غول قفزات الأسعار؟
وجاءت الإجابة: "استثمروا في الأصول والذهب، ولا تحتفظوا بالسيولة النقدية في وقت الأزمات، كما يعدّ امتلاك سيارة، أو أجهزة معمرة وكهربائية، أو حتى أصول فنية ولوحات، خياراً جيداً في أوقات التضخم".
هذه هي أهم نصيحة يقدمها أصحاب الثروات للمدخرين وأصحاب الأموال، والأصول كثيرة، شراء أراضٍ وعقارات سواء منزل أو وحدات سكنية، حيازة أسهم في شركات رابحة تدر عوائد سنوية، شراء ذهب وفضة وغيرهما من المعادن النفيسة.
أما السيولة النقدية فإنّ النصيحة هي الابتعاد عنها مؤقتاً في الدول التي تشهد قفزة في الأسعار، لأنّ التضخم يأكلها يوماً بعد يوم خاصة إذا ما حصل المدخر على سعر فائدة عن أمواله المودعة في البنوك يقل عن معدل التضخم السائد في السوق، أو تراجعت قيمة العملة التي يستثمر بها أمواله.
من بين هؤلاء إيلون ماسك، أغنى أثرياء العالم، إذ يمتلك ثروة تفوق 280 مليار دولار، والذي يقدم نصيحته على النحو التالي: "كمبدأ عام، من الأفضل عموماً امتلاك أشياء مادية مثل منزل أو أسهم في الشركات التي تعتقد أنها تصنع منتجات جيدة، بدلاً من العملات عندما يكون التضخم مرتفعاً".
النصيحة هي الابتعاد عن السيولة في الدول التي تشهد قفزة في الأسعار، لأنّ التضخم يأكلها إذا ما حصل المدخر على سعر فائدة سلبي
ماسك نبّه أيضاً إلى أهمية امتلاك عقار على الأقل، وهي التي أثبتت فاعليتها، وكذا الأراضي الزراعية خلال سنوات التضخم المرتفع.
أمّا هؤلاء الذين لا يستطيعون شراء عقار، فإنّ موقع "ياهو فاينانس" الشهير ينصح بشراء أسهم في شركات عقارية، سواء التي تقوم بالتأجير أو التي تبيع للراغبين في امتلاك مسكن.
نصيحة أخرى تأتي من الملياردير الأميركي راي داليو، الذي يرى أنّ الاحتفاظ بالكثير من الأموال نقداً قد لا يكون من الحكمة هذه الأيام في ظل ارتفاع التضخم. ولذا ينصح بالابتعاد عن حيازة "الكاش"، قائلاً إنّ الأسهم تبدو في وضع أسوأ من "الكاش".
وداليو لمن لا يعرفه هو مؤسس "بريدج ووتر Bridgewater Associates" أكبر صندوق تحوط في العالم، وقد تنبأ بالأزمة المالية العالمية في العام 2008، ثم توقع سنوات من الضغوط المالية على الاقتصاد الأميركي بسبب جائحة كورونا، وهو يرى أنّ "النقد ليس استثماراً آمناً، وليس مكاناً آمناً لأنّ ضرائب ستُفرض عليه، بسبب التضخم"، وأنّ القوة الشرائية للنقد تتعرّض لضربة كبيرة بسبب ارتفاع الاسعار، وأنّ على المستثمرين عدم الاحتفاظ بالسيولة النقدية خلال فترة تسارع التضخم، وأنّ بديل الأسهم و"الكاش" هو الأصول الحقيقية مثل العقارات والذهب والمعادن.
ساويرس يرى أنّ الذهب لا يزال ملاذاً آمناً جيداً، في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والضغوط التضخمية والأزمات التي يعاني منها العالم
أما النصيحة الثالثة فقد جاءت من الملياردير المصري نجيب ساويرس الذي يرى أنّ الذهب لا يزال ملاذاً آمناً جيداً، في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الحالية والضغوط التضخمية والأزمات التي يعاني منها العالم في الوقت الحالي، وأن الذهب لا يمكن مقارنته بأي نوع آخر من الأصول مثل الأسهم والبيتكوين، بل ويذهب إلى القوب بإن الذهب والعقارات هما الوسيلة الأفضل للتحوط في مواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة.
ماسك وداليو وساويرس يمتلكون ثروات تزيد عن ميزانيات عدة دول، ويديرون أموالاً تفوق احتياطيات الدول العربية مجتمعة إذا استبعدنا ثروات دول الخليج، ولذا يجب الاستماع إلى نصائحهم جيداً.