يبدو أن أزمة غاز الطهو ترخي بظلالها على أهالي السويداء السورية، فكثير من المطاعم تعتذر عن تقديم العديد من الوجبات جراء عدم توفر الغاز، في حين أغلقت مطاعم ومخابز أبوابها منذ أيام.
وأصبح كثير من المصالح الأخرى مهددا بالتوقف عن العمل، وتبقى معاناة العائلات أكبر مع افتقادها للغاز وسيلة الطهي شبه الوحيدة حالياً.
وفي جولة لـ"العربي الجديد" بالأسواق، يقف المواطن أبو أسامة أمام مطعم وجبات سريعة مقابل المشفى الوطني، يسأل البائع إن كان لديه ساندويش بطاطا أو شاورما، وهي اليوم أرخص أنواع الساندويش في مطاعم الوجبات السريعة، إلا أن الأخير يعتذر منه قائلا: "للأسف أخي، ليس لدينا إلا ساندويش سجق وشيش طاووق، فليس لدينا غاز كاف للشاورما".
وتابع التاجر: "كما أريد أن أخبرك أن ثمن الساندويش مرتفع قليلا، لأن أسطوانة غاز الطهو التي لدينا جلبناها من السوق السوداء".
هناك مطاعم لم تستطع حتى تأمين غاز من السوق السوداء، الأمر الذي تسبب بفقدان العديد من العمال لأعمالهم، في وقت يشكو فيه المواطنون بمناطق سيطرة النظام من سوء الأوضاع المعيشية
ليس هذا هو المطعم الوحيد الذي خفّض حجم عمله هذه الأيام، فهناك مطاعم لم تستطع حتى تأمين غاز من السوق السوداء، الأمر الذي تسبب بفقدان العديد من العمال لأعمالهم، في وقت يشكو فيه المواطنون بمناطق سيطرة النظام السوري من سوء الأوضاع المعيشية جراء ضعف القيمة الشرائية لليرة السورية وضعف الدخول وغلاء الأسعار.
وحسب أبو عادل حمزة، صاحب مطعم وجبات سريعة، لـ"العربي الجديد"، فإن "الوضع كارثي إذ أدى فقدان غاز الطهو إلى توقف أعمالنا، وقد بدأت الأزمة قبل نحو 20 يوما، حيث تأخر دورنا في تسلم مخصصاتنا من الغاز إلى أن بدأت تمضي الأيام ولم نتسلم أي أسطوانة.
ويضيف حمزة: في ذات الوقت الذي تشهد فيه الأسواق ندرة لأسطوانات غاز الطهو شهدت الأسعار في السوق السوداء ارتفاعا كبيراً، فسعر الأسطوانة الرسمي هو 4700 ليرة في حين وصل سعرها في السوق السوداء إلى نحو 75 ألف ليرة (الدولار = نحو 3200 ليرة سورية)"، أي أن سعر الأسطوانة تضاعف نحو 15 مرة.
وأضاف صاحب المطعم أنه "لم تعد الأسعار منطقية أبدا مع دخول الناس، فقد شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا كبيرا خلال الشهر الفائت عقب رفع سعر الديزل والخبز والأعلاف، كل ذلك ينعكس على الحركة في السوق، فغالبا من يقدم على شراء وجبة طعام جاهزة إما مضطرا أو لديه احتفالية خاصة، حتى أنا أستغرب عندما يدخل أحد إلى المحل ويطلب وجبة طعام، في ظل الأسعار المرتفعة، وفي المقابل ليس لدي خيار تخفيض الأسعار في ظل غلاء المواد الأولية وارتفاع التكلفة".
من جانبه، يتوقع أبو عماد مهنا، صاحب محل ألبان وأجبان، أن يتوقف عن العمل خلال اليومين القادمين إن استمرت أزمة نقص الغاز الحالية، قائلا لـ"العربي الجديد": "لم أترك باباً إلا وطرقته من أجل الحصول على مخصصات غاز، ورغم الواسطة لم أستطع أن أحصل على حصة غاز بشكل دوري، ولا يمكن أن أشتري أسطوانة غاز من السوق السوداء، وإلا سوف تصبح أسعار الألبان والأجبان فلكيه، ولن يقدم أحد على شرائها".
وأضاف مهنا: "المخبز الذي يجلب لي خبز الصاج متوقف عن العمل منذ عشرة أيام، ويعيش من هذا المخبز 10 عائلات على الأقل، أي أن الأمور تزداد سوءاً في ظل غلق أبواب رزق أخرى، ليزداد الناس فقرا وعوزا".
ليس حال عائلة أبو مهاب زينية أفضل، فمنزلهم منذ أسبوع لا يوجد فيه غاز طهو.
وقال أبو مهاب زينية لـ"العربي الجديد": "كل 60 يوما يحق للعائلة أن تحصل على أسطوانة غاز، اليوم مضى علينا 80 يوما ولم أتسلم رسالة الحصول على تلك الأسطوانة، نحاول الاعتماد على طباخ الكهرباء إلا أن طول ساعات التقنين (انقطاع الكهرباء) لا يعطينا هذه الفرصة، لذلك لا نستفيد منها".
وأضاف أن "أحدهم عرض علي أسطوانة غاز قبل أيام بـ50 ألف ليرة، وهو يعتبر اليوم سعرا منخفضا بالسوق السوداء، واحتجت نحو ساعتين حتى أمنت المبلغ، عندما اتصلت بالشخص صاحب الأسطوانة قال لي إنه تم بيعها، واليوم إذا وجدت شخصا يحمل أسطوانة غاز في الشارع سيحصل على عشرات العروض لشرائها، وكأنه بازار يتسارع كل شخص لدفع مبلغ أكبر، والمشكلة أنه غالبا ما تكون الأسطوانة فارغة فتجد حاملها يقسم للناس أنها فارغة ولا أحد يصدقه".
تعاني سورية من أزمة وقود خانقة أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتعتمد البلاد في توفير معظم الاحتياجات المحلية من الوقود على الاستيراد من الخارج في ظل تهاوي إنتاج النفط
من جانبها، أفادت مصادر مطلعة "العربي الجديد" بأن سبب أزمة الغاز هو نقص كمية توريدات مادة الغاز السائل من دمشق، في حين ليس لدى القائمين على مؤسسة الغاز في المحافظة أي معلومات حول موعد انفراج الأزمة الحالية. كما تعاني سورية من أزمة وقود خانقة أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وتعتمد سورية في توفير معظم الاحتياجات المحلية من الوقود على الاستيراد من الخارج في ظل تهاوي إنتاج النفط بسبب الحرب الدائرة في البلاد.