يؤكد عدد من المراقبين والمتابعين للشأن المصري أن المواطن هو من سيتحمل فاتورة ارتفاع أسعار النفط عالميًا، في ظل تراجع الدعم الحكومي تنفيذًا لأوامر صندوق النقد الدولي.
ويلفت هؤلاء إلى زيادة أسعار الوقود التي تنعكس بدورها على أسعار السلع والخدمات، بالإضافة لارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، إذ إن مصر تستورد 60 في المائة من هذه الاحتياجات من الخارج.
ويتوقع الدكتور عبد النبي عبد المطلب، الخبير الاقتصادي، أنه في حال استمرار ارتفاع أسعار النفط عالميًا، فستستغل الحكومة المصرية هذا الارتفاع لتحميل المواطن مزيدًا من الأعباء، خاصة أنها تحتكر بيع هذه المنتجات، لافتًا إلى أنه مع تحسن الميزان البترولي، فإن تأثير هذه الارتفاعات ستكون آثاره محدودة على موازنة النقد الأجنبي المصري.
ويرى عبد المطلب أن الحكومة لديها عدة بدائل لمواجهة هذه الأزمة، منها إحلال الغاز الطبيعي بديلًا للبوتاغاز الذي تستورد الحكومة نصف احتياجاتها منه، أما السولار فالإنتاج المحلي يكفي 70 في المائة من الاستهلاك المحلي، ويمكن تقليل هذا الفارق من خلال ترشيد الاستهلاك والتوسع في إحلال الغاز الطبيعي.
ويشير إلى أن قرار الحكومة إجراء تعديلات على الموازنة العامة عقب ارتفاع أسعار الطاقة سيتوقف على خطتها للتنمية، إذ إنها تستطيع الحفاظ على أسعار السولار للمصانع لضمان استقرار أوضاع القطاع الصناعي في مصر، حتى وإن أتى ذلك على حساب زيادة دعم الوقود المقدم للقطاع الصناعي، وكذلك يمكن أن توائم بين النفقات والإيرادات في الموازنة العامة من خلال العمل على زيادة الإنتاج، وبالتالي زيادة الأرباح، وهو ما يزيد من قيمة الوعاء الخاضع للضريبة.
ويوضح أن أزمة ارتفاع المنتجات البترولية ستنعكس بشكل أساسي على أسعار الغذاء عالميا، وبالتالي، ستكون من أهم المشاكل التي ستواجه الحكومة، خاصة في ظل استيراد أكثر من 60% من الاحتياجات الغذائية، مطالبًا بتطوير إدارة ملف إنتاج مصر الزراعي عن طريق ضبط تركيبة المحصول بهدف توفير السلع الغذائية المطلوبة للسوق المصري.
ويعزو الدكتور حسن الشاغل، الخبير في اقتصاديات الطاقة، ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا لعدة أسباب، منها نقص المعروض من الغاز لدى دول الاتحاد الأوروبي بسبب تراجع ضخ الغاز الروسي، وذلك بالتزامن أيضًا مع توقف خط إمداد الغاز الجزائري لأوروبا عن طريق المغرب، وهو ما أدى إلى اتجاه بعض الدول لشراء النفط والفحم الحجري، ما انعكس على ارتفاع أسعار الطاقة.
ويضيف أنه أيضًا من الأسباب الأخرى إعلان العديد من مراكز التنبؤات بالطقس توقعاتها بقدوم شتاء قاس، بالإضافة لارتفاع تكاليف النقل والشحن.
ويتابع الشاغل: "من الطبيعي أن ترتفع تكاليف المعيشة عالميًا جراء ارتفاع هذه الأسعار، وخاصة لدى الدول النامية الفقيرة، ومنها، على سبيل المثال في منطقتنا العربية، سورية التي تصل نسبة الفقر فيها إلى حوالي 82 في المائة ولبنان 70 في المائة، وهذ الارتفاعات ستشكل ضغطًا على هذه الحكومات، خاصة أنها تعاني من مشكلة في تأمين النقد الاجنبي اللازم لشراء الطاقة".
واعترف الدكتور محمد معيط، وزير المالية المصري، بارتفاع أسعار بعض السلع في مصر نتيجة ارتفاعها عالميًا، كالقمح وزيت الطعام وفول الصويا، والمواد بترولية والغاز الطبيعي، بخلاف ارتفاع أسعار تكلفة سلسلة الإمداد والنولون والشحن.
وكشف معيط في تصريحات إعلامية أن مصر عانت من عدة أزمات متتالية، منها تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي وبعدها هجرة الأموال من الأسواق الناشئة وتلتها أزمة كورونا، ثم الاقتصاد المضطرب في العالم الآن.
وكان مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد طلب، في اجتماعه هذا الأسبوع مع وزراء المالية والتموين والزراعة والبترول، وضع سيناريوهات لهذه الأزمة العالمية، لمواجهة التداعيات على الأسواق المصرية، ووضع محددات للتعامل معها للتخفيف من حدتها، مشددًا على ضرورة توافر السلع الاستراتيجية.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر ارتفاع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية مسجلًا 8 في المائة لشهر سبتمبر/أيلول2021، مقابل 3.3 في المائة خلال نفس الشهر من العام الماضي 2020.
وأظهرت بيانات الجهاز ارتفاع أسعار الإنفاق على الطعام والشراب على أساس سنوي بنسبة 13.1 في المائة، نتيجة ارتفاع أسعار الخضروات 18.1 في المائة والزيوت والدهون 18.3 في المائة والفاكهة 14.3 في المائة واللحوم والدواجن 13.8 في المائة والألبان والجبن والبيض 8.3 في المائة.