ارتفاع قيمة الإيرادات غير النفطية: فرصة لتخفيف عجز الموازنة العُمانية

15 يناير 2023
زيادة النشاط الاقتصادي غير النفطي أثرت إيجاباً على الأعمال التجارية (الأناضول)
+ الخط -

توازٍ دال كشفته أرقام الموازنة العامة لسلطنة عُمان لعام 2023 بين العجز المتحوط منه والإيرادات غير النفطية، إذ سجل كل منهما قيمة 3.3 مليارات دولار، ما يؤشر إلى تنامي أهمية القطاع غير النفطي لاقتصاد السلطنة.

ورغم التحوط من توقعات منخفضة لسعر النفط، إلا أن التقرير السنوي لمجموعة "أوبار كابيتال" أكد أن الاقتصاد العماني أكثر مرونة الآن مقارنة بفترة انخفاض أسعار النفط في 2014-2016، مرجعا ذلك إلى الجهود الرامية إلى تنويع مصادر الإيرادات الحكومية بعيدًا عن الهيدروكربونات، حسبما أوردت صحيفة الرؤية العمانية. 

وبحسب التقرير الصادر حديثا، فإن الاقتصاد العماني واصل مسار التعافي خلال عام 2022، مدعومًا بارتفاع الإيرادات غير الهيدروكربونية مثل ضريبة القيمة المضافة، مشيرا إلى تسجيل السلطنة فائضا ماليا بقيمة بلغت 1.146 مليار ريال (2.98 مليار دولار)، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022، مقارنة بالعجز المالي في العام الماضي، على الرغم من ارتفاع الإنفاق بنسبة 9.5% على أساس سنوي خلال نفس الفترة.

تأثيرات إيجابية

ورغم أن فائض موازنة 2022 يعود بالأساس، حسب دليل وزارة المالية العمانية الصادر في مطلع الشهر الجاري، إلى ارتفاع متوسط أسعار النفط إلى نحو 94 دولاراً للبرميل، مقارنة بسعر البرميل المعتمد في الميزانية وهو 50 دولاراً للبرميل، وارتفاع إيرادات النفط بنسبة 66%، وإيرادات الغاز بنسبة 29%، إلا أن رقم عجز الموازنة والإيرادات غير النفطية قدم دلالة على ما يمثله القطاع غير النفطي من قيمة في موازنة 2023.

وفي السياق، أورد تقرير "أوبار كابيتال" أن الزيادة المستمرة في النشاط الاقتصادي غير النفطي أثرت إيجابًا على الأعمال التجارية، مشيرا إلى أن الشركات المدرجة في بورصة مسقط سجلت زيادة في صافي أرباحها خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 على أساس سنوي بلغت حوالي 9%، بدعم كبير من قطاعي الخدمات المالية.

ولذا أعلنت وكالة "موديز" تغيير النظرة المستقبلية لتصنيف عُمان الائتماني إلى "إيجابي" من "مستقر" في أكتوبر/تشرين الثاني 2022.

وبالحفاظ على مستوى مستقر للإيرادات النفطية على الأقل، يمكن لعُمان سد فجوة عجز الموازنة، في ظل إعلان وزارة المالية احتساب متوسط سعر برميل النفط بنحو 55 دولارًا فقط في موازنة 2023، بما ينسجم مع مبدأ التحوط من تذبذب الأسعار العالمية نتيجة الأحداث الجيوسياسية غير المستقرة، وضبابية التوقعات المستقبلية حول الأداء العالمي للاقتصاد.

حزم تحفيز

وأبدت حكومة عُمان اهتماما خاصا بتحقيق هذا الاستقرار عبر العديد من حزم التحفيز والمساندة لرواد الأعمال، التي ركزت بشكل كبير على دعم الأنشطة القائمة والنهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل نحو 90% من المؤسسات المسجلة في السلطنة، وإعفاء المقترضين من محفظة القروض الطارئة ببنك التنمية العماني بنسبة 100%، وإعفاءات رواد الأعمال حاملي بطاقة ريادة المستفيدين من القروض الطارئة الإضافية والممنوحة من هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسب متفاوتة.

كما أعفت الحكومة العمانية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مـن الرسـوم والغرامات المترتبة على التأخير في سداد القروض المبرمة مع المحفظة الإقراضية (صندوق الرفد سابقا) حتى نهاية 2022، وأجّلت رفع القضايا ضد غير الملتزمين بأحكام بنود اتفاقيات القروض، بالإضافة إلى سدادها مبالغ مستحقة وتنازلها عن بعض الأحكام الصادرة ضد بعض رواد الأعمال العمانيين.

ويعزز من استمرار إسهام الإيرادات غير النفطية في دعم موازنة عمان لعام 2023، إعلان وكيل وزارة المالية "عبدالله الحارثي" مؤخرا، عن توقعات بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 2.9%، حسبما أوردت صحيفة أثير الإلكترونية العمانية.

وتختلف تلك التوقعات عن تقديرات نمو الإيرادات غير النفطية في موازنة 2023، إذ سجلت انخفاضا بنسبة 0.3% عن ما هو معتمد في موازنة 2022، في إطار ذات التحوط الذي اعتمدته حكومة عمان لتقديرات الموازنة بشكل عام، في حين تستند توقعات "الحارثي" إلى تقدير أكثر ارتباطا باستقرار الأسعار على مدى نصف العام الماضي وحتى يناير/كانون الثاني الجاري، سواء بالنسبة للإيرادات النفطية أو غير النفطية.

تريث في تطبيق ضريبة الدخل

اختلاف التقدير ذاته بين تشاؤم التحوط والتفاؤل المبني على أرقام موازنة العام الماضي يقف وراء إعلان وزير المالية العماني "سلطان بن سالم الحبسي" التريث في تطبيق الضريبة على الدخل عام 2023.

ففي حال استمرار سيناريو ارتفاع أسعار النفط والغاز، لن تُقبل الحكومة السلطانية على تطبيق الضريبة، حسبما نقلت صحيفة الشبيبة العمانية عن "الحبسي"، موضحا: "لن نحتاج لتطبيق ضريبة الدخل، إن ساعدتنا وأسعفتنا أسعار النفط، ونتمنى أن تظل أسعار النفط في تحسن".

وأشار وزير المالية العماني إلى أن ضريبة القيمة المضافة كان مقدرا لها الارتفاع من 5% إلى 10%، لكن ذلك لن يحدث حال استمرار ارتفاع الإيرادات النفطية وتحقيق فائض في الميزانية كما جرى في عام 2022.

وحقق هذا الفائض العديد من الفوائد لسلطنة عمان، منها تسديد 2.4 مليار ريال (6.24 مليارات دولار) من الدين العام، وبالتالي انخفض هذا الدين من 20.8 مليار ريال (54.08 مليار دولار) في بداية 2022 إلى 18.4 مليار ريال عماني (47.84 مليار دولار) في بداية 2023.

المساهمون