ارتفاع الضغوط التضخمية في ليبيا... تصاعد الغلاء يرهق المواطنين

12 نوفمبر 2021
تزايد معاناة المواطن الليبي بسبب الأسعار (Getty)
+ الخط -

تشكل الضغوط التّضخمية في ليبيا صداعاً رسمياً وشعبياً، بعدما أصبح الغلاء سمة ملازمة لحياة المواطن الذي يشكو من عدم قدرته على توفير معظم احتياجاته الأساسيّة نتيجة النوبات المتسارعة في زيادة أسعار السّلع خاصّة خلال الفترة الأخيرة.

تصف سمية الزناتي (42 عاماً) وضعها المعيشي بأنه "لا يطاق". تقول لـ "العربي الجديد إنها تعيل خمسة أبناء بعد وفاة زوجها، وتعمل ممرضة في مستوصف حكوميّ وراتبها الذي لا يتعدى 750 دينارا (الدولار يساوي 4.48 دنانير) شهريّا لا يكفيها لشراء السلع الأساسيّة فقط، لذلك تقوم بتصنيع المعجنات والفطائر لبيعها في المحلات التّجاريّة، حيث إن معدّل إنفاقها الشهري يصل إلى 1700 دينار.

من جانبه، يؤكد معلّم اللغة العربيّة محمد الماي لـ "العربي الجديد" أن هناك زيادات على رواتب قطاع التّعليم، لكن عند مقارنتها بارتفاع الأسعار فهي ما زالت قليلة جدّا.

فيما يعتبر حسن الشريف موظف بشركة الخدمات العامة، أن تخفيض قيمة العملة مطلع العام الحالي بنحو 70 في المائة تسبّب في ارتفاع الأسعار وظلّ الحدّ الأدنى للأجور عند 450 ديناراً، وهو ما لا يكفي لتوفير حياة كريمة.

ومن سوق الكريميّة أكبر تجمّع تجاريّ في ليبيا، يقول التاجر في سوق الجملة علي العبيدي لـ "العربي الجديد" إن أسعار السلع الأساسيّة زادت كثيراً، منها الأرز المصريّ والإسبانيّ، بالإضافة إلى معجون الطّماطم والسكّر وزيت الطّعام. ويرد ذلك إلى المضاربات في السوق من الشّركات الموردة بالتّعاون مع بعض السماسرة لتحقيق الربح السريع.

ويقول مدير الإدارة التّجارية لوزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنيّة مصطفى القدار لـ "العربي الجديد" إن الحكومة لن تصمت عن الغلاء، وسوف تتدخل لكبح جماح الأسعار ووضع تسعيرة جبرية مؤقتاً على بعض السلع.

ويرجح مدير مركز أويا للدّراسات الاقتصاديّة دكتور أحمد أبولسين أنّ ارّتفاع الأسعار في ليبيا مرتبط بصعود الأسعار العالميّة بعد جانحة كورونا، بالإضافة إلى انخفاض الدّخول الحقيقيّة للأفراد بعد تخفيض قيمة العملة، إذ أصبحت القوّة الشّرائيّة للدّينار ضعيفة.

ويوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أنّ الحكومة تركت السّوق للمضاربات، وما لذلك من تأثيرات كبيرة على مستوى زيادة الفقر بالبلاد. ويضيف أنّ المطلوب تدخّل الجهات الرّسميّة لانتهاج جملة من التّدابير والإجراءات والسياسات الاقتصاديّة لمعالجة الاختلالات، وإعادة النّظر في القيمة التّعادليّة للدينار اللّيبيّ وإزالة التّشوّهات في الأسعار.

ويقول الباحث الاقتصاديّ سامي ساسي إنّ الاقتصاد اللّيبيّ صغير نسبيّا ومنفتح على الخارج بشكل كبير، وإن جلّ التّضخم الموجود في السوق مستورد، وذلك نظير ارتفاع أسعار السلع عالميا، فيما ليبيا تستورد 85 في المائة من احتياجاتها من الخارج. ويؤكد في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن هناك فوضى الأسواق فالتسعيرة الرسمية غائبة، وكل تاجر أو مورد يقوم بالتّسعير كيفما يشاء، وسط غياب كامل لوزارة الاقتصاد والجهات الرّقابيّة. ويلفت إلى أن الأسعار ترتفع بما يزيد عن 35 في المائة شهرياً.

المساهمون