أبرمت الحكومة اليمنية في عدن مذكرة تفاهم مع الإمارات تسمح باستثمار الدولة الخليجية في مشروعات قطاع الاتصالات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة التي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة لها.
وكشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أنه جرت إحالة ملف مذكرة التفاهم بعد الموافقة عليها إلى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وتكليفها بالتنسيق مع الجهات المعنية بمتابعة واستكمال الإجراءات اللازمة لصياغة اتفاقيات المشروع الفنية والقانونية.
وأشارت المصادر إلى أن الإمارات تستهدف إنشاء شركة للهاتف النقال يتركز عملها في عدن والمناطق الخاضعة لإدارة الحكومة المعترف بها دولياً، فضلا عن تقديم خدمات الإنترنت ومشاريع أخرى لتطوير منظومة الاتصالات والكابلات البحرية، ومركز الملاحة الجوية والبنى التحتية للمطارات والموانئ اليمنية.
ويتخوف البعض من تمرير صفقات تحت ضغط المأزق المالي الكبير الذي تواجهه الحكومة اليمنية، وفق الخبير الاقتصادي مراد منصور، الذي قال في تصريح "العربي الجديد"، إن "ما تم الحديث عنه مراراً وتكراراً طفى الآن على السطح على ما يبدو، نتيجة ضغط كبير تتعرض له الحكومة اليمنية ودفعها للموافقة على هذه الاتفاقيات والمشاريع الاستثمارية بطرق غير واضحة ولا تخضع لأي معايير واعتبارات قانونية تنظم عملية الاستثمار في اليمن".
وأضاف أن "ما يحدث هو استغلال لحاجة الحكومة اليمنية للودائع من الدولار، التي جرى الإعلان عنها عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في إبريل/ نيسان من العام الماضي".
لكن مصادر حكومية أشارت إلى أن "هناك حاجة إلى تنويع وجذب الاستثمارات لقطاع الاتصالات، في إطار الاصلاحات الحكومية في هذا القطاع الإيرادي الواعد الذي يستأثر الحوثيون بمجمل إيراداته، إلى جانب العمل على تفعيل الشراكات والاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية المطلوبة لتحسين الخدمات وتعزيز قدراتها على مواكبة المتغيرات والاحتياجات المجتمعية المتزايدة".
ويعيش اليمن على وقع تجاذبات وصراع طاحن يشهده قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وتركزه بشكل كبير على شركات الهاتف النقال وخدمات الإنترنت التي تقدمها والاستثمارات الجديدة التي بدأت بالتسلل أخيراً إلى هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر من الموارد الرئيسية في البلد الذي دخل منذ منتصف العام الماضي في حالة "لا حرب ولا سلم".
وتشهد مختلف خدمات الاتصالات تدهوراً كبيراً في عدن تحديداً ومختلف المناطق التابعة للحكومة اليمنية التي قامت جهات محسوبة عليها في منتصف العام الماضي بإيقاف المراكز التابعة لشركة الاتصالات الجديدة "يو" التي استحوذت على الشركة السابقة "إم تي إن" الجنوب أفريقية قبل انسحابها من اليمن، الأمر الذي أدى إلى انقطاع وتوقف الخدمة عن مشتركي الاتصالات في هذه الشركة الذين يزيد عددهم على 700 ألف مشترك في العاصمة المؤقتة للحكومة حتى الآن.
وكانت شركة "إم تي إن" قد أعلنت في نهاية عام 2021 مغادرتها اليمن بشكل نهائي والانسحاب من العمل، بالتوازي مع الإعلان عن استحواذ شركة استثمارية عمانية على هذه الشركة. كما أعلنت مجموعة استثمارية يمنية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في فعالية نظمتها في مدينة عدن، جنوب اليمن، عن استحواذها على إدارة وتشغيل شركة "واي" للهاتف النقال التي أنهت سلطة صنعاء عملها بصورة غامضة قبل أكثر من عام.
وقال الخبير في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات أمجد سالم، لـ"العربي الجديد"، إن تردي خدمات الاتصالات في مختلف المناطق يرجع إلى دخول القطاع في دائرة الصراع بين أطراف النزاع.
وكان وزير الاتصالات وتقنية المعلومات اليمني، نجيب العوج، قد أثار جدلاً كبيراً خلال العام الماضي بكشفه في تصريحات صحافية عن اعتزام وزارته إطلاق صفر دولي جديد للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية لا يخضع لرقابة الحوثيين، إضافة إلى تأكيده أمام البرلمان اليمني الذي عقد جلسات مقتضبة عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وعودته إلى عدن في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، أن مؤسسات الاتصالات ليست منزلاً حتى يتم نقله بسهولة وأنها عبارة عن استثمارات ويجب أن تكون هناك بيئة حقيقية وسليمة لنقلها من مناطق سيطرة الحوثيين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية.